حتى الكفّار فباتوا ينافقون اليوم/ نحن اليوم أمام عالم مليئ بالنفاق
ومضافا إلى أننا نعيش في عالم التحق فيه الكفّار بالمنافقين، يعني حتى الكفار فباتوا يسلكون طريق النفاق. يعني حتى مصلحة الكفر أصبحت في النفاق. إن أمريكا وإنكلترا الخبيثتين يدعمان داعش من وراء الكواليس، ثمّ يشكّلون تحالفا ضدّهم في العلن! يصرّحون رسميّا بأننا بصدد القضاء على الإرهاب، ولكنّهم ينتجون إرهابيّين. يزعمون أن أهل العالم لا عقل لهم! لقد صرّحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في كتابها بـ «أننا نحن الذين صنعنا داعش في هذه المنطقة» [وكالة أنباء فارس/ رقم الخبر 13930618001170] ولكنهم الآن يدّعون تصدّيهم لمواجهة الإرهابيّين! يعني باتوا ينافقون بكل معنى الكلمة. وأساسا نحن اليوم أمام عالم مليئ بالنفاق.
عندما نقف عند خصائص حكومة الإمام الحجة(عج) من أنها «تعزّ الإسلام وأهله وتذلّ النفاق وأهله» يجب أن نعرف أنّ الإسلام في حكومة الإمام المهدي(عج) والمجتمع المهدوي يصبح عزيزا وفي نفس الوقت يذلّ النفاق أيضا. يعني يجب أن نعزّ الإسلام ونعزّزه بحيث يؤدي ذلك إلى اندحار النفاق.
إن آيات المنافقين تشمل بعض الشيعة
هنا بودّي أن أقدّم لكم بعض الآيات والروايات حول النفاق، ثم أنتقل إلى هذه المسئلة وهي أنه «كيف يتسنّى للإسلام أن يكون عزيزا وفي نفس الوقت يذلّ النفاق؟» في حين أنه بطبيعة الحال إذا أصبح الإسلام عزيزا في مكان ما، ينتشر النفاق أيضا. إذ يدّعي بعض الناس الإسلام والإيمان في المجتمع الإسلامي طمعا للجاه واحتلال المناصب وهذا هو النفاق. طبعا هذا نموذج بسيط للنفاق.
يقول الإمام الصادق(ع): «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى آيةً فِي الْمُنَافِقِينَ إِلَّا وَ هِيَ فِيمَنْ ينْتَحِلُ التَّشَيع» [رجال الكشي/ص299] لذلك فنحن لا نستطيع أن نقول: «نحن محبّو أهل البيت(ع) فلا علاقة لنا بموضوع النفاق!» وقد قال(ع) في رواية أخرى: «فَإِنَّهُ تَمْتَدُّ يامُ غَيبَتِهِ لِيصَرِّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَ يصْفُوَ الْإِيمَانُ مِنَ الْکَدَرِ بِارْتِدَادِ کُلِّ مَنْ کَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً مِنَ الشِّيعَةِ الَّذِينَ يخْشَى عَلَيهِمُ النِّفَاقُ إِذَا أَحَسُّوا بِالاسْتِخْلَافِ وَ التَّمْکِينِ» [كمال الدين/ج2/ص356]
إن كثيرا من عبارات دعاء الندبة هي بمعنى «الموت لأمريكا وإسرائيل»
صحيح أن هذا الحديث مُرّ ولكن الأمرّ من هذا الحديث هو الواقع الذي نعيشه وهذه الجرائم التي ترتكب في المنطقة من قطع رؤوس الأطفال وانتهاك الأعراض. فلابدّ لنا أن ننهي هذه الجرائم. بدعاء الندبة هذا يجب أن نقضي على مجرمي العالم. إذ يقرأ دعاء الندبة بقلوب مليئة بالبغض والحقد على الظالمين. لقد انطوى دعاء الندبة على الكثير من العبارات الدالة على شعار «الموت لأمريكا» و «الموت لإسرائيل». فعلى سبيل المثال عندما نقول: «أَينَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دَابِر الظَّلَمَةِ، أَينَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقَامَةِ الْأَمْتِ وَ الْعِوَجِ، أَينَ الْمُرْتَجَى لِإِزَالَةِ الْجَوْرِ وَ الْعُدْوَان....أَينَ قَاصِمُ شَوْکَةِ الْمُعْتَدِينَ، أَينَ هَادِمُ أَبْنِيةِ الشِّرْکِ وَ النِّفَاق» [المزار الکبير/579]
قال النبي(ص): حُبُّ الْجَاهِ وَ الْمَالِ ينْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ/ الرجال السياسيّون في معرض خطر النفاق أكثر من باقي الناس
أمّا الرواية الثانية فتلفت نظركم إلى جانب آخر من أبعاد النفاق، وهو أن النفاق قضية سياسية ـ اجتماعية أكثر من كونه قضية فردية. فقد قال النبي(ص): «حُبُّ الْجَاهِ وَ الْمَالِ ينْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ کَمَا ينْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْل» [مجموعة ورام/1/256] ولا يخفى أن حبّ الجاه والمال يمسّ الأوساط السياسيّة أكثر من غيرها. أنا أحترم جميع السياسيين في بلدنا ولكن لابدّ من القول بكلّ صراحة أن السياسيّين هم معرّضون لمرض النفاق أكثر من غيرهم، كما أنهم أحوج إلى التقوى من غيرهم، كما ينبغي توصية السياسيّين بالتقوى أكثر من غيرهم.
