الاتيكيت




ذات مساء دعاني أحد الزملاء لمأدبة عشاء كان من بين الحضور صديق قديم ، بدا لنا أنه متغير كثيرا عما كنا نعرفه .. يبدو متصنعا نوعا ما ! بالرغم من مرور شيء من السنوات على عدم التقائنا به ، إلا أننا نعرف صاحبنا جيدا .. لم نعتد عليه أن يتنحنح قبل أن يهم بالحديث .. وبدأت حواجبه تتحدث معه .. ضحكته !! ضحكته بدت ثقيلة وكأنه يمن بها علينا ..!!

لم تكن مجرد شكوك .. صاحبنا متغير وهذا شأنه الخاص وهي جزء من الحرية الشخصية التي لا دخل لأحد بها طالما أنه لم يتجاوز بحريته ليتخطف حريات الآخرين وطالما أن تصرفه لم يخطيء به على أحد ، وبعد أن نادى " معزبنا " على العشاء .. حتى عم السكوت ونحن على طاولة الطعام ولو مرّ بنا غريب لقال ما هذه السيمفونية اليابانية العظيمة .. لم تكن تسمع سوى صوت الملاعق والصحون .. فقال أحدنا :
اضرب بخمس ولا تأكل بملعقة ** إن الملاعق للنعماء نكران

فضربنا بالخمس .. إلا صاحبنا فصاح به داعي الضرب : أفلا تضرب ؟؟ فقال بعد أن تنحنح .... برستيجي ما يسمح !!

وفي جلسة الشاي بعد العشاء .. تحدث صاحبنا عن الإيتيكيت وبالغ بالحديث حتى ظننا أنه مؤتكت بالفطرة ، وبدا كأنه يريد منا أن نمسح تماما تلك الصورة التي نعرفها عنه حينما كان يستلقي إذا أراد أن يضحك وغيرها..

صاحبنا الآخر تأثر بحديثه وبدا مقتنعا بفكره وطرحه .. حتى تأتكت وتبرج ! عفوا .. تبرسج ( من البرستيج ) !! وبالغ بالتأتكت والتبرسج حتى أصبح شخصا يدعو للملل .. فالنفس تحتاج لشيء من الفسحة !!

اللباقة والأناقة واللطافة والترتيب مطلب مهم ، وصفات رائعة ، ولكنك أحيانا بحاجة إلى ( فوضى مرتبة ) تغرد بها خارج السرب ولا تتعدى بها على أحد وتحلق بها في سماء المباحات دون المساس بحقوق الآخرين ودون الخدش بخصوصياتهم