تمر اليوم الذكرى الأولى لرحيل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، التي كانت وستظل أيقونة خالدة من أيقونات السينما العربية التي رفدّتها بأكثر من مائة عمل، لاقى أغلبها نجاحا منقطع النظير. بدأ مشوار فاتن مع الفن، وهي في السابعة من عمرها، كان ذلك عام 1938، حين حصلت على دور أمام الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في فيلم “يوم سعيد”، وقد اعتنى هذا الأخير بمنحها دوراً ثانياً في فيلم “رصاصة في القلب”، كما لا بد من ذكر فيلم “ملاك الرحمة” الذي قدمت فيه دور “ثريا” وكان فاتحة خير عليها، كما أنه من الغريب فعلياً ارتباط فاتن حمامة بتقديم أفلام كثيرة عناوينها ترتبط بعالم الملائكة منها: “الملاك الأبيض”، “ملائكة في جهنم”، “كانت ملاكا”، و”الملاك الظالم”. عملت فاتن منذ بداياتها مع كبار المخرجين أمثال هنري بركات ويوسف وهبي والمخرج عز الدين ذو الفقار، وتم تكريسها في دور الفتاة الناعمة الأنيقة والهادئة بعيداً عن الإغراء، غير أنها لم تقع في فخ التكرار، بل كانت تؤدي كل دور بطريقة مختلفة، كما أنها لم تكتف بتقديم أدوار في هذا الإطار فقط، بل قدمت أيضا نماذج أخرى أكثر تعقيداً، فكانت البدوية الساذجة التي تتطور ضمن الأحداث لتصبح امراة ذكية قادرة على أن تنتقم لأختها في الفيلم الخالد “دعاء الكروان”، وكانت الفلاحة البسيطة في فيلم “الحرام” وكانت الفتاة الفقيرة التي تنتقل للعيش مع الطبقة الأرستقراطية في “سيدة القصر” وكانت الفتاة الثرية التي تقع في حب شاب فقير في “صراع في الوادي”، وكانت الفتاة الطيبة في “أيامنا الحلوة”، وكانت الفتاة الشريرة أيضا في “لا أنام”، لتثبت فاتن في كل دور أنها تستطيع خلق شخصية مختلفة بكامل عوالمها المتناقضة التي لا يجمعها سوى شيء واحد: بصمة فاتن حمامة التي طبعت أداءها الاستثنائي وعززت احترام الناس لها وإعجابهم بها. ومع تقدمها في السن، لم تختف فاتن حمامة ولم تختر الابتعاد عن الفن مثلما تفعل أغلب جميلات السينما، بل بقيت في الواجهة وظل الضوء يحيطها من كل جانب، حتى آخر ظهور لها في مسلسل “وجه القمر” عام 2000، تماماً مثلما ظلت قصة حبها مع عمر الشريف محاطة بهالة من التبجيل والإعجاب منذ أول دقة قلب بينهما عام 1954، ليرحلا معا في نفس السنة، حيث غادرت فاتن حمامة الحياة في السابع عشر من يناير/كانون الثاني عام 2015 مخلفة وراءها حزنا كبيراً وفراغاً عميقاً في المشهد الفني الذي سيفتقدها طويلا، مثلما سيفتقدها كل من أحبها أو أحب رقتها واحترامها وموهبتها.