غدة صغيرة جداً لا يتجاوز وزنها نصف غرام تتحكم في كل ِشيء في جسم الإنسان تقريباً وتنظّم عمليات الاستقلاب وتسيطر على جميع الغدد الأخرى … إنها الغدة النخامية سيدة الغدد في الجسم.
تشريح وفيزيولوجيا الغدة النخامية (Pituitary Gland)
يبلغ قطرها حوالي 1 سم ووزنها قرابة 0.5 غرام وهي غزيرة التروية الدموية جداً ففيها شبكة واسعة من الأوعية الدموية الشعرية الدقيقة تتوضع الغدد النخامية في تجويف عظمي في قاعدة الجمجمة يسمى السرج التركي Sella Turcia وتقسم تشريحياً ووظيفياً إلى قسمين منفصلين : النخامة الأمامية الغدية والنخامة الخلفية العصبية… يفرز القسم الأمامي ستة هرمونات أساسية وهرمونات أخرى قليلة الأهمية ويفرز القسم الخلفي هرمونين اثنين.
موقع الغدة النخامية في الدماغ وتشريحها
هرمونات الغدة النخامية
هرمون النمو GH: أهم هرمونات الغدة النخامية يُحرّض النمو في سائر أعضاء الجسم بتحريضه على تشكيل البروتين ونمو الخلايا وانقسامها وتمايزها.
الهرمون الحاث لقشر الكظر ACTH: يضبط إفراز هرمونات قشر الكظر والتي تساهم بدورها في استقلاب السكر والبروتين والشحوم.
الهرمون الحاث للدرق TSH: يسيطر ويضبط معدل إفراز هرمونات الغدة الدرقية والتي تتحكم بدورها بمعدل الاستقلاب والتفاعلات الكيماوية داخل الجسم.
البرولاكتين PL: يساهم في نمو وتطور الغدد الثديية وإنتاج الحليب عند المرأة.
الهرمون الحاث للجريبات FSH والهرمون الملوتن LH: اللذان ينظمان نمو المبيض والخصية وإنتاج الهرمونات الجنسية وخاصة أثناء الحمل عند المرأة.
هذه الهرمونات الستة السابقة يفرزها القسم الأمامي من الغدة النخامية وأما القسم الخلفي فيفرز:
الهرمون المضاد للإدرار ADH: الذي يتحكم في معدل طرح الماء في البول وله دور في ضبط تركيز الماء في أحياز الجسم المختلفة.
الأوكسيتوسين: الذي يساعد في إفراغ الحليب من غدد الثدي عند المرأة المرضع ويعتقد أن له دوراً في تحريض المخاض في نهاية الحمل.
من خلال هذه الهرمونات المهمة ووظائفها يتضح لنا الدور الكبير الذي تلعبه الغدة النخامية وكيف تشرف على عمل بقية الغدد وتساهم في حالة التوازن الاستقلابي والبنائي في جسم الإنسان.
إشراف الغدة النخامية على بقية غدد الجسم
هرمون النمو ووظائفه
إن وظائف هرمونات الغدة النخامية تنتج عن تأثيرها على الغدد الهدف كالغدة الدرقية وقشر الكظر والمبيض والخصية والثدي عدا هرمون النمو … فهو لايؤثر من خلال غدة معينة بل يؤثر مباشرة على كل أنسجة الجسم تقريباً ويحرض النمو في كل الأنسجة القادرة على النمو , من خلال زيادة حجم الخلايا وانقسامها ويُحفّز بعض أنواع الخلايا على التمايز كالخلايا العظمية والعضلية ومن تأثيراته الهامة الأخرى زيادة اصطناع البروتين في مختلف خلايا الجسم ويزيد تحرير الدسم من النسيج الشحمي واستعماله كمصدر للطاقة وينقص معدّل استعمال الغلكوز كطاقة وكل هذا يؤدي في النهاية إلى زيادة الكتلة الجسمية ونمو الجهاز الهيكلي وخاصة العظام والغضاريف.
إن الوزن الجزيئي لهرمون النمو صغير جداً وتركيزه الطبيعي لا يتجاوز 30 نانوغرام / مل واعتقد سابقاً أنه يفرز بشكل أساسي خلال المراهقة ويتوقف بعدها ولكن تبيّن حالياً أن إفرازه يستمر إلى آخر حياة الإنسان وإن كان بكميات أقل.
يفرز هذا الهرمون الهام بشكل نبضي وليس مستمر (على شكل موجات) ويتعلق إفرازه بالحالة التغذوية والنفسية ومما يحرض إفرازه : الجوع الشديد – نقص سكر الدم – الرض – الهياج… كما أنه يزداد بشكل كبير خلال أول ساعتين من النمو العميق.
“وهنا يتضح أهمية حصول المراهق على قسط كافي من النوم لأن ذلك يلعب دوراً في نموه السليم”.
القزامة Dwarfism
أغلب حالات القزامة سببها نقص ولادي خلقي لمجمل مفرزات القسم الأمامي من الغدة النخامية خلال مرحلة الطفولة وهنا يكون نمو مختلف أعضاء الجسم متوافقاً بالنسبة لبعضها البعض وإنّما أقل من الطبيعي فيكون الطفل بعمر 10 سنوات وجسده يبقى في حدود تطور 4 – 5 سنوات , ويكون العلاج بإعطاء حقن من هرمون النمو البشري المصنّع بتقنيات الهندسة الوراثية الحديثة
العملقة Gigantism
فرط إفراز هرمون النمو قبل سن البلوغ يؤدي إلى العملقة حيث يزداد حجم وطول كافة أعضاء الجسم بما فيها العظام فيزداد طول المصاب حتى أنه قد يبلغ 8 أقدام !!! أما فرط إفرازه بعد سن المراهقة حين تكون المشاش العظمية قد التحمت وليس هناك مجال لنمو العظام طولياً فيظهر ما يعرف بضخامة النهايات أي زيادة النمو العرضي للعظام والأنسجة الرخوة فيتبارز الفك السفلي ويزداد حجم الأنف ويزداد قياس أحذية القدمين ويظهر الحَدَب.
روبرت والدو أحد المصابين بالعملقة وهو أطول إنسان معروف 2.72 سم
وهكذا نلاحظ الأهمية الكبيرة للغدة النخامية ومفرزاتها وأنَّ الاضطرابات وحتى الطفيفة التي تصيبها تؤثر بشكل ملحوظ على الإنسان وتحدث فرقاً جوهريّاً في حياته وفي بناء جسمه وتركيبه.
وأن تسيطر غدة صغيرة لاتكاد ترى بالعين المجردة على جسم الإنسان بالكامل لهو أمر مثير للدهشة حقاً ويوحي بعظمة خلق هذا الجسم وتعقيد تركيبه ويدفعنا إلى المزيد من البحث في أسراره والتي مازلنا نجهل كثيراً منها!!!
المراجع
Oxford Textbook of Endocrinology and Diabetes
Williams Textbook of Endocrinology
Current Advances in Endocrinology & Metabolism
Atlas of the Endocrine System
Pathophysiology of the Endocrine System
Endocrinology & Metabolism Clinics of North America
المصدر
www.arageek.com/2015/12/28/pituitary-gland.html