إن حبّ الجاه من الأمراض التي لا يعلم بها الكثير من عوام الناس. 99 بالمئة من الناس تقريبا، لا يطمحون بأن يكونوا وزيرا ولا وكيلا ولا يطمعون بمنصب رئاسة البلدية أو أمانة المحافظة، فلا علاقة لهم بهذه المناصب ويعيشون في حالة من البساطة وصفاء الباطن. ولكن هذا الجزء الواحد بالمئة الباقي بإمكانه أن يهلك الـ 99 بالمئة الآخرين ويدفعهم إلى الشقاء كما كان هذا هو الواقع على مرّ تاريخ البشر. في الآونة الأخيرة قد خرجت مظاهرات احتجاجية باسم حرکة وول ستريت أو حركة الـ 99 بالمئة ضدّ الواحد بالمئة، فكانوا ينادون بنفس هذه القضيّة.
بناء على هذه الرواية، كما أن النبات بحاجة إلى ماء وللماء دور حياتي ومهم في نموّ النبات، كذلك دور حبّ الجاه وحبّ المال، فهما يلعبان دور الماء في نموّ النفاق. ومن البعيد أن يدخل حب الجاه في قلب امرء من دون أن يدخل فيه النفاق، لذلك فينبغي للإنسان أن يتقي في هذا المجال كثيرا.
من خصائص المنافقين في القرآن هي «الفرار من الجهاد» و «الميل إلى الكفّار»
فلنتحدث الآن قليلا عن خصائص المنافقين على أساس آيات القرآن. إحدى خصائص النفاق هي ما أشار إليها القرآن في قوله تعالى: (وَ يقُولُ الَّذينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْکَمَةٌ وَ ذُکِرَ فيهَا الْقِتالُ رَأَيتَ الَّذينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ينْظُرُونَ إِلَيكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ) [محمد/20] هكذا يصف القرآن علاقتهم مع الجهاد!
إحدى خصائص المنافقين والذين في قلوبهم مرض هي أن لهم مشكلة مع الجهاد. فلابد أن نقول لهم: هل تربحون إن رغبتم عن الجهاد؟ وهل ستفوزون بلا جهاد؟ أوليس أنكم ستزدادون مشقّة وعناء فيما إذا عرضتم عن الجهاد؟! وهل ستحصلون على شيء سوى الذلّ والهوان؟!
وكذلك قد ذكرت خصيصة أخرى للمنافقين في نفس هذه السورة المباركة وهي أن لهم علاقة سرّية مع الكفار ويقولون للكفار: نحن نتبعكم في بعض القضايا! (ذَالِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ کَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُکُمْ فىِ بَعْضِ الْأَمْرِ وَ اللَّهُ يعْلَمُ إِسْرَارَهُم) [محمد/26] هذه خصيصة أخرى في المنافقين. الخصيصة الأولى هي أنهم يفرّون من الجهاد والخصيصة الثانية هي أنهم يميلون إلى الكفار؛ (فَتَرَى الَّذينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يسارِعُونَ فيهِمْ يقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصيبَنا دائِرَةٌ) [المائدة/ 52]
يتبع إن شاء الله...