المكانة المحورية لجهاد النفس في السير إلى الله
المحور الأساس لجميع النشاطات المعنوية ولحركة الإنسان في السير إلى الله هو «جهاد هوى النفس».
إذا ما اهتم الإنسان كثيراً بـ«رغبة ونزعة دانية» وتجاوز الحدّ في الميل إليها، فقد اتبع في الحقيقة «هوى نفسه». والمفهوم الدقيق لجهاد هوى النفس هو أن نجاهد «العلائق السيئة والحقيرة والدانية» فينا بمعونة «العلائق الحسنة والعميقة والسامية» عندنا.
لا يعني جهاد النفس أن نسحق على الإطلاق كافة علائقنا، بل يعني أن نرجّح بعض علائقنا على البعض الآخر. وأساساً فإن كل من يريد الوصول إلى بعض علائقه في هذه الدنيا، عليه أن يكبت بعض علائقه الأخرى. وحتى أولئك المدمنين على الفسق والمجون أيضاً يصارعون بعض علائقهم باستمرار، لأنهم ومن أجل اكتساب رغباتهم السطحية، مجبرون على سحق مطاليبهم العميقة والأساسية، بل وحتى يجابهون في بعض الأحيان بعض علائقهم السطحية أيضاً.
كلنا بحاجة إلى جهاد أهواء النفس و(العلائق السطحية) باستمرار، بيد أن مصداق العلائق السطحية يختلف باختلاف الأفراد، فقد يميل الإنسان الكامل إلى شيء هو في أساسه ميلٌ حسنٌ، ولكنه يعتبر لمثله ميلاً دانياً ويدخل في عداد هوى النفس، «حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيئَاتُ الْمُقَرَّبِين». (کشف الغمة/2/254)