بعد إطلاقها الإنذار الأحمر للمرة الثانية بتاريخها: حلول خارج الصندوق لعلاج أزمة تلوث هواء الصين!
أطلقت بكين منذ أيام قليلة أعلى إنذار بلون أحمر للتلوث الحاد للهواء وذلك للمرة الثانية في تاريخها بالكامل، بعدما واصلت مستويات التلوث للسخام المضر بشدة بالصحة ارتفاعها مع توقعات باستمرارها حتى نهاية الأسبوع على الأقل.
يأتي هذا الإنذار الأحمر عقب أسابيع قليلة فقط من الإنذار الأحمر الأول في تاريخ الصين بعدما أقرت الأخيرة نظام الإنذار البيئي منذ عامين مضيا. بناء على هذا الإنذار الأحمر، يتوجب تعطيل عدد من السيارات والشاحنات وعدم السماح لها بالسير على الطرق، وكذلك توقيف العمل في بعض المصانع. المدارس أيضًا لا تفتح أبوابها طيلة سريان هذا الإنذار نظرًا لخطورة الوضع على صحة الطلاب!
إنذار بهذا المستوى كفيل لشل الحياة في الصين، أليس كذلك؟
ليس بدون جدوى، فمستويات التلوث في الصين وصلت لحدود مميتة، بعدما أظهرت دراسة حديثة أن التلوث يتسبب في قتل ما يزيد عن 1.5 مليون شخص في الصين كل عام، أي حوالي 4400 شخص في اليوم! ما يعني أنه مسئول عن 17٪ من نسبة الوفيات السنوية في الصين بأكملها! لهذا، أطلقت الحكومة الصينية حزمة من التغييرات والتشريعات للحد من هذه النسبة المرتفعة من الوفيات؛ وما نظام الإنذار الأحمر إلا أحد هذه التغييرات. أيضًا، التزمت الدولة بتعزيز ودعم إنتاج الطاقة من مصادر نظيفة ومتجددة لا تلوث البيئة كما يفعل الفحم الذي تعتمد عليه الصين بشكل رئيسي في تشغيل أغلب المصانع بها.
يمثل هذا بالطبع خطوة على الطريق الصحيح، لكن تأثيره وفعاليته مرهونتان بجدية الحكومة الصينية في سعيها للتغيير؛ بالإضافة إلى أن هذه الإجراءات ليست سريعة التأثير بأية حالة من الأحوال. فما الحل إذن لوقاية المواطنين من الآثار المميتة للسخام والتلوث الشديد الذي صار يغلف مدن الصين الصناعية ويخنق قاطنيها طيلة الوقت؟ لنستعرض معًا بعض الإجراءات التي اعتبرها البعض جنونية على الرغم من فعاليتها!
إستيراد الهواء النقي من الخارج!
قد يبدو الأول كمزحة للوهلة الأولى، لكن الشركة الناشئة التي أسسها الكنديان تروي باكويت وموسى لام العام الماضي، لتعبئة الهواء في عبوات مغلقة أدرت الكثير من الأرباح عليهما بالفعل! هواء منعش ونقي من أعالي جبال روكي في حديقة بانف الوطنية بكندا!
وما هو أفضل سوق واعد لهذه المنتجات “الرائعة”؟ … أجل، الصين!
بحبس الهواء في عبوات من الألومنيوم كعبوات بخاخ الأيروسول، تبيع شركة فايتاليتي إير، ومقرها في إدمونتون بكندا، معلبات الهواء النقي عبر الانترنت بأسعار تتارواح بين 19 إلى 59 دولار أمريكي! ويمكنك أيضًا شراء طقم كامل بسعر الجملة لتوفير بعض الدولارات! عبوات الهواء تأتي بقناع تنفس ملحق بها لتسهيل استنشاق الهواء مباشرة؛ ففي النهاية، أنت لا تريد تسرب ولو “نفس” واحد من العبوة باهظة الثمن!
