"سحقني الفزع عندما مرت العربات فوق جسدها، وكأنها شخصية كارتونية، انتصبت مبتسمة، لا تحاول الهروب، في انتظار مزيد من الصدمات. وبعدما تجاوزتها، نظرت خلفي. تفحصت ملامحها. كانت تشبهني تماماً".
هذه الكلمات القليلة هي نص القصة القصيرة جداً "تشابه" التي حصلت بها الروائية المصرية سعاد سليمان على جائزة "خوان كارلوس"، بعدما أعلن متحف الكلمة التابع لمؤسسة "ثيسار إيخيدو سيرانو" الإسبانية فوزها في المسابقة الدولية للقصة القصيرة جداً في دورتها الرابعة التي حملت شعار "مانديلا: كلمة وانسجام"، تجاوز عدد المرشحين لها هذا العام من 119 دولة أكثر من 22 ألف كاتب للقصة الومضة. سعاد سليمان صدر لها عدد من الأعمال السردية بدأتها عام 2001 بـ "هكذا ببساطة"، ثم روايتها "غير المباح"، عام 2005، و"الراقص"، و"آخر المحظيات"، ثم "شهوة الملائكة". 24 التقى سعاد سليمان وكان هذا الحوار.
كيف ترين حصولك على جائزة في مسابقة خوان كارلوس للقصة القصيرة؟
سبق أن حصل علي نفس الجائزة الكاتب شريف سمير من الإسماعيلة وهو أول من حصل عليها عام 2012، ومن بعده الكاتب طارق إمام عام 2013، وأنا ثالث كاتب يحصل عليها في مصر، وعمر الجائزة خمس سنوات فقط حصلت عليها مصر ثلاث مرات وهذا لم يحدث لأي دولة في العالم، وهو ما يؤكد أن الإبداع المصري بخير.
ـ ماذا عن قصتك الفائزة في المسابقة، ماهي تفاصيل التقدم للمسابقة والحصول عليها؟
ـ تقدمت مثل آلاف المتقدمين من كل الدول العربية أو الذين يكتبون باللغة العربية ولم أتوقع الفوز، والقصة كانت إحدى قصص آخر مجموعاتي القصصية "شهوة الملائكة" وأوقفت طبع المجموعة ولم تنٌشر ضمن نصوص المجموعة وأرسلتها للمسابقة لأنها تنطبق عليها الشروط: أقل من مائة كلمة ولم يسبق نشرها في أي مكان، وبالطبع لم أتوقع الفوز، وما زلت حتى الآن مندهشة وسعيدة .
إلى من تهدين فوزك بهذه الجائزة الإسبانية؟
إلى الابداع المصري، نحن نكتب في ظروف ليست صعبة بل تكاد تكون مستحيلة ومستعصية ومرهقة، ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ومع ذلك نغامر ونجتهد وننحت الصخر لنكتب.
ـ هل تعتبرين مثل هذه الجوائز الكبرى اعترافاً بأهمية وقيمة القصة القصيرة جداً؟
ـ بداية الاهتمام بفن عريق، ولكن لم يثبت جودته إلا في هذه الفترة الأخيرة، وهو فن أعتقد أنه سيكتسح العالم خلال السنوات القادمة وينافس بقوة أمام الرواية التي تسيدت المشهد الإبداعي.
ما رأيك في عدم اعتراف الكثير من الأدباء في مصر بالقصة القصيرة جداً، وقصيدة النثر حتى الآن؟
الإبداع أنواع وذائقة القارئ أنواع، وبالتالي فهناك من يري في القصة القصيرة جدا ًوقصيدة النثر الجيد منها على الأقل، إبداعاً يصل إلى حد الإعجاز، ومن يرى أنها خواطر، أو مهاترات إبداعية وقرأت مرة لأحد المعلقين على قصتي الفائزة أن الغرب يحارب الإبداع المصري ويفرغه من مضمونه وأنه يؤسس لمسابقات تروج لهذا النوع من المهاترات الأدبية وأنه ينأى بالمبدعين الوقوع في شراك هذه الجوائز، ولم يكن قد قرأ القصة الفائزة، وعندما قرأها اعتذر وأقر بأنها قصة جيدة.
كانت بداياتك كشاعرة فلماذا تركت الشعر، واتجهت للكتابة السردية؟
لأنها تناسبني أكثر، انطلق معها في الخيال وأستطيع أن أعبر بحرية، وربما لم أكن شاعرة بالقدر الكافي لأحترف الشعر.
ـ ماهي الجوائز التي حصلت عليها في مصر؟
لم أحصد إلا جائزتين عن أول مجموعة قصصية وهي شهادة تقدير من مسابقة محمود تيمور للقصة القصيرة عام 2002 ، وجائزة اتحاد الكتاب عن رواية "غير المباح" عام 2007 ، وكنت قد يئست من الجوائز المصرية، وأكرمني الله بجائزة متحف الكلمة التي أعادت لي الثقة فيما أكتب.
ـ ما الذي تمثله الجوائز بالنسبة لسعاد سليمان؟
ـ قدر ما من التشجيع، ومعرفة الطريق، هل ما أكتبه به تجديد، ابتكار، يستحق أن أواصل ما أفعل، هل أتوقف، أم أكمل وفقط.
ـ ما رأيك في مصطلح الأدب النسوي؟
ـ مصطلح عنصري لا يليق بالإبداع والكتابة التي تتجاوز العنصرية والتصيفات، وتنتصر للإنسان بلا تحيز لنوعه أو دينه أو لونه أو جنسيته.
ـ من هم الكتاب الذين تركوا بصمة في أدب سعاد سليمان؟
ـ بشكل أساسي يوسف أدريس، ومن ثم جميع الكتب التي قرأتها أو التي سوف اقرأها لكل الكتاب من كل العالم وفي أي مجال.
ـ كيف ترين المشهد الأدبي في مصر والعالم العربي حالياً؟
ـ المشهد تطغي عليه الحالة السياسية أكثر، خاصة بعد ربيع الثورات العربية، كما أن الجمهور العربي في مجمله انصرف عن الثقافة بعد التغريب الذي قام به أدباء السبعينيات للشعر والقصة، فلم يعد يهتم بالأدب لدرجة نشعر معها اننا نقرأ لبعضنا البعض، ونرى معارض الفن التشكيلي لبعضنا البعض في معزل عن الجمهور.
ـ هل بالفعل نعيش الآن زمن الرواية؟
ـ لا أعتقد، فهناك العديد من الفنون الكثيرة والتي تتجدد باستمرار، ولابد أن تتكامل الفنون ولا تتنافر ولا يتسيد المشهد الثقافي نوع أدبي واحد.
ـ كيف ترين التجارب السردية لشباب الكتاب في مصر، وماهي أفضل التجارب التي تعجبك منها؟
ـ كل يوم يظهر في مصر علي الأقل 20 كاتباً ما بين رواية وشعر وقصة، وأعتقد أنهم سيشكلون جيلاَ أدبياً مختلفاً، وهناك العديد من الأدباء الذين قرأت لهم وأعجبتني اعمالهم، حسن كمال في روايته المرحوم وحسن الجندي في رواياته التي تنتمي لفن الرعب ونهلة كرم وأسلوبها الجديد في روايتها، وغيرهم كثيرون.
هل هناك تجربة أدبية جديدة لدى سعاد سليمان ؟
نعم أعمل حالياً علي رواية ترصد عالم الصعيد منذ دخول الحملة الفرنسية في مصر وحتى حرب أكتوبر 1973.
ما هي طموحاتك الأدبية في المستقبل؟
أن أحظى بالوقت والطاقة والصحة التي تكفل لي الكتابة لأقدم بمشروعي الأدبي.