بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
يقدم لنا المنهج الإسلامي من خلال عنصري القرآن والسنة المطهرة ادلة استمرارية عقيدة الإمام المهدي عليه السلام ومحوريتها, وانها شريان نابض في الجسد الاسلامي, وانها روح هذا الجسد الملكوتي الطاهر دفعا لما يصوره لنا البعض من ان المهدوية لو سلمت وخرجت من بين ما احيطت به من اشكالات فانها ستكون وليدة ساعتها, مستدلين على ذلك بحديث الاصلاح في ليلة, ولكن الواقع الفكري الذي يطرحه المنهج الاسلامي يميت هذا التخرص, اذ يثبت القرآن والسنة ان هذه الولادة لهذا المخلص لابد ان تكون قد تحققت ولابد ان تستمر إلى ظهوره, فهذه آيات سورة القدر تثبت ان التنزل الذي يكون في كل ليلة قدر لابد من أن يكون على شخص مهيئ مؤهل لتلقي ما يتنزل عليه من الامر.إذ اننا بالوجدان نعلم ان التنزل باق وانه ليس على كل احد, ولا يوجد إلا ما يدعيه اتباع هذا المذهب من ان هذا الواحد الذي تتنزل عليه مقدرات السنة هو مهدي آل محمد عليهم السلام.
ويركز هذا الاعتقاد من السنة المطهرة بما هو ظاهر ولا يحتاج إلى اثبات مما روي عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم, اذ نص على وجود ثقلين مشتركين لا ينفصلان, ويبقيان ما بقي احدهما إلى نهاية الدهر, فاذا ثبت احدهما فلابد ان يثبت الآخر وان لم نلتمس وجوده بايدينا وتقع على شخصه ابصارنا, وهذا الثقل الاول بارز للعيان وشاخص لكل انسان يراه صباحا ومساءً وهو القرآن, فلابد ان يكون قرينه موجوداً والا لزم التكذيب للصادق الامين صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا ما لا يرضاه لنفسه انسان صاحب دين.
ثم يأتي بعد ذلك حديث الاثني عشر فيحدد الائمة بهذا العدد مع منع النقصان والزيادة, وقد مضى منهم احد عشر معصوما فلابد ان يكون آخرهم باقيا وليس هو إلا ما نصت الادلة على وجوده وانه ابن الحسن العسكري عليه السلام.
هذه بعض من ادلة القرآن والسنة تثبت بما لا يدع للشك مجالاً ان الولادة لهذا العنصر الملكوتي ليست من الخيال, وانها واقع لا يعتريه شك ولا شبهة, ولا يمكن ان يدفع بتخرص متخرص, هذا فضلا عن دلائل اخرى كثيرة نصت على ولادته من شهادة القابلة بمولده, واقرار ابيه ورؤية المئات من مواليه له وتصريح علماء الانساب, واعتراف المؤرخين, وصدور الوصايا والتعليمات والنصائح والارشادات والرسائل والتوجيهات والكلمات المأثورة والاقوال المشهورة, والسفراء والنواب, كل ذلك يشهد على ولادته وانه العنصر النبيل والفرع الاصيل من تلك الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية, ادخره الله سبحانه وتعالى لإحياء ذكره وتبيين امره عليه السلام, فمنع الظالمون وجوده فغيبه تعالى عنا, وهو يترقب منا ان نسعى لاظهاره وتقريب ايامه.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المؤمنين به عليه السلام والساعين إلى تعجيل فرجه واظهار امره.