ولم يتوقف الأمر على استيراد الهواء من الخارج بالطبع، فهذا ليس من شيم الصينين على أية حال بوصفهم غزاة العالم في التصدير! لذا ستجد موفرين محليين لخدمات شبيهة، مثل ذلك المقهى والمطعم الذي يضيف حوالي 15 سنت على فاتورة كل شخص لقاء الهواء النقي الذي يضخه داخل المكان بينما تتناول مشروبك أو طعامك المفضل!
الآن، وبينما تقرأ هذه المقال، فلترفع رأسك لأعلى، أغلق عينيك، وخُذ نفسًا عميقًا وطويلًا … والأهم مجاني!
مدافع الضباب
هل سبق وجربت السير تحت رشاشات الماء في حديقة ما؟ إن لم تكن قد فعلت هذا حتى، فبالتأكيد قد خبرت جيدًا ذلك الشعور المنعش بالسير في الشوارع بعد هطول المطر. ساعتها تشعر بأن الهواء نفسه قد تم غسيله وأن كل شيء نظيف ذو رائحة ذكية. وهذه هي الفكرة نفسها التي تعمل بها مدافع الضباب الذي تفتأ بها ذهن المسئولين في الصين!
مدافع الضباب تعمل بإطلاق رذاذ الماء ورشه في أجواء المدن الملوثة. الآلية هنا هي نفس آلية المطر: زخات الماء الدقيقة تلتقط وتمتص الغبار والسخام، مما يعمل على تنقية الهواء والحد من مشاكل الجهاز التنفسي لدى المارة والسكان.
مدافع الضباب المستخدمة في المدن الصينية قادرة على إطلاق قطرات ماء في غاية الصغر وبحجم يبلغ 10 ميكرون فقط! وبإطلاق بلايين القطرات المصغرة من الماء في الهواء كل دقيقية، فأنها تلتتقط السخام كما يفعل المغناطيس … مغناطيس بعرض 328 قدمًا وارتفاع 200 قدم!
الأمر الجيد أيضًا بشأن هذه المدافع هي أنها سهلة التحرك والنقل، ما يسمح بتحميلها على سطح شاحنة صغيرة والطواف في أرجاء المقاطعات الموبوءة.
في الفيديو التالي نرى طريقة عمل هذه المدافع المبتكرة. وعلى الرغم من عدم فهمي للصينية، إلا أنني اقتنعت كثيرًا بما قيل!
كم قالب قرميد تنفست طيلة حياتك؟
جاءت المحاولة الأخيرة هنا لإيجاد حل لهذه الأزمة المتفاقمة من ناشط وفنان صيني يدعى “نات برازر”. متسلحًا بمكنسة كهربية قوية، طاف أرجاء بكين بينما يشفط السخام من الهواء ليصنع منه قوالب قرميد!
استغرق الأمر من نات 100 يومًا بينما يقوم بتسجيل جولاته ويصور نفسه بينما يتجول في أنحاء بكين المختلفة حاملًا مكنسته القوية أملًا في توعية الناس بهذه المشكلة الخطيرة. يمكنكم الاطلاع على مذكراته لجولاته اليومية على حسابه هنا.
المكنسة الكهربية التي استخدمها وات تبلغ قوتها 1000 وات، بقدرة شفط تعادل ما يستنشقه 62 شخصًا في يوم كامل. وبعد انقضاء 100 يوم كامل من شفط الهواء الذي يستنشقه السكان طيلة حياتهم، قرر نات “كبس” الغبار والسخام الذي جمعه في قالب قرميد رمزي على أمل لفت الانتباه لتأثيرات التلوث البيئي على صحة الإنسان والكائنات.
ما رأيكم في المستقبل المشرق الذي ينتظرنا باستمرار اعتمادنا على الوقود الحفري بشكل رئيسي؟
المصادر
1 2 3 4