يشار دائماً إلى الرّجل المثقّف أو المرأة المثقّفة بالبنان، ذلك بأنّ الثّقافة تصنع إنساناً قادراً على التّعرف بشكلٍ أكبر على من حوله من مكوّنات الحياة، والإنسان المثقّف ينظر إلى الدّنيا بمنظار أوسع من غيره، ذلك بأنّ الثّقافة بلا شكّ توسّع مدارك الإنسان وتفتح أمامه أفاقاً أرحب للتّفكر في سنن هذه الحياة وسبر أغوارها، وإنّ الثّقافة في مفهومها البسيط تعني أن يأخذ الإنسان شيئاً عن كلّ شيء، بمعنى أن يكون الإنسان عارفاً بعلومٍ كثيرةٍ بدون أن يستلزم أن يكون متخصّصاً فيها ومتعمّق، فقد تكون الثّقافة معرفةً سطحيةً عن شيء، ولكن قد تجعل هذه المعرفة السّطحيّة المثقّف يمتلك المفتاح دائماً للولوج إلى معرفة هذا الشّيء، ويمكن تصوير معنى الثّقافة كأنّها مفاتيح أبواب العلم، ويحتاج من يريد التّخصّص في علمٍ من العلوم أن يدخل إلى بابٍ من الأبواب ويتعرّف بشكلٍ تفصيلي على ما بداخله، ولكي يكون الإنسان مثقّفاً عليه أن يتّصف بما يلي :
أن يمتلك الإنسان حسّاً محبّاً للتّعرف على من حوله، فالإنسان الذي يمتلك نوعاً من الفضول الإيجابي يكون أكثر قدرةً على تخزين الثّقافة في عقله، لأنّ الثّقافة لا تأتي من الفراغ، وإنّما تأتي من النّظر والتّبصّر في أمور الحياة والخلق، والإنسان المنغلق على نفسه لا يمكن أن يمتلك الثّقافة بسبب عدم قدرته على التّواصل مع غيره والاستفادة مما في جعبة غيره من علمٍ وثقافة .
كما على الإنسان الذي يسعى لأن يكون مثقّفاً أن يستزيد من قراءة الكتب الّنافعة التي تحتوى على أنواع العلوم المختلفة ،فكثيرٌ من الكتب تمدّ الإنسان بالثّقافة لما تحتويه من معلوماتٍ ومواضيع وأفكار علميّة تكون خير ذخيرةٍ في تثقيف الإنسان، وأن يسعى الإنسان للتّعرف على كلّ ما هو جديد في كافة العلوم والمجالات .
ومن الصّفات التي تجعل من الإنسان مثقّفاً حسن الإستماع والإصغاء إلى من يملكون معرفة وعلماً، كما ينبغي عليه أيضاً أن لا يتكبّر عن قبول الحقّ في أي مسألةٍ من المسائل، وأن لا يصرّ على معلومةٍ أو فكرةٍ إذا تبيّن له خطؤها، فالمثقّف باستمرار يسعى إلى تحديث معلوماته، وتمييز الصّحيح من الخاطىء منها، وهو إلى جانب ذلك كلّه يضيف فهمه وإدراكه إلى ما يتلقّاه من معلومات لتشكّل له مخزوناً ثقافيّاً يفيده في حياته .