بسم الله الرحمن الرحيمهل يحاول الأب أو المعلم أن يكتشف يوسف في ابنه أو في تلميذه؟ أم أننا نقتل يوسف فيهم أو نبيعه بأبخس الأثمان؟!
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يوسف الرمز، يوسف الجمال الذي لم يتلوث أبدا رغم كل الظروف الصعبة والامتحانات القاسية والأجواء الملبدة بدخان الحسد والشهوة والسلطة، وهنا يأتي السؤال: ماذا فعلنا نحن بيوسف الذي يعيش فينا وبيننا، هل حافظنا عليه من كل الملوثات النفسية والاجتماعية، هل قدرناه حق قدره، أم أننا بعناه بثمن بخس دراهم معدودة؟!
فعقلنا يوسف، فهل قمنا بالفعل بتنمية قدراته واستثمار موارده، أم أننا لا نستخدمه إلا في حل الفوازير والكلمات المتقاطعة؟ هل لدينا أجهزة فلترة صالحة يمر بها كل ما يراد له الدخول إلى عقولنا؟ هل لدينا آذان واعية أم آذان تلتقط كل الذبذبات في الفضاء المشحون؟ هل نفكر في طعام عقولنا كما نفكر في طعام بطوننا؟ كم تبلغ نسبة ميزانية العقل إلى ميزانية البطن لدى كل واحد منا؟
عن محمد بن الحسين، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله تعالى ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾ قال: قلت ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه ممن يأخذه.
وروحنا يوسف، فهل بذلنا من الجهد ما يكفي لصيانتها وتنقيتها كي نضع عنها الإصر والأغلال التي تمنعها من التحليق في عالم الملكوت، أم أننا حبسناها في سجن المادة ونسيناها كما نسي الساقي يوسف ولم يذكره إلا بعد أمة؟
والحرية يوسف، والكرامة يوسف، والعزة يوسف، وكل القيم الجميلة يوسف، فهل نقدرها حق قدرها، وندافع عنها بالغالي والنفيس، أم أننا نبيع حريتنا وكرامتنا وعزتنا بدراهم معدودة ونحن فيها من الزاهدين؟!
واختصارا نقول: إن النفس يوسف، أما ثمنها فهو كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: ألا إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها.
هذا عن يوسفنا، أما يوسف الذي بيننا فنعني به ما يمتلكه الآخرون من حولنا من جماليات يوسفية، كالذكاء والموهبة والعلم وسائر القيم الأخلاقية من صدق وأمانة وإخلاص وصبر وغيرها، فهل قمنا بما يجب تجاهها، أم أننا أهملنا جماليات أولادنا وبناتنا وأزواجنا وزوجاتنا وأصدقائنا وأعدائنا؟