كان الصراع الطويل والمرير قد بدا واضحا مطلع القرن العشرين بين دعاة التجديد وبين المتعصبين والغلاة الداعين الى إبقائنا وإبقائها في العصور المظلمة ، وما نراه اليوم مع الأسف الشديد ما هو إلا عودة الى بدايات ذلك الصراع في وقت نحن أحوج ما نكون فيه الى تضييق الهوة المتسعة التي تفصلنا عن العالم المتحضر والمتطور والمتقدم . سنعود في عرضنا التاريخي البسيط هذا الى القرن الماضي لنقف على البدايات الواضحة لذلك الصراع ،
بين التخلف والتحضر، والجهل والتنور، والعبودية والتحرر لنقتطف بعض أهم الوقائع التي أشرت لموضوع تحريرالمرأة وأعادة الحقوق الإنسانية لها (بناءا على الطلب السلطاني الصادر عن دار الخلافة الإسلامية في إستنبول عام 1904 ...أراد والي بغداد عبد الوهاب باشا أن يسجل عددالنساء في العراق ومنح كل واحدة منهن تذكرة عثمانية إسوة بالرجال.
ولما شاع الأمر بين أهالي بغداد قامت قيامتهم لما يحتفظون به من تقاليد موروثة وعادات عربية معروفة معتبرين هذا الأمر الذي أقدم عليه الوالي يمس شرفهم ويحط من قدرهم وكرامتهم . فخرج الرجال من أهالي باب الشيخ والصدرية ورأس الساقية وفضوة عرب وبني سعيد والفضل ومناطق الكرخ يتقدمهم السيد أحمد أفندي النقيب ومعه رؤساء المحلات معلنين السخط والإستياء ، تتقدمهم الطبول والدمامات والأبواق مسلحين بالسيوف والقامات والخناجر والبنادق والمسدسات مع أهازيج شعبية وهوسات بغدادية . ليصطدموا مع الجندرمة قبل أن يقصدوا سراي الوالي الذي لم يخرجوا منه إلا بعد أن قرر الوالي تأجيل أمر التسجيل، فرجع الجميع يهتفون ويتغنون بتقاليد العرب المتوارثة)