مقال
{الربُ ربٌ والعِيالُ عيالْ}
بقلم السيد علي الطالقاني
............................
عندما تتصفح المجتمع [الموحد]-اعني الموحد لله- في الشرق الاوسط،تجد بوضوح انه مجتمع ينحاز الى الجانب(الالهي) اكثر من انحيازه الى اي جانب آخر،وهذا امر جيد وحميد.
الا انك تلاحظ ايضاً بوضوح قلة الجانب(الانساني) عند الاكثر من افراده،في اشارة واضحة تدل على انفصال [الثقافة الالهية] عن [الثقافة الانسان] او قل [انفصال الانسان عن الله تبارك وتعالى].
وهذا امر يستدعي قلق (المؤسسة الدينية) التي ترعى موضوع (الدين التوحيدي) في الارض.
كما يستدعي لزوم اعلان النفير الفكري العام ازاء هذا الانفصال الخطير الذي ينبأ وعلى المستوى البعيد بزوال [الاسلام الانساني] من الحياة الاجتماعية في الشرق الاوسط كما ينبأ بسيطرة وهيمنة الاستعمار الغربي على حياة المسلمين.
بمعنى انني اريد ان اقول ان الانسان المسلم في الشرق الاوسط سيبتعد عن الدين بشكل طبيعي حينما يلاحظ ان الدين يُسخره هو وامواله وعياله له..دون ان يعالج الدين مشاكله التي تكثر يوماً بعد يوم تزامناً مع تطور الحياة البشرية.!
وبطبيعة الحال سيلجأ الانسان المسلم الى [النظام والثقافة الغربية] التي يرى انها توفر لافرادها جميع مستلزمات الحياة الانسانية الجيدة،كما يصورها الاعلام المرئي ويتكلم عنها المهاجرون من المسلمين في تلك البلاد الغربية.
نعم من حق المؤسسة الدينية ان تقلق من تفاقم(الانفصال) بين الله والانسان هنا،لان النصوص الالهية قد اكدت على عدم الانفصال واكدت على تكريم الانسان ونشر الثقافة الانسانية
اتخطر هنا ماقاله السيد المسيح(ع):
{النَاسُ عيالُ الربْ}
وماقاله السيد الكليم(ع):{ نحنُ عيالُكَ ربنا واليكَ المعادْ}.
وماقالهُ الحبيبُ الخاتمُ المُصطفى(ص).
[الناس عيالُ الله...فالله الله في عياله] وهو يوصي المسلمين بالناس
وقال (ص):
{المسلمُ من سلم المسلمونَ من لسانِهِ ويَدهْ}.
كما اكون صريحاً مع (القارئ الكريم).ان الموضوع لايخلو من لوثْ شيطاني -اعني شيطاني انسي-فهذه التربية المركزة للمجتمع بان ينفصل عن الانسانية تدل على تخطيط وعمل قذر قد بدأ منذ سنوات ليكون المجتمع على ماهو عليه اليوم منفصلاً عن ثقافته ومعتقده التوحيدي.
لا اعرف ولكني لست مقتنعاً ان الانسان موضوع منفصل عن الله..لااستطيع ان اقتنع بهذا الشئ فانا انسان كنت ولازلت اشعر بانتمائي الى الانسانية الاسلامية التي تجلت مراراً وتكراراً في مواقف واقوال نبيي محمد(ص).
وائمة [الاسلام الانساني] الذين جاءوا من بعده(ع).
ورأيت الانسانية تتجلى واضحة في فقهاء الاسلام كما رايتها ظاهرة الوضوح في اولياء الله ورجال الرسالة الاسلامية المخلصين لعقيدة التوحيد.
فبت على يقين ان :
[الانسانية جزء لايتجزأ من الدين]...لكن ماذا عساي ان اصنع غير الصبر والتسليم لقضاء الله..حين ارى واخوتي [اجيالاً] تُستهلك في تربيتها على موضوع [الانفصال عن الاسلام] لتنشأ كارهةً لبعضها البعض وحاقدة على بعضها البعض والكل يقول(احب الله) وانتمي الى(الله) ولاادري كيف ينتمي الى الله ويكره عياله......!!
انه امر يدعو الى العجب والضحك والبكاء في آن واحد.
ايها القارئ ماذا عساي اقول (فالرب ربٌ وهو ارحم بعياله) و(العيال عيالٌ وان اغضبوا ربهم).
ربما سنرى نور الانسانية بعد الظلام الدامس وربما لن نراها، فكل ذلك بحسب الاستحقاق.