انحصار الإمامة بالأئمة الأثني عشر (عليهم السلام) يستلزم أن لا يخلو الزمان بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أحدٍ منهم، لأن الأرض لا يجوز أن تخلو من حجة الله على خلقه فإنها لو خلت عن الحجة طرفة عين لساخت بأهلها كما هو صريح عدد غير قليل من الأخبار، نعم يجوز أن تخلو الأرض عن بعضهم مع وجود واحدٍ منهم في كل عصر، ولا يشترط أن يكونوا بأجمعهم أحياء في كل عصر، إذ الحجية تتحقق بوجود فرد واحدٍ منهم لا جميعهم، ومنه نعلم بأن الإمام الثاني عشر (عليه السلام) الذي هو آخر الأئمة يجب أن يبقى حياً ويمتد عمره إلى ما شاء الله حتى يرثه الله الأرض ومن عليها، وليس ذلك ببعيد عقلاً حتى تستغرب أيها الأخ العزيز، فمن الناحية التاريخية فالقرآن الذي هو أصدق الكتب يؤكد على أن بعض الأنبياء قد أمتد عمره طويلاً كنوح (عليه السلام) الذي ناهز الألف أو الألفين من السنين.
ومن الناحية العلمية (البايولوجية) فقد برهن العلم الحديث على إمكانية إطالة عمر الخلايا الحية إلى أضعاف عمرها، بل قد أجريت تجارب في هذا المضمار على جملة من الكائنات الحية وتم التحقق من الأمر.
وبعبارة موجزة: فإن بقاء النوع الإنساني منوط بوجود أحد الأئمة الاثني عشر في العصور التالية لعصر الرسالة، ولا مانع من أن يمتد عمر آخرهم آلاف السنين، وهذا يتطلب أن يجعل الله فيه من القابليات ما يؤهله للبقاء إلى زمان الوقت المعلوم، وهو الزمان الذي يأذن الله تعالى فيه بإقامة دولة القسط والعدل العالمية، فللإمام المهدي(ع) خصوصية ليست متوفرة لدى سائر الأئمة وهي كونه خاتم الحجج الإلهية، وبما أن سنة الله تعالى وقد جرت في عدم جواز خلو الأرض من حجة، وسنته تعالى لا تتخلف: (( وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبدِيلاً )) (الأحزاب:62).
فيجب أن يمتد عمر الإمام المهدي (عليه السلام) حتى يتحقق وعد الله تعالى: (( وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) (الأنبياء:105).
وهو زمان خروجه (عليه السلام) في آخر الزمان ليملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما مُلأتظُلماً وجوراً.