«الدولة الهشة»، هذا هو المصطلح الذي استخدمه الصحفي «كارين إليوت هاوس» لوصف المملكة العربية السعودية في كتابه الصادر في عام 2012. «مراقبة السعودية هي مثل مشاهدة لاعبة جمباز تفقد توازنها بالحركة البطيئة. وبينما يحبس العالم أنفاسه فإنه يتساءل عما إذا كانت ستهبط بسلام أم أنها سوف تسقط على الأرض».
في الأسبوع الماضي، بدا أن آل سعود يفقدون اتزانهم. مخاوف المملكة من الصعود الإيراني ربما قادتها إلى تنفيذ حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي المعارض، «نمر النمر»، مما أثار أعمال شغب في طهران انتهت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتصاعد حاد في العداء الطائفي الذي يجتاح الشرق الأوسط.
ما الذي دفع المملكة العربية السعودية إلى اتخاذ هذه الإجراءات الخطيرة، وما هي السياسات الأمريكية التي قد تقلل من خطر الفوضى في الشرق الأوسط؟، لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة دون فحص المخاوف الأمنية لدى السعوديين، والتي دفعتهم إلى اتخاذ خيارات سيئة.
المملكة العربية السعودية هي نظام ملكي يعاني من الخوف. إنها تعاني من قبل كل من المتطرفين السنة من تنظيم «الدولة الإسلامية» والمتطرفين الشيعة المدعومين من إيران. وقد تعثرت في حرب مكلفة وغير ناجحة في اليمن. كما أنها تعاني حالة من فقدان الثقة في القوة العظمى الحامية، الولايات المتحدة، بسبب توقيعها للاتفاق النووي الذي أنهي العزلة الدولية لإيران.
عندما تشعر الدول بالضعف، فإنها أحيانا ما تلجأ إلى فعل أشياء متهورة وغير فعالة، وهذا بالضبط ما يحدث في الفترة الأخيرة مع المملكة العربية السعودية.
ومما يزيد المشاكل الخارجية في المملكة العربية السعودية هي حالة الهياج الداخلي. النجل الطموح للملك «سلمان»، نائب ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، 30 عاما، قد وضع خطة للتحديث والنمو الاقتصادي، بمساهمة من شركة ماكينزي وعدد آخر من الاستشاريين العالميين الآخرين. وضعت الخطة جميع التوصيات المناسبة: تعزيز المشاريع الخاصة، وتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على صادرات النفط، والحد من السفه في الإنفاق الذي تمارسه الدولة. لكن هذه الإصلاحات يمكن أن تتحدى بعض الأمراء الأقوياء وتحدث خللا في بنية المجتمع المقاومة للتغيير.
حاولت القيادة السعودية المضطربة إظهار عزمها خلال الأسبوع الماضي عبر إعدام 47 من «المتطرفين». على الرغم من تركز الاهتمام العالمي على وفاة رجل الدين الشيعي الشيخ «نمر باقر النمر»، فإن معظم الرجال الذين أعدموا هم من المتطرفين السنة الذين كانوا متحالفين مع «الدولة الإسلامية»، وتنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى. بعض المراقبين السعوديين يعتقدون أن قتل «نمر النمر» كان غطاء لإعدام المتطرفين السنة، وبغض النظر عن الدوافع، فإن إعدام «نمر النمر» كان خطئا.
وقد قامت السعودية بمضاعفة هذا الخطأ من خلال القطع المتهور للعلاقات الدبلوماسية مع طهران ودفع دول الخليج العربية الأخرى إلى أن تحذو حذوها. أشارت العديد من الدلائل إلى أن اقتحام السفارة السعودية في طهران قد تم التغاضي عنه من قبل الدولة، كما تم تجاهل المناشدات السعودية للتدخل لأكثر من 8 ساعات متواصلة. وقد تجاوز مثيرو الشغب سياجا بطول 20 قدما، وكان هدفهم الأول هو نظام الكومبيوتر الخاص بالسفارة. كان التصرف السعودي مفهوما ولكنه كان مبالغا فيه.
رغبة المملكة العربية السعودية في مقاومة الهيمنة الإيرانية قد ورطتها بالفعل في الحرب اليمنية. ويقال إن الحرب تكلف المملكة العربية السعودية ما يفوق مليار دولار شهريا دون أية نتائج ملموسة على الأرض. وقد رد المتمردون الحوثيون، الذين تدعمهم إيران، من خلال مهاجمة المدن الحدودية في المملكة العربية السعودية. ويبدو أن السعوديين قد كانوا متحمسين لمحادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن اليمن حتى وقعت تطورات الأسبوع الماضي.
ما هي أفضل سياسة للولايات المتحدة للتعامل مع تفاقم المعركة الطائفية بين السعودية وإيران؟ حاولت إدارة «أوباما» حماية جهودها الدبلوماسية في سوريا والتي نجحت مؤخرا في جمع السعوديين والإيرانيين معا في مفاوضات فيينا. وقد طمأن مبعوث الأمم المتحدة «ستيفان دي ميستورا» الإدارة بتصريحه يوم الثلاثاء بعد لقائه وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» أن «هناك إصرار واضح من الجانب السعودي على عدم منح الفرصة للتوترات الإقليمية الحالية للتأثير على زخم فيينا».
يجب أن يكون هدف الولايات المتحدة الأوسع تجنب تصاعد الأمور نحو مواجهة مدمرة بين طهران والرياض. تظهر أحداث نهاية الأسبوع الماضي مدى السهولة التي يمكن أن يتوسع بها هذا الجحيم الذي اجتاح المنطقة من بيروت إلى دمشق وبغداد إلى صنعاء إلى ما هو أبعد من ذلك. الولايات المتحدة تجري محادثات مع كلا الجانبين، ولكنها يجب أن تفرض بعض القيود على كل منهما، أقلها أن تضمن عدم تدخل إيران في الشؤون الداخلية لجيرانها.
المصدر | ديفيد أجناشيوس/ واشنطن بوست