في مراسم دعاء الندبة في هيئة مجاهدي الإسلام (رزمندگان اسلام)

بناهيان: يبدو أن القضية الرئيسة في عصر الظهور هي الصراع بين الإيمان والنفاق، لا الإيمان والكفر/ كان النبي(ص) يخاف على أمته من كلّ المنافق العليم اللسان لا الكافر/ حتى الكفّار فباتوا ينافقون اليوم/ رجال السياسة معرّضون لمرض النّفاق أكثر من عوامّ الناس/ من خصائص المنافقين في القرآن هي «الفرار من الجهاد» و «الميل إلى الكفّار»/ لا يجوز رمي الأشخاص بالنفاق على أبسط الأمور/ لا تستغربوا من حفظ حرمة بعض الأشخاص، فإن من خصائص المجتمع الإسلامي هي أنه يتعامل مع المنافقين بكلّ كرامة

الزمان: 25/12/2015
المكان: طهران ـ شهر پرند ـ مسجد الإمام حسن المجتبى(ع)

ألقى سماحة الشيخ بناهيان في مراسم دعاء الندبة لهيئة مجاهدي الإسلام (رزمندگان اسلام) کلمة نقلتها القناة الأولى من تلفزيون الجمهورية الإسلامية بشكل مباشر بيّن فيها أسباب تبلور النفاق وكيفية زواله في المجتمع المهدوي، فإليكم أهم المقاطع من كلمته:

يبدو أن القضية الرئيسة في عصر الظهور هي الصراع بين الإيمان والنفاق، لا الإيمان والكفر

إحدى العبارات العجيبة بين الأدعية للإمام الحجّة(عج) هو مقطع من دعاء الافتتاح الذي يقول: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيکَ فِي دَوْلَةٍ کَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ وَ تُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَ أَهْلَهُ» [مصباح المتهجد/ج1/ص581]
انظروا فلم يأت ذكر للكفار في هذا المقطع من الدعاء. فيبدو أن القضيّة المهمّة في عصر الظهور هو الصراع القائم بين الإيمان والنفاق، لا الصراع بين الإيمان والكفر. هناك سؤال ينطرح حول العبارة «تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ» وهو أنه إذا اعتزّ المسلمون والمؤمنون، يتبلور النفاق بطبيعة الحال، فماذا تفعلون مع النفاق إذن؟ لذلك تأتي العبارة التالية «وَ تُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَ أَهْلَهُ» لتضيف هذا القيد وهو أنه سيعتزّ الإسلام في آخر الزمان ولكن مع ذلّ النفاق. يعني لم يعد الأمر كما كان في صدر الإسلام، فقد أصبح الإسلام عزيزا في صدر الإسلام ولكن نشأ وترعرع النفاق في ظلّ الإسلام في نفس الوقت. كما إذا سقيت الأزهار والأشجار في البستان، ترتوي الأشواك الأعشاب الضارّة أيضا.

عندما يصبح الإسلام عزيزا في مجتمع ما، يتبلور النفاق بطبيعة الحال

عندما يصبح الإسلام عزيزا في مجتمع ما، من الطبيعي أن يرى بعض الأشخاص مصلحتهم في انتحال الإسلام، فتتكوّن ظاهرة النفاق. يبدو أن هذا السؤال مستتر في العبارة «تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ» وقد أجيب عنه في العبارة التالية «وَ تُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَ أَهْلَهُ». يعني لا تخافوا أيّها المؤمنون فلن يكون الأمر كما كان من قبل، ففي هذه المرّة سوف يصبح الإسلام عزيزا ويذلّ النفاق. وهذا ما يعطي القضيّة بعض التعقيد.
بالشكل الطبيعي لا يمكن أن يحترم المؤمنون في مجتمع ـ ولا سيما إذا صارت بيدهم السلطة ـ ثم لا تظهر فيها ظاهرة النفاق! أفهل يمكن ذلك؟! لقد قال أمير المؤمنين(ع): «قَطَعَ ظَهْرِي رَجُلَانِ مِنَ الدُّنْيا رَجُلٌ عَلِيمُ اللِّسَانِ فَاسِقٌ وَ رَجُلٌ جَاهِلُ الْقَلْبِ نَاسِكٌ...سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(ص): يقُولُ يا عَلِيُّ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يدَي کُلِّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَان» [الخصال/ج1/ص69]

كان النبي(ص) يخاف على أمّته من المنافق العالم اللسان، لا الكافر

قال رسول الله(ص): «إِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَ لَا مُشْرِکاً أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيمْنَعُهُ اللَّهُ بِإِيمَانِهِ وَ أَمَّا الْمُشْرِكُ فَيخْزِيهِ اللَّهُ بِشِرْكِهِ وَ لَکِنِّي أَخَافُ عَلَيکُمْ کُلَّ مُنَافِقٍ عَالِمِ اللِّسَانِ يقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَ يعْمَلُ مَا تُنْکِرُونَ لَيسَ بِهِ خَفَاء» [الغارات/ج1/ص157]
إن البحث عن النفاق ليس بحثا شيّقا وأنا آسف لكوني أتحدّث عن هذا الموضوع ولكن لا مناص منه. لقد قال أمير المؤمنين(ع): «وَ اعْلَمُوا أَنَّکُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَکَهُ وَ لَمْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْکِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ وَ لَنْ تَمَسَّکُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ وَ لَنْ تَتْلُوا الْکِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي حَرَّفَه‏» [الكافي/ج8/ص390]

انتهى صراع الإسلام مع الكفر بعد 20 سنة، ولكنه يصارع النفاق منذ 1400 سنة

إن ظاهرة النفاق، ظاهرة مريعة. لقد صارع النبي(ص) الكفّار 13 سنة في مكة، ولكنّه استطاع أن يقضي على الكفّار بعد عشرين سنة من مبعثه، فانقضت السنتين أو الثلاث سنين الأخيرة وقد انعدمت ظاهرة الكفر في منطقة رسالة النبي(ص). فقد انحلّت مشكلة الكفر تقريبا ببساطة، أمّا النفاق فلا نزال نعاني منه منذ 1400 سنة. فإذا أردتم أن تقارنوا بين خطورة النفاق وخطورة الكفر، بإمكانكم أن تقارنوا بين العشرين سنة والألف وأربعمئة سنة.

يتبع إن شاء الله...