حسين إبراهيم الشافعي
سيهات
يا نبيَّ الله يا دمعةَ قلبٍ راحمٍ
عُدْ إلينا يا رسول الحبِّ يا خير الورى
عُدْ إلينا وامْلأ الأرواح عطراً أزْهَرا
يا من الإيوانُ في مولدهِ الطهرِ هوى
هَدِّمِ البؤسَ الذي عاثَ بنا وانتشرا
خَمَدَتْ نيرانُ فرسٍ وانتهتْ جذوتُها
حينما لُحْتَ على الأكوان نجْماً أزهرا
عادتِ النّارُ وفيها فتَنٌ مجنونةٌ
فبها انهَدّتْ قوانا ورجعنا القهقرى
حُرِّفَ الدينُ وصار الذّبحُ عنوانٌ لهُ
وغدا الإجرامُ ماءاً سائغاً منهمرا
لم تكنْ بسملةُ الفتحِ هدىً ترفعُنا
بل قرأْناها ولكنْ ما لمسنا الأثَرا
لم تكن آياتُ سبْرِ الكون تروي عطَشاً
بل تعَطَّشْنا لسفكِ الدّمِّ يجري أبْحُرا
لم تكن مشكاةُ نور الله في أفئدةٍ
كيف تلقى النورَ والجهلُ بها لن يُقْهرا
قد سئمنا من سيوف الجهل زُوراً نَحَرَتْ
وَهَجَ الفكرِ إذا ