لماذا قد نتذكر أو ننسى الأحلام؟ من الطبيعي أن تكون في خضم حلم مثير، لكنه قد ينتهي فجأة باستيقاظك. في حين قد تبقى ذاكرة الشعور، إلا أن ذاكرة ذلك الحلم تتلاشى فيما بعد. فلماذا يحدث ذلك؟ لماذا قد نتذكر أحلامًا محددة، في حين ننسى أحلامًا أخرى؟
يقول الطبيب النفسي السويسري “كارل جانج”: “الأحلام سلسلة من الصور، والتي على ما يبدو بأنها تكون متناقضة وبلا معنى، لكنها في الحقيقة تنشأ من مواد نفسية قد تحمل معنى واضحًا”.
لماذا قد نتذكر أحلام في حين لا تكون لدينا القدرة على تذكر أحلام أخرى؟ على مر السنوات، وضعت النظريات افتراضات مختلفة لأسباب نسيان أو تذكر الأحلام. وتستند هذه النظريات على مجموعة واسعة من الأدلة، بدءًا من دراسة موجات الدماغ إلى الدافع النفسي وراء الحلم نفسه.
نظرية القمع
“سيجموند فرويد” عالم النفس الشهير، وضع نظرية القمع، فقد رأى أن المحتوى البصري والحسي لمسألة ما في الحلم، هي نتيجة مباشرة لمحاولة الدماغ تحقيق أمنية أو رغبة. وبالتالي، فإن كان الشخص غير قادر على تذكر الحلم، فهذا يعني أن الدماغ حجب العرض، أو لأن الأمنية أو الرغبة كانت عاطفية جدًا بحيث لا يمكن التعامل معها في أنظمتنا، أو لأن الحلم كله أو الرغبة كانت صادمة بعض الشيء. ويرى فرويد، أنه وبنسيان الحلم أراد الدماغ أن يُطبِق على ذاته.
نظرية البروز
وتفترض نظرية البروز أن بعض الأحلام يتم نسيانها لأنها ببساطة ليست مثيرة للاهتمام بما فيه الكفاية. فإن لم يكن هناك أي شيء يُذكر في الحلم، فالدماغ يختار ألا ينفق مزيدًا من الطاقة في حجز مكان له في الذاكرة. وتؤيد ذلك العديد من الدراسات، والتي توصلت لنفس النتيجة. وهناك نقطة مهمة لها علاقة بهذه النظرية، وهي الناقلات العصبية المسئولة عن تحويل الذكريات قصيرة المدى إلى أخرى طويلة المدى يتم قمعها خلال نوم حركة العين السريعة، وقت الحلم. لذلك فإنها تتسبب بعدم الاحتفاظ بذاكرة الحلم.
نظرية التداخل
نظرية التداخل أو التشويش، والمرتبطة بفقدان المعلومات المخزنة في الدماغ، وهي تفسير آخر معقول لنسيان الأحلام. فبسبب تداخل الذكريات القديمة مع المعلومات الجديدة للحلم، يحدث خلط بين مجموعتي البيانات، ما يؤدي إلى نسيان الدماغ هذه المعلومات الجديدة.
نشاط الدماغ
أثبتت دراسة حديثة أن فرص تذكر الحلم تعتمد على مستويات نشاط الدماغ في قشرة الفص الجبهي الوسطي، والتقاطع الصدغي الجداري، وهي مناطق في الدماغ مرتبطة بتوجيه الانتباه والاهتمام نحو مؤثرات خارجية. فالمستويات العالية لنشاط هاتين المنطقتين في وقت الاستيقاظ وكذلك النوم، يزيد من فرصة تذكر الحلم، ويُعتقد أن ذلك يحدث لأن النشاط المتزايد يعزز اليقظة خلال النوم، والذي بدوره يسهّل ترميز وتخزين الذاكرة.
نوم حركة العين السريعة
وهناك نظرية أخرى تفترض أننا نتذكر الأحلام فقط حين نكون يقظين خلال نوم حركة العين السريعة وهي إحدى مراحل النوم. فخلال هذه المرحلة ينشط إنتاج موجات ثيتا، وفي ذات الوقت يقل إنتاج موجات ألفا في الدماغ. ويُعتقد أن موجات ثيتا تسهّل تشكيل الذاكرة التقريرية وهي التي تنطوي على أحداث معينة من المعرفة والخبرات الشخصية، وكذلك الذاكرة الصريحة. في حين أن موجات ألفا مرتبطة باليقظة التي تجعل الدماغ حساسًا تجاه المؤثرات الخارجية.
لذلك، في مرحلة نوم حركة العين السريعة، تسهّل المستويات العالية من موجات ثيتا تذكر الحلم، في حين أن المستويات المنخفضة لموجات ألفا من شأنها أن تقمع الدماغ من الاستجابة للمؤثرات الخارجية والتي قد تعطل الحلم. فالأشخاص الذين يستيقظون في مرحلة نوم حركة العين غير السريعة لا يتذكرون الحلم، وذلك لأن مستويات موجات ألفا تكون عالية، وتكون مستويات موجات ثيتا منخفضة خلال هذه المرحلة.
وهناك عوامل أخرى تؤثر على قدرة تذكر الحلم، فالنساء أكثر عرضة لأحلام اليقظة مقارنة بالرجال. وكذلك الأطفال لديهم قدرة على تذكر الأحلام جيدًا. ومع ذلك فإن تذكر الأحلام مسألة لا تزال بحاجة لمزيد من البحوث.