رحل ولم يرحل.. إن الفنان “المُحترم” ممدوح عبد العليم، صاحب البسمة الخافتة، والطلّة الهادئة، والحضور الطاغي، أبدع في اعماله، وكان معشوق النساء طوال عمره، والرجال أيضًا، فمن ذا الذي لا يحب صاحب الشهامة داخل الشاشة وخارجها.
لم نسمع يومًا له حس، إلا وكان ينطق بالصواب، وأستطيع أن أضع رهانًا مفتوحًا لمن يخبرني بأحد تلك الصفات التي كرهتها في هذا الرجل الخلوق، يومًا كان الصديق، ويومًا الحبيب، وأخرى الأخ “الجدع”، وفي النهاية بات في الذاكرة لا يُنسَ، أحببناه، فأحب الجميع وأخلص لهم بصدق مشاعره، فأستحق أن يكون “بطل” ولكن هذه المرة بطل حقيقي، وليس من ورق.
فكرت في الكتابة عنه، فزادت حيرتي، فكيف يمكن أن أكتب عنه في بضع سطور، استجمعت قواي بعد رحيله عنا منذ بضعة أيام بسبب نوبة قلبيّة حادة اصابته اثناء ممارسته للرياضة، حتى استطيع أن أكتب، منعت أعيني من أن تذرف دمعًا، وبت أتذكر اعماله وأنا ابتسم، حتى استطعت أن أكتب عن أهم الأعمال في تاريخ عملاق لا يأت لنا كل يوم.
الضوء الشارد
“رفيع بيه” بالتأكيد من شاهد المسلسل سيتذكره، إن ذلك الصعيدي، صاحب الملامح الشرقية، رجل بكل ما تحمله الكلمة من معاني، جسّد فأبدع، فحفر، فصدّق الجميع دوره، وبات أحد أهم اعماله الفنية، بل وصُنِّف ضمن أهم المسلسلات في تاريخ السينما.
أبدع في تقديم الدور، وكان الرجل الشهم، والإنسان الذي يمثل قدوة، وبالطبع لم يُقدّم شخصية سهلة المنال، بل قدّم دور مركّب لا يمكن أن يقدمه سواه.
إنه العمل الذي شاهدته منذ أن كنت في الثامنة من عمري، ولكنني لم أستطع أن انتزع مشاهده من أعيني، وعلى الرغم من أن وقتها كانت ذاكرتي تقرب إلى الطفولة، إلا أن هيبة العمل، وموسيقاه تظل خالدة حتى الآن.
المسلسل من إنتاج صوت القاهرة وإخراج مجدي أبو عميرة وبطولة ممدوح عبد العليم ويوسف شعبان ومنى زكي، ومحمد رياض.
ليالي الحلمية
جسّد في ليالي الحلمية علي سليم البدري، إنه الشاب الذي ولد وفي فمه ملعقة ذهب، إنه أبن الباشا الذي يشارك في صناعة مجد بلاده، بعد حرب أكتوبر 1973، والذي شارك فيها علي البدري.
يُعدّ ليالي الحلمية من أعظم الأعمال على الإطلاق، وأضاف لممدوح عبد العليم الكثير والكثير، فيكفي أن العمل كان له العديد من الأجزاء، وكان ممدوح من العلامات المميزة للعمل.
شارك في ليالي الحلمية الكثير من نجوم الفَنّ على رأسهم يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري، ومنال سلامة، ودينا عبدالله، وهو من تأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبد الحافظ.
البريء
واحد من أهم الأفلام التي تحدثت عن الفساد، وجسدته في كل مؤسسات الدولة المصرية، وجسد ممدوح عبد العليم دورًا محوريًا، فكان الرمز الذي حافظ على العمل ووازنه.
لعب ممدوح دور حسين وهدان وهو شاب مثقف، يعرف معنى الحرية، والمساواة، ويتمنى رفع شأن بلده، ولكن يُسجن في أحد المعتقلات، ويُظهِر العمل ما كانت تمر به الدولة المصرية بعد الإنفتاح، حتى أن العمل ممنوع من العرض على القنوات المصرية، حتى حصل الفيلم على الموافقة للعرض في السينما عام 2005، والذي أُعتبر انتصارًا للحرية.
البرئ من بطولة أحمد زكي، ومحمود عبد العزيز، وممدوح عبد العليم، ومن تأليف وحيد حامد.
الخادمة
فيلم من أهم أفلامه، والذي شارك فيه مع الفنانة الكبيرة مديحة يسري، وكانت وقتها في مراحل شبابه، واستطاع أن يضع ممدوح عبد العليم قدمه على سلم النجومية من خلال هذا الفيلم.
حصل ممدوح عبد العليم على جائزة البطولة المطلقة عن دوره في فيلم “الخادمة” في مهرجان الإسكندرية، وبعدها توالت أدواره كبطل للعديد من الأعمال الفنية في هذا الوقت، وشاركه في بطولة العمل الفنانة الكبيرة نادية الجندي.
بطل من ورق
لعلّ النزعة الكوميدية التي صنعها ممدوح في هذا العمل جعلته الأقرب لقلوب عشاقه، فمن ينسى رامي قشوع إنه الشخصية التي تُعدّ الأشهر في السينما، والدراما العربية.
وعلى الرغم من صعوبة لفظ الأسم، إلا أن كوميديا “المحترم” جعلته الأقرب لقلوب الجمهور العربي، فهو ذاك الفنان المتكامل، يضحكنا ساعة، ويبكينا أخرى، ولكن ذكراه تظل محفورة في قلوبنا.
الفيلم من إنتاج عام 1988، بطولة آثار الحكيم وممدوح عبد العليم وأحمد بدير وصلاح قابيل، تأليف إبراهيم الجرواني وإخراج نادر جلال ومن إنتاج الشركة العالمية للتلفزيون والسينما “حسين القلا”.
كتيبة الإعدام
إن العمل الذي يتحدث عن انتصار الحق، مهما طال الأمر، فحين يُقدّم فنان دور ضابط شرطة، فسأتركك تفكر لخمس ثواني لا أكثر، وأعود لأسألك ماذا تخيلت طبيعة الدور، بالتأكيد الحديث سيكون عن القهر، والجبروت.
لكن صديقنا هذه المرة ضرب بالإعراف الذهنية عرض الحائط، فهو ذاك الشريف الذي باع وظيفته، وباع الحياة، لأجل مجد الحق وإنتصاره، فالوطن أغلى ما يمكن أن يبيع الشخص لأجله شيء.
الفيلم إنتاج 1989، ومن تأليف أسامة أنور عكاشة، وشارك في بطولته نور الشريف، ومعالي زايد، شوقي شامخ، وسلوى خطاب.
سمع هس
من الأفلام التي استخدمت الكوميديا السوداء، ولكنه كان عملًا جيدًا بكل المقاييس، وشكّل ممدوح فيه هو والفنانة ليلى علوي ثنائي جيد للغاية، وظل العمل من الأعمال التي لن ينساها الجمهور له.
شارع المواردي
من الأفلام الذي شارك فيها ممدوح عبد العليم في بداياته مع الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد عام 1982، إلا أنه استطاع أن يترك بصمة واضحة له من خلال العمل الذي فتح له أبواب المجد.
حصل ممدوح على جائزة أفضل وجه جديد عن فيلم “قهوة المواردى”، وبعدها شارك في العديد من الأعمال الفنية الكبيرة.
في النهاية.. لعلي أصبت في اختيار الأعمال، ومن الممكن سقط عني بعضها سهوًا ففي النهاية أنا بشر، أخطأت أو أصبت يبقى محور حديثنا فنان حقيقي، وإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وداعًا أيها “الرئيس” ممدوح عبد العليم.
المصدر
آراجيك