من المفارقات العجيبة أن تتحول المخاوف من خطورة "الألعاب الإلكترونية" على فئة الأطفال جراء تأثيرها المباشر على عقولهم وتأخر النمو الطبيعي لديهم؛ إلى فئة المراهقين وحتى البالغين من الشباب، إذ يقضي نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب أوقاتهم أمام شاشات هواتفهم الذكية لخوض معارك افتراضية عبر تلك الألعاب.

الخطورة التي يخشاها الجميع لم تعد ناتجة من الآثار "الجسدية" المعروفة، وإنما من خطر تقمص الشخصيات الإجرامية المفترضة داخل هذه الألعاب، واستحسان الجريمة والقتل التي يدور حولها سيناريوهات هذه الألعاب. خطر آخر ربما يكون هو أكثر ما يقلقنا جميعاً.. الخطر يكمن في استخدام هذه الألعاب الإلكترونية من قبل الجماعات الإرهابية، واعتمادها كوسيلة للتواصل، ومصيدة للعثور على "شباب" لديهم الاستعداد الكامل لممارسة "هواية القتل" التي ساعدت تلك الألعاب بتنميتها وتوظيفها بالطريقة التي يبحث عنها تنظيم إرهابي مثل "داعش" والذي عمد مؤخراً إلى استخدام الألعاب الإلكترونية للتواصل بين عناصره هرباً من وسائل التواصل التقليدية التي يعتقد أنها مراقبة وستكشف تنقلات وخطط التنظيم.



"مصيدة" الألعاب الإلكترونية

ولا يقتصر استخدام "داعش" لهذه الألعاب الإلكترونية على التواصل السري حصراً، بل يرى أنها واحدة من أهم الوسائل التي يجند من خلالها التنظيم الإرهابي الأطفال والشباب والالتحاق بصفوف مسلحيهم، كما تشير دراسات اطلع عليها الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة أن بإمكان أن يكرر الأطفال أو الشباب طرق القتل والحرب المعتمدة داخل هذه الألعاب على أرض الواقع، خصوصاً وأن نسبة كبيرة من هذه الألعاب تحاكي أسلحتها الأسلحة الحقيقية المعروفة، والتي يستخدمها داعش في عملياته الإرهابية في العراق وسوريا.

الملفت أن "داعش" استطاع أن يطور الكثير من هذه الألعاب عبر إضافة مجموعة من التعديلات، ومنها تحويل الشخصيات الافتراضية المجرمة في الألعاب إلى شخصيات واقعية تنتمي لداعش، وكذلك استبدال الموسيقى بالأناشيد المعروفة لديها، وإضافة شعارات "الله اكبر" و "صليل الصوارم" و "علم الدولة" وغيرها من الأمور الدعائية الأخرى التي عرف بها داعش.

وتهدف داعش من وراء ذلك "اختراق" عالم الطفولة الذي يعد أرضا خصبة لتلقي الأفكار والممارسات بشكل سريع، وغرس روح العداء داخل الأطفال تجاه أوطانهم، سيما وأن 70% من هذه الألعاب الإلكترونية تحتوي على معارك افتراضية ضد الجيوش النظامية للدول وتعتبرهم أعداء!.

"السيستاني" يحدد الموقف الشرعي من لعبة "Clash of Clans"

يعتقد ان لهذه الأسباب وأسباب أخرى.. حدد مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني موقفه الشرعي من لعبة "Clash of Clans" الشهيرة بعد أن أثارت علامات استفهام كثيرة حولها في الآونة الأخيرة، إذ تلاقي رواجاً واسعاً بين أوساط الشباب والمهتمين بالألعاب الإلكترونية، وبحسب مستخدميها، فأن اللعبة كانت ولا تزال سبباً لصرف الكثير من الأموال وقتل الوقت من قبل نسبة كبيرة جداً من الشباب العراقي.

"معاملة" بيع مراحل اللعبة باطلة!

وبعبارة "البيع غير صحيح" حدد مكتب المرجع الأعلى الموقع الشرعي تجاه صرف الأموال لبيع وشراء "مراحل" هذه اللعبة التي تصل أسعارها احياناً إلى مئات الدولارات.

كما يؤكد هؤلاء المستخدمين أن اللعبة سببت لهم حالة من "الإدمان" وهدر الوقت بلا شعور.

وأكد مكتب السيد السيستاني أنه لم يصدر منه أي "ترخيص" في اصل اللعب بها وعلى المكلف اما ترك اللعب او الرجوع الى فقيه اخر مع مراعاة الاعلم فالأعلم".

فيما اعتبر أن بيع مراحل اللعبة يعد من "المعاملات" الباطلة وغير الصحيحة وعلى الطرف البائع استرجاع المبلغ إلى المشتري.

لقد باتت هذه الألعاب تشكل خطورة بالغة على جميع الفئات في المجتمع، ليس لأن "داعش" عمد إلى توظيف الكثير منها في تمرير أفكاره وحسب، بل لأنها أيضا تعد واحدة من وسائل تسطيح الفكر لدى تلك المجتمعات وبث ثقافة العنف والاقتتال بين أفراده، وقد يكون "تحريم" بيعها أو "عدم إجازة" اللعب وسيلة ناجعة في ظل مجتمع يقدس فتوى الفقيه ويعتبر العمل بها أمراً ملزماً.

تقرير/حسين الخشيمي