فاجئ جاك دورسي، الرئيس التنفيدي الحالي لشبكة تويتر الاجتماعية وأحد المؤسسين، العالم بنوايا الشركة في رفع الحد الأقصى لعدد الحروف في التغريدة الواحدة من 140 حرف إلى 10 آلاف حرف، فهو ليس بالتغيير البسيط أبدًا ويحتاج المُستخدم لوقت من الزمن للاعتياد عليه، دون نسيان أنه قد يؤدي إلى ضياع هوية الشبكة بشكل كامل.
تويتر قائم من الأساس على فكرة استخدام 140 حرف في التغريدة لأن الشركة كانت تنوي جعله بديلًا للرسائل النصيّة القصيرة SMS التي تتسع لـ 160 حرف، وبالتالي حاول تويتر مُحاكاة الرسائل بطريقة أكثر عصرية ونجح في ذلك لفترة ليست بالقصيرة.
لكن جاك دورسي وجد أن الوقت قد حان للتغيير والانفتاح بصورة أكبر، خصوصًا أن أسهم الشركة ما زالت تتجه نحو الأسفل، وانخفضت قيمتها السوقية لأقل من 20 دولار أمريكي للمرة الأولى في تاريخ الشركة.
قد يبدو الخبر أنه ضياع لهوية تويتر، أو حتى الاتجاه نحو موت الشبكة الاجتماعية التي يُفضلها الكثيرون بسبب بساطتها إذا ما قُورنت بفيس بوك، لكن هذه التكهنات ناتجة عن التحليل بشكل سطحي دون الخوض في التفاصيل أو الأبواب التي قد تطرقها تويتر بعد هذا الإعلان.
بشكل تقليدي يُستخدم تويتر عوضًا عن قارئ الخلاصات RSS، فالمُستخدم يفتح حسابه ليطّلع على آخر الأخبار أو الصور أو ما إلى ذلك، وإن وجد شيئًا يُثير اهتمامه، يُمكنه الضغط على الرابط المُرفق لمغادرة تويتر وقراءة الخبر بالتفصيل المُمل، وهو ما لا ترغب تويتر به بعد الآن لأن قوّة الشبكة تأتي من عدد القُراء والوقت الذي يُمضيه المُستخدمون داخل شبكتها الاجتماعية.
الشكل المتوقع للتغريدات الطويلة سيكون على الأغلب على مبدأ المقالات الفورية في فيس بوك Instant Articles، فالمُستخدم لا يُغادر فيس بوك الآن لقراءة المقالات كما كان الحال في السابق. إضافة إلى ذلك، فإن سرعة تحميل المقال أعلى بشكل كبير.
تويتر على الأغلب ستخطوا هذه الخطوة، وتُحاكي فيس بوك وتسمح للمستخدم بنشر مقالات أو تغريدات طويلة إن صحّ التعبير لزيادة نسبة التفاعل مع التغريدات وفاعليّتها أيضًا، ففي الكثير من الأوقات لا يكفي 140 حرف لشرح فكرة، وهو ما يجبر المُستخدم على كتابة الفكرة على أجزاء، أو كتابتها داخل تطبيق الملاحظات وأخذ صورة للشاشة ومشاركتها.
ما تحتاجه تويتر هو توفير مُحرر للمقالات يسمح بتنسيق النصوص وإضافة الصور ومقاطع الفيديو لكي تنجح هذه الفكرة، أو توفير إطار عمل بسيط يسمح للمؤسسات والأفراد كتابة مقالات بمعايير قياسية تتوافق مع معايير تويتر في استخدام التغريدات الطويلة.
إذا كانت التغريدات بهذا الشكل فإن استخدامها سيكون معقولًا، لكنه في نفس الوقت سيجبر دور النشر وصُنّاع المُحتوى على تخصيص المُحتوى الخاص بهم لمنصّة النشر الخاصّة بهم، وفيس بوك، وتويتر، دون نسيان جوجل التي أصدرت إطار عمل جديد لتحميل الصفحات بشكل أسرع عند التصفّح باستخدام الهواتف الذكية.
من الاحتمالات الواردة أيضًا أن تُحافظ تويتر على عرض 140 حرف فقط من التغريدة، مع وجود زر للكشف عن البقية، وهي فكرة بسيطة وجيّدة في نفس الوقت ولن تُغيّر شكل صفحة آخر الأخبار Timeline، لكنها في المُقابل ستسمح لأي شخص بتجاوز عدد الحروف ونشر 10 آلاف حرف وهو ما لا يُفضّله البعض، خصوصًا إذا كانت التغريدات شخصية بشكل بحت.
سيفتح ذلك تساؤلًا مشروعًا قائم على حاجة المُستخدم للدخول إلى تويتر لقراءة الأخبار الطويلة بينما جوجل وفيس بوك تُوفّران حلول أكثر عملية وأكثر سرعة؟ مع العلم أن تصفّح الإنترنت يتم عن طريق الأجهزة الذكية بصورة أكبر من تصفّحه عن طريق الحواسب التقليدية.
هذه تبقى تكهّنات لكن حد الـ 140 حرف راحل لا محالة من تويتر، إلا أننا ولرؤوية الشكل الجديد نحتاج لانتظار تويتر أو التسريبات التي ستنتشر على الإنترنت خلال الفترة القادمة.
من وجهة نظري الشخصية أرى أن خطوة بهذا الحجم ستعيد تويتر للوراء، فهي شبكة للتدوين المُصغّر Micro Blogging وفتح المجال لكتابة تغريدات طويلة لن يفيد بشيء خصوصًا مع وجود منصّات مثل وورد بريس، وبلوجر، وميديوم Medium لهذا الغرض، وهي تُبلي بلاءً حسنًا وليست جديدة في هذا المجال.
أما إن توجهت لخدمة مماثلة لخدمة المقالات الفورية، فهي ستُشتت دور النشر وصُناع المحتوى، وسيرى البعض أن فيس بوك تكفي للإطلاع على آخر الأخبار بطريقة مُرتّبة، خصوصًا أنها تعمل على تحسين آخر الأخبار News feed وستعمل على توفير شريط لاختيار نوع المُشاركات التي يرغب المُستخدم بقراءتها.
تويتر تتحول من ظاهرة Monopoly كما تُسمّى في عالم الأعمال إلى مُنافس Competitor، فما كان يُميّزها هو الـ 140 حرف الذي يجده البعض مثاليًا، لكن في لغة الأرقام ستنخفض أسهم الشركة كثيرًا، ففيس بوك تركض في جميع الاتجاهات بذكاء شديد، ولم تعد شبكة اجتماعية فقط.
المصدر
www.tech-wd.com