دعا الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بالسعودية، الجمهور إلى
تجنب مشاهدة المسلسل التاريخي «عمر»، الذي يتناول حياة وشخصية ثاني الخلفاء الراشدين عمر
بن الخطاب،موضحاً أنه لا يجوز أن تمثل أدوار الصحابة الكرام، ولا سيما العشرة
المبشرون بالجنة والخلفاء الأربعة، من قبل أحد من الممثلين الذين منهم النصارى ومنهم
السكارى ومنهم المعروفون بصفات غير حميدة، نظراً لجهلهم بأحوال الصحابة وسيرهم العطرة
وعباداتهم البالغة.
وذكرت صحيفة «البيان» الإماراتية في تقرير حول المسلسل نشر إن الجانب الجدلي
المثار حول المسلسل يركز على نقطتين أساسيتين، وهما: المعالجة التاريخية، إذ تؤكد بعض
مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك نسختين من المسلسل، إحداهما تظهر شخصية الفاروق
والأخرى لا تظهره، أما النقطة الثانية فتتعلق بجواز تمثيل الصحابة، الأمر دفع معظم مستخدمي
«فيس بوك» و«تويتر» لشن حملات لمقاطعة المسلسل، في ظل التزام قناة إم. بي. سي الصمت،
وتفضيلها التكتم على تفاصيل المسلسل، بدلاً من تهدئتهم وامتصاص غضبهم، فيما أكد احد ممثلي
القناة، طلب عدم ذكر اسمه أن الغموض الذي يلف المسلسل أمر مقصود، وأن الضجة المثارة
حوله إحدى أهم غاياتها.
يقول الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء، حول حكم تمثيل الصحابة:
الصحابة الكرام، ولا سيما العشرة المبشرين بالجنة والخلفاء الأربعة، رضي الله تعالى عنهم
أجمعين، هم جميعاً محل القداسة والتبجيل العظيمين، والإزراء بهم، بأي طريقة كانت، يعتبر طعناً
في الدين، واستفزازاً لمشاعر المسلمين، فهم الذي حملوا الدين ونقلوه إلى أصقاع الأرض، فدخل
الناس في دين الله أفواجاً ببركة جهدهم وجهادهم.
وتابع: معلوم أن تمثيل أدوار حياتهم لا يخلو من نقص في التمثيل درامياً وفنياً، وذلك ينعكس في
أذهان المشاهدين، فيظنون أن الصحابة الكرام، رضي الله تعالى عنهم، هم كذلك، فيكون ذلك تقليلاً
من شأنهم وإنقاصاً لدورهم العظيم في نقل رسالة الله وشرعه، وهم الذين عظّم الله تعالى شأنهم
ومكانتهم، فجعل مبايعتهم مبايعة لله ورضي عنهم وأرضاهم، ووصفهم بصفات الجمال والكمال في
كل أحوال حياتهم وجهادهم، في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم عظّم
من شأنهم، وأوجب توقيرهم، بل أرشد إلى أن أهل بدر منهم هم في محل العصمة، فلا يكون منه إلا
ما يرضي الله تعالى.
فقال، صلى الله عليه وسلم: «ما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم»، وكل
الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين هم من أهل بدر، وخالد بن الوليد لقبه النبي،صلى الله عليه
وسلم، بسيف الله، فلا يجوز إذاً أن تمثل أدوارهم من قبل أحد من الممثلين الذين منهم النصارى
ومنهم السكارى ومنهم المعروفون بصفات غير حميدة، ناهيك عن جهلهم بأحوال الصحابة وسيرهم
العطرة، وعباداتهم البالغة. واستطرد قائلاً: يتعين الكف عن تمثيلهم، رضي الله تعالى عنهم،
والانشغال بما ينفع من برامج نافعة ومسلسلات هادفة، كما أن على جمهور المشاهدين أن يتجنبوا
متابعة هذا المسلسل؛ لئلا يكون تشجيعاً لهم على هذا الإنتاج غير المُرضي، وهجراً لبدعتهم،
ونصراً لأصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً لهم.
أضخم إنتاج عربي
يستند المسلسل الذي تنتجه مجموعة إم بي. سي وتلفزيون قطر، واستغرق ما يقارب 300 يوم
تصوير، وأكثر من 30 ألف شخص من الطاقم والممثلين، في نصه التاريخي إلى تدقيق مرجعيات
دينية، أهمها: الدكتور يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين، والذي أفتى بجواز تقديم
الصحابي الجليل على الشاشة، والداعية سلمان العودة، والدكاترة: علي الصلابي، وسعد مطر
العتيبي، وأكرم ضياء العمري، وهو من بطولة السوريين منى واصف، وسوزان نجم الدين،
والكويتي فيصل العميري، والقطري غازي حسين، واللبنانية برناديت حديب، والمغربيين محمد
مفتاح وهشام بهلول، والتونسي فتحي الهداوي، في حين أسند الإخراج للسوري حاتم علي، الذي
تتمتع أعماله بدرجة عالية من الأمانة التاريخية، وقام بالتأليف الأديب الفلسطيني وليد سيف، الذي
سبق له التعاون مع حاتم علي في مسلسل «التغريبة الفلسطينية».
حملات مقاطعة
وقد أثار تكتم المنتجين على تفاصيل العمل، واكتفائهم بالتأكيد على أن المسلسل يسلط الأضواء
على الدور الاستثنائي الذي لعبه الفاروق في رفع راية الإسلام وتأسيس الدولة الإسلامية، إضافة
إلى مزايا شخصيته وصرامة عدله، واعتداله، وعقليته الفذة، وورعه وتقواه، انزعاج وغضب
معظم مستخدمي «فيس بوك» و«تويتر»، الأمر الذي أعاد إلى ذاكرتنا الانتقادات والضجة التي
لحقت بمسلسل «الحسن والحسين»، وجعلنا نتساءل عما إذا كان هذا العمل سيلاقي مصير مسلسل
«الطريق إلى كابول»، الذي مُنع عرضه على الشاشات، لأسباب سياسية.
فقد انطلقت عدة حملات مقاطِعة للمسلسل على مواقع التواصل الاجتماعي، ومطالبة بعدم عرضه،
حفاظاً على مكانة الصحابي الجليل وكرامة أصحاب الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وأبرزها:
حملة «أنا مسلم وأنا ضد مسلسل عمر»، التي اعتمدت على آراء وفتاوى بعض العلماء الذين
يحرمون تمثيل أشخاص الصحابة، ورأت أن هذه الأعمال تشوه صورة الصحابة الكرام في أذهان
الناس العاديين والجيل الجديد الذي تراجعت لديه عادة القراءة.
في حين حذّر مغردون على «تويتر» من خطورة تجسيد أحد الممثلين لشخصية الفاروق، احتراماً
لمكانته العظيمة، وحتى لا يتبادر إلى أذهان الناس، ولا سيما المراهقين لاحقاً، صورة الممثل حينما
يتم التحدث عن ثاني الخلفاء الراشدين.
ممثلون وأدوار
سيؤدي الممثل السوري غسان مسعود دور أبي بكر الصديق، في حين يؤدي مخرج العمل حاتم
علي دور الإمام علي بن أبي طالب، ولا يزال المنتجون متكتمون عن اسم الممثل الذي سيؤدي دور
الفاروق، بالرغم من تداول مواقع التواصل الاجتماعي لمعلومة تؤكد أن الممثل السوري تيم حسن
سيجسد شخصية عمر بن الخطاب، ومن المقرر ترجمة العمل إلى لغات عدة، ومنها: الإنجليزية،
والإسبانية، والبرتغالية، والفرنسية، وقد وقعت شبكة ATV، التي تعد واحدة من أكبر مجموعتين
إعلاميتين في تركيا، عقد البث الحصري للنسخة التركية المدبلجة من مسلسل «عمر»، ليتم بثه في
رمضان بالتزامن مع النسخة العربية الأم