المقدمة : *
التوكيد لغة هو : التقوية ، ويستخدم بالواو وبالهمزة ، فيصح أن تقول فيه : التوكيد ، فإذا قلت : التأكيد صار الفعل أكد ، وإذا قلت فيه : التوكيد صار الفعل وكَدَّ ، أكَّد من التأكيد ، ووكَّد من التوكيد.
ويسمّى التوكيد ، أو التأكيد ، وأمّا الاسم الذي قبله ، فإنّه يسمّى المؤكّد ، ويجب أن يكون معرفة.
التوكيد تابع للمؤكّد برفعه ونصبه وخفضه وتعريفه وتنكيره ، يذكرُ لتقويته ، وتأكيد حكمه ، ويأتي في الكلام على نوعيـن منه ما يسمى بالتوكيد اللفظي، ومنه ما يسمى بالتوكيد المعنوي :
* النوع الأول – التوكيد الفظي :
ومثال ذلك : سافر ، سافر الحبيبُ.
سافر : فعل ماضي مبني على الفتح الظاهر على آخره.
سافر : توكيد لفظي مبني على الفتح.
الحبيبُ : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
* النوع الثاني – التوكيد المعنوي :
ومثال ذلك : رأيت المعلّم نفسَهٌ.
رأيت : رأي فعل ماضي مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل المتحركة ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
نفسَه : توكيد معنوي منصوب، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإظافة يعود على المعلم.
التوكيد اللفظي :
تعريفه : وهو الذي يفيد إزالة مافي نفس السامع كم شبهةٍ ويكون بتكرار اللفظ مرتين
وله أربعُ صور :
- الصورة الأولى : توكيد الاسم، والفعل :
الأول - مثال توكيد الاسم : الموكب الموكب قادمٌ.
الثاني - مثال توكيد الفعل : جاء جاءَ عليٌّز
- الصورة الثانية : توكيد الجملة :
الأول – مثال توكيد الجملة الفعلية : حضر خالد حضر خالد.
جملة ( حضر خالد ) الثانية توكيد لفظي لا محل له من الإعراب.
الثاني – مثال توكيد الجملة الاسمية : البيت أنيقٌ البيتُ أنيقٌ.
جملة ( البيتُ أنيقٌ ) الثانية توكيد لفظي لا محل له من الإعراب.
- الصورة الثالثة : توكيد الضمير المتصل : إن لتوكيد الضمير المتّصل وجهان :
الوجه الأول – ويؤكد فيه لفظ الضمير المتصل بإعادة الكلمة التي اتصل بها، وليس بتكرار لفظ الضمير المتصل فقط.
مثال ذلك : مررت بـِكَ مررت بـِكَ ، ولا يقال : مررت بكـِكَ.
الوجه الثاني – وهو الذي يؤكّد فيه الضمير المتصل بضمير الرفع المنفصل سواء أكان الضمير المتصل : مرفوعاً ، أم منصوباً أم مجروراً.
مثال ذلك : أكرمتني أنا ، حقيبتني أنا ، قمنا نحن.
- الصورة الرابعة : توكيد الحرف : وله طريقتان ، سهلتان ، واضحتان :
الطريقة الاولى – أن يعاد الحرف مع ماكان قد أتصل به.
مثال ذلك : إنّ زيداً إنّ زيداً قائمٌ ولا يقال : إنّ إنّ زيداً قائمٌ.
الطريقة الثانية – أن يذكر الحرف وحده وذلك إذا كان من أحرف الجواب ، وأحرف الجواب هي : نعم ، بلى ، جير ، أجل ، أي ، لا.
مثال ذلك : لا لا أبوح ، بلى بلى ذهب.
* التوكيد المعنوي :
تعريفه : وهو الذي يكون بالفاظ معينة وتذكّر بعد الاسم لتوكيده.
وهذه الألفاظ هي : ذات، عين، نفس، كل، جميع، عامة، كلا، كلتا.
ويشترط للتوكيد بهذه الأسماء أن تضاف إلى ضمير يعود على المؤكّد ويناسبه.
مثال : حضر المناضلون جميعهم.
المؤكد : المناضلون.
التوكيد : جميع.
الضمير الذي يعود على المؤكد ويناسبه (هم) في كلمة جميعهم.
فوائد التوكيد بألفاظ التوكيد المعنوي :
أولاً : التوكيد بـ ( نفس ، عين ، ذات (
وفائدة التوكيد بهذه الألفاظ : رفع ماقد يتوهمه السامع ، ومعنى ذلك : إذا فلت : (جاء الأمير) فقد يتوهم السامع أن الذي جاء شخص يسمى ، بالأمير – أو يتوهم أن الذي جاء هو : خَـبـَرُ الأميرِ ، ومن أجل رفع هذا التوهم ، فإنك تقول : جاء الأميرُ ذاتـُه.
ومثل هذا : رأيت الفتاة عينها ، حضرت الفتياتُ أنفسهن ، مررت بالمعلماتِ أعينهنَّ.
ثانياً : التوكيد بـ ( كل ، جميع ، عامـّة )
وفائدة التوكيد بهذه الألفاظ : للدلالة على الإحاطة والشمول.
ومعنى هذا : إذا قلت : (جاء القوم) فرَبما يتوهم السامع أن بعضهم جاء ، وبعضهم تخلف ، ولذلك تقول : ( جاء القوم كلّـهم ).
ومثل هذا : أنّ القومَ كلّـهم مجتمعون.
ثالثاً : التوكيد بـ ( كلا ، كلتا ) :
وفائدة التوكيد بهما هو : إثبات الحكم للأثنين المؤكدين معاً ، أنت تعلم أنّ:
( كلا ) يؤكد بها المثنى المذكر وأنّ ( كلتا ) يؤكد بها المثنى المؤنث.
مثال ذلك : شاهدت الطالبين كليهما ، حضرت الطالبتان كلتاهما.
*الألفاظ المقوية للتوكيد :
هي كلمة : أجمع، وإن كان بعضهم يعد أجمع من ألفاظ التوكيد الأصيلة، والواقع أنها من ألفاظ التوكيد المقوِّية، ولذلك جاء قوله -تعالى- : فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ أجمع: الأصل فيها أنها تأتي مقوِّية بعد كل وما اشتق منها، يعني : يناسب اختلاف كل، تقول : جاءت القبيلة كلُّها جمعاء، جاء الرجال كلهم أجمعون، يعني : تأتي بأجمع وجمعاء لكي يناسب حال المؤكَّد.
ولك -أيضًا- أن تستخدم أجمع وما ماثلها كلفظ توكيد مباشر رئيسي بدون أن تستخدم قبلها كل، الأصل أن تسبق بكل، وتأتي مقوية للتوكيد، لكنه لا مانع من أن يؤكد بها مباشرة، كما في قوله -تعالى-: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ فهي هنا جاءت مؤكدة توكيدا مباشرا دون أن تسبق بكل.
كذلك من الأمور التي تتبع لتقوي الألفاظ التي ذكرها المؤلف، وهي أكتع، وأبتع، وأبصع، جاء القوم كلهم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون، يعني : ما عاد فيه مجال إطلاقًا للشك بعد كل هذه المؤكدات.
أكتعون أبتعون أبصعون هي طبعًا ألفاظ توكيد، ولكن لو حاولنا أن ننظر في
معانيها فالشيخ ابن القاسم -رحمه الله- ذكر أن أكتع قد تكون مشتقة من الكتع، وهو اجتماع الجلد، وأن أبتع قد تكون مشتقة من البتع، وهو طول العنق، وأن أبصع قد تكون مشتقة من البصع، وهو تجمع العرق أو اجتماع العرق أو خروج العرق أو نحو ذلك.
عنوان البحث:
(( التوكيد و انواعه ))
اتمنى ان اكون قد افدتكم بما استطيع ..
* المـصـادر والـمـراجــع :
1. كتاب ( الواضح في القواعد والإعراب ) ، تأليف محمد زرقات الفرخ ، دار هبة وهدى للطبع.
2. كتاب ( الأجرومية ) للمؤلف محمد بن محمد بن اجروم الصنهاجي ، شرح الشيخ محمد بن خالد الفاضل ، باب مرفوعات الاسم ، فصل التوكيد.