كشف علماء عن الطريقة التي تحافظ بها طيور البطريق على درجة حرارة ريشها الكثيف في ظروف قاسية تصل فيها درجة الحرارة إلى مستويات أقل من الصفر.
وتعرف علماء يدرسون خصائص ذلك الريش القصير والسميك لطيور البطريق عن الطريقة التي تحول دون تجمد ذلك الريش عند حركتها في مياه تقل درجة حرارتها عن الصفر في منطقة القطب الجنوبي المتجمد.
وتوصل الباحثون إلى وجود مسام متناهية الصغر في أجساد تلك الطيور، بالإضافة إلى إفراز تلك الطيور لمزيد مما يعرف مادة الزيت التي يفرزها الطائر لتنظيف نفسه من خلال غدة في جسده، والتي تعمل كمادة عازلة تقيها من الماء.
إعلان
ويعتقد أن هذه العوامل تمنح ريش طيور البطريق في القارة القطبية خواصا تتسم بقدرة فائقة على مقاومة الماء.
وقد توصل باحثون في الولايات المتحدة إلى ذلك الاكتشاف باستخدام المجهر الإلكتروني لدراسة الجلد الخارجي المغطى بالريش لطيور البطريق التي تعيش في ظروف قاسية في تلك الأجواء شديدة البرودة.
وتعيش طيور البطريق الموجودة في القارة القطبية الجنوبية في واحدة من أكثر البيئات قسوة، وتواجه درجة حرارة تصل إلى 40 درجة تحت الصفر، وتصل سرعة الرياح فيها إلى 40 مترا في الثانية الواحدة، والمياة التي تظل عند درجة 2.2 تحت الصفر.
لكن حتى في مثل تلك الظروف، تتمكن الطيور من منع الثلوج من أن تغطي ريشها الكثيف.
ويقول بيروز كافبور، أستاذ الهندسة الميكانيكية والفضاء بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، وهو أحد أعضاء فريق البحث: "إنها طيور من نوع مذهل، تعيش في ظروف شديدة القسوة، وهي تتمتع كذلك بقدرة كبيرة على السباحة. إنها في الحقيقة عجائب هندسية حية".
ويعرف عن طيور البطريق أنها تتمتع بخواص مقاومة للماء، وهي خواص تحول بينها وبين أن تبتل بالماء.
لكن علماء من كلية الهندسة الميكانيكية والفضاء بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، و جامعة ماساتشوستس في أمهرست، وجامعة سي ورلد، أرادوا أن يعرفوا ما الذي يجعل ريش طيور البطريق التي تعيش في القارة القطبية الجنوبية يتمتع بقدرة عالية على مقاومة التجمد.
ويضيف كافبور: "ما نتعلمه هنا هو الطريقة التي تجمع بها طيور البطريق بين الزيت والمسام متناهية الصغر التي تغطي الريش لإنتاج هذا التأثير بهذه الدرجة من الكمال."
ومن خلال تحليل ريش طيور البطريق من أنواع مختلفة، اكتشف الباحثون أن طيور البطريق من نوع "جينتو" كانت تتمتع بخواص مضادة للماء أكثر من غيرها من الأنواع الأخرى التي تعيش في أجواء أكثر دفئا، مثل تلك التي تعيش في صحراء الأرجنتين.
وتوصل الباحثون إلى أن طيور البطريق من نوع "جينتو" يحتوي ريشها على مسام تحتجز الهواء بداخلها بشكل محكم، مما يجعل سطحها مضادا للماء. وكان ذلك الريش أيضا مغطى بنوع خاص من الزيت يعرف بزيت التنظيف، والذي تفرزه غدة في مقدمة زيل تلك الطيور، وهو الزيت الذي تغطي به الطيور أجسادها، وتستخدمه أيضا في تنظيف نفسها.
وتعني هاتين الخاصيتين معا أن قطرات الماء التي تتساقط فوق ريش طيور البطريق في القارة القطبية الجنوبية تتكور مثل الدوائر، وهو ما يعطي شكلا هندسيا، وفقا للباحثين، يؤخر تكون الثلوج فوق ذلك الريش، لأن الحرارة لا يمكن أن تتدفق خارج الماء بسهولة إذا كانت قطرات المياة متصلة بسطح الريش الذي يغطي الطيور.
ويضيف كافبور: "ذلك الشكل التي تتخذه قطرة المياه فوق سطح الطيور يؤدي بالضرورة إلى تأخر عملية التجمد".
كما أن قطرات الماء تلك تتدحرج عن جسد طيور البطريق قبل أن تستغرق الوقت اللازم للتجمد.
ويقول الباحثون الذين نشروا نتائج بحثهم في قسم ديناميات السوائل بالجمعية الفيزيائية الأمريكية، في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر أن طيور البطريق التي تعيش في القارة القطبية الجنوبية تطورت بشكل يتيح لها التأقلم مع تلك الظروف الجوية القاسية، فذلك الريش الخارجي القصير والمكثف الذي يغطي أجسادها يتداخل ليشكل طبقة واقية سميكة من الريش تساعدها في الحفاظ على دفئها. وتحت جلودها، هناك طبقة سميكة من الدهون تعد أيضا طبقة عازلة.
وتقضي تلك الطيور التي لا تتمكن من الطيران أوقاتا كثيرة في البحر، وتعد من الطيور الرشيقة التي تسبح بمهارة كبيرة، وبالتالي فهي تبدو أقل رشاقة فوق الأرض.
وقد أصبح بيروز كافبور، أستاذ الهندسة الميكانيكية والفضاء بجامعة كاليفورنيا، شغوفا بدراسة هذا النوع من طيور البطريق في القارة القطبية الجنوبية بعد أن شاهد تلك الطيور وهي تعيش في الطبيعة في أحد الأفلام الوثائقية.
ويقول كافبور لبي بي سي: "رأيت هذه الطيور تتحرك داخل الماء وخارجه، وتنثر المياه في كل مكان حولها. لكن لم تكن هناك قطرة مياه واحدة متجمدة تلتصق فوق أجسادها".
ويأمل كافبور وفريقه في أن يساعد اكتشافهم في التوصل إلى تصميمات أفضل لأسطح من صنع البشر تحد من تكون الثلوج فوقها.
ويضيف كافبور: "أحب أن أرى محاكاة حيوية لمثل هذه الأسطح من أجل استخدامها في تطبيقات مهمة، مثل إذابة الثلوج فوق أجسام الطائرات".
وحاليا، تنفق شركات الطيران الكثير من المال والوقت في استخدام مواد كيمائية لإذابة الثلوج فوق أسطح الطائرات، لأن تلك الثلوج يمكن أن تغير من خواص حركة الطيران، وبالتالي يمكن أيضا أن تتسبب في حوادث تحطم للطائرات.