ان التزلف والتقرب من الحكام وأصحاب المقام والمسؤلين أصبح بديلا عن الكفاءة العلمية والعملية وسائر الأمتيازات الحقيقية ، ويمنح المتزلف المنصب في ضؤء ذلك التزلف والمحاباة ،والتقرب بمقدار ما يقدمه من خضوع لذلك المسوؤل او السلطان الذ ي يفوض اليه الأمور ......وهذه السجية الأجتماعية مورثة في النمطية السلوكية لمجتمعنا على مدى حكم المتسلطين رغم كل السلبيات ..نراها في دوائر الدولة نراها في المجتمع القبلي(العشائري)(هو تزلف البعض من شيخ القبيلة ويحبواليه ويتملق لجعله شيخا على رهطه واذاكانت القبيلة او العشيرة او الفخذ مرتبطة في نظام الدولة نرى البعض تزلف الى المسؤلين وزعيم القبيلة الاكبر لينال وسام الشيخ الموقر.) وترجمت تلك الصفة بلغات النفاق من مديح وسطور أشعار واهازيج تقلب واقع الفرد الى قرد ينبص بكل حركات اللامدروسة والخبلة وما الى تأليه والتربيب وشخصنة الفرد .
النظرالى تلك السطور الريائية المفعمة بالكذب والدجل تثير الأشئمزاز والرفض لدى العقلاء .أن تكرس هذه الظاهرة التزلف والنفاق هما من الاخطار المؤدية للأستعباد وأبعاد كل عوامل العلم والمعرفة وسائر موجبات السعادة للحياة الوطنية من البلاد لما للتزلف جماعات دون أخرى تأثير على طاقة البلد وكذلك هؤلاء المتزلفين يصبحون ينهشون في لحم العوام . والمستضعفين الذين لا يجدون من يناصرهم وينتشلهم من هذا المستنقع الذي بات ضحيته هؤلاء العوام .
أن مثل هذا السلوك ورسوخه في مجتمع يحتاج الى وعي وانتباه جعل حتى سالكين طريق الأباء والعزة والكرامة في ضياع .أستطيع أن أجزم بأن التزلف والخنوع هي من أعظم مراتب الشرك ولكن المتزلفون لا يشعرون ، بالأضافة ان اهل الدناءة والسراق وغير الكفؤئيين لتسلطهم على زمام الأمور دون جهد وأستحقاق
و جهل المتزلف ودناءته وخلوه من الغيرة الأنسانية هو الذي يخلق الفرقة والكراهية والتناحر بين الأمة وسلطانها وبين الرئيس والمرؤس وهلاك الحرث والزرع حيث توغل المنزلفين بصورة لاعقلانية للحكام والمسؤلين والزعماء بأي درجة او لقب او صفة .
وهذا ما لم يغفل عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حيث كتب الى مالك الأشتر محذرا أياه قائلا:
(وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤنة من الرخاء ، وأقل معونة له من البلاء ، وأكره للأنصاف ، وأسال بالألحاف ، وأقل شكرة عند العطاء،وأبطأعذرا عند الممنع ،ملمات الدهر من أهل الخاصة ، وأنما عمود الدين وجماع المسلمين والعدق للأعداء العامة من الأمة ، فليكن صفوك لهم وميلك معهم )
من تلك المقولة نتحسس أن عملية التفرعن والأستعباد والتزلف تحدث نتيجة لتشتت الكلمة وضرب الفكر وأستخفاف العامة ومهانة الذات
فما علينا الا لزمة العز والالفة ووصلة الكرامة والرحمة والتواصي على عمل الخير وأختزال شيمة الغدر ورفض الأنا بتدمير الأخر
وما يخطر على بالي وهواجسي كي لانضل السبيل بين المتزلفين والعوام هو الكلام :
أن الماء العذب يبقى عذبا والماء المالح يبقى مالحا ، وكل شي يبقى على بيعته الى يوم النفخ بالصور.