قال المنافق المشهور في المدينة: لا أستطيع أن أقطع علاقتي مع يهود المدينة وأخشى ذلك

جاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله إن لي أولياء من اليهود كثيرا عددهم قوية أنفسهم شديدة شوكتهم و إني أبرأ إلى الله و رسوله من ولايتهم و لا مولى لي إلا الله و رسوله فقال عبد الله بن أبي لكني لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر و لا بد لي منهم فقال رسول الله (ص) يا أبا الحباب ما نفست به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه. [مجمع البيان/3/318] ‏

أبى الله إلا أن يفضح المنافق يوما ما

انظروا إلى موقف الله من المنافقين في الدنيا والآخرة. إحدى إجراءاته مع المنافقين هي أنه يفضح نفاقهم وهذا يعدّ عملية جراحية للمجتمع! إذ لابدّ من عملية جراحية في سبيل اقتلاع النفاق من المجتمع المصاب بداء النفاق، ولابدّ من كشف الستار عن النفاق بطريقة ما. يقول الله سبحانه: (أَمْ حَسِبَ الَّذينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ) [محمد/29]
في خضمّ أحداث ثورتنا انظروا كم من الرجال قد بدت أمراض قلوبهم! لو كان قادة فتنة 2009 يفكّرون في مصلحتهم السياسية والدنيوية لقالوا: «نحن مازلنا مصرّين على وجود تزوير في الانتخابات ولكن نخضع للنتيجة الرسمية» لو أراد ألدّ أعداء الثورة وأعدى أعداء الدين أن ينصح هؤلاء بنصيحة تنفع موقعهم السياسي في إيران لنصحهم باتخاذ هذا الموقف السلمي. فلو كانوا قد فعلوا ذلك لازدادت شعبيتهم وفازوا في الانتخابات في الدورة التالية. فلماذا لم يفعلوا ذلك؟ الله سبحانه وتعالى هو الذي أخرج أضغان قلوب هؤلاء، فهو لا يرضى باختفاء أمراض قلوب المنافقين إلى الأبد.

لم يكن فعل قادة الفتنة في مصلحتهم السياسية/ لو كانوا قد صبروا لفازوا في انتخابات رئاسة الجمهورية في الدورة التالية

لقد كشف قادة الفتنة عن سوء سريرتهم، إذ لم تكن مواقفهم منسجمة مع العقل، فلو كانوا قد صبروا لفازوا في انتخابات رئاسة الجمهورية في الدورة التالية. وهذا ما يفهم بأبسط المحاسبات السياسية. يعني لا نحتاج إلى القيم الدينية والثورية في سبيل إدانة فعلهم، بل حتى المعادلات السياسية الدنيوية تثبت أن أفعالهم كانت غير صائبة وبضررهم تماما.

سوء الظن وعدم الثقة بالله أحد جذور النفاق/ كيف يعامل الله المنافقين يوم القيامة؟

طيّب، كيف يعامل الله المنافقين يوم القيامة؟ يقول الله سبحانه وتعالى: (وَ يعَذِّبَ الْمُنافِقينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِکينَ وَ الْمُشْرِکاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصيراً) [فتح/6]
أحد جذور النفاق هو أنهم يسيئون بالله الظن ولا يثقون به. لذلك فمن يريد أن يقضي على النفاق في قلبه فلابدّ أن يراقب نفسه ولا يسيء بالله الظن بل يحسن الظن بالله. يحسن الظنّ بالله أن «سيعيننا ربّنا ويحمينا».

لا يجوز رمي الأشخاص بالنفاق على أبسط الأمور، فليس هذا بصحيح/ نادرا ما صرّح أولياء الله بنفاق زيد من الناس

يجب أن تتوخوا الاحتياط في تعاملكم مع المنافقين فلا يجوز رمي الأشخاص بالنفاق على أبسط الأمور، وليس هذا بصحيح. إلّا أن يكشف هذا المرء عن نفاقه بشكل واضح. قلّ ما وجدت في تاريخ الإسلام أن قد صرّح أولياء الله بنفاق زيد من الناس. نعم الإمام الحسين(ع) خاطب أعداءه في كربلاء وقال: «هؤُلاءِ قَومٌ كَفَروا بَعدَ إيمانِهِم‏» [مناقب آل أبي طالب ع/ج4/ص100] يعني قد أصبحتم منافقين بعد ما عزمتم على قتلي، إذ هكذا عرفتهم سورة المنافقون بأنهم كفروا بعد إيمانهم؛ (ذَالِكَ بِأَنهَّمْ ءَامَنُواْ ثُمَّ کَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلىَ‏ قُلُوبهِمْ فَهُمْ لَا يفْقَهُون) [منافقون/3]
إن مواجهة ولي الله وحكم الله وشهر السيف أمامه، كالكفر بعد الإيمان. فما لم يشهر السيف أحد ـ وإن كنّا نعلم بأمراض قلبه ـ لا نستطيع أن نرميه بالنفاق ببساطة!

كان النبي(ص) يتعامل مع منافقي المدينة بكل كرامة/ لا تستغربوا من حفظ حرمة بعض الأشخاص، فإن من خصائص المجتمع الإسلامي أن يتعامل مع المنافقين بكلّ كرامة

عادة ما تتمّ معاملة المنافقين في المجتمع الإسلامي بالنحو الذي لا يفرّق بينهم وبين المؤمنين حتى الدقيقة 90. يعني يتحمّلهم المجتمع الإسلامي حتى الدقيقة 90 ويحترمهم مهما أمكن. كما كان النبي الأكرم(ص) يعامل منافقي المدينة مثل عبدالله بن أبي بكل لطف وكرامة. فلا تستغربوا من حفظ حرمة بعض الأشخاص، فإن من خصائص المجتمع الإسلامي أن يتعامل مع المنافقين بكلّ كرامة.

إن كان النبي(ص) يعامل المنافقين بلطف واحترام فيا ترى كيف يعرف الناس المنافقين؟

إن مواجهة النفاق ليس بأمر بسيط. لعلكم تسألون: «إن كان قائد الأمة الإسلامية يحترم المنافقين تبعا لسيرة النبي الأعظم(ص) فكيف لا يخفى ذلك عن إدراك الناس؟» الجواب هو أنه بعد ما عرف الناس هذه القاعدة البسيطة يتحقق هذا الهدف المنشود؛ «تُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَ أَهْلَهُ». يعني يعرفون أن قائد الأمة الإسلامية يعامل النفاق بلطف وكرامة، وعليه فهم الذين يجب أن يعرفوا المنافق.
طيّب، فإذا كان المنافقون محترمين في المجتمع الإسلامي وعاملهم قادة المسلمين معاملة حسنة، فكيف يعرف الناس أن هؤلاء منافقون وغير صالحين؟ هذا تكليف الناس أنفسهم، فمتى ما عرف الناس ذلك، يظهر الإمام المنتظر(عج). كما هناك علائم كثيرة لتشخيص المنافقين وقد ذكرنا بعضها في هذه الجلسة.
لماذا يفتضح ويذل المنافقون في زمن حكومة الإمام صاحب العصر(عج)؟ لأن الناس واعون عندئذ. فإن عرف الناس علائم النفاق، سيشخّصون مرضى القلوب عبر كلامهم وفلتات لسانهم. فعند ذلك يفتضح المنافقون تلقائيا. لأن المنافق لا يدافع عن الحق إلا لمصالح شخصية، فيبدي أمراض قلبه عبر فلتات لسانه بشكل أو بآخر. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيئاً إِلَّا ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجْهِه» [نهج البلاغة/ الحكمة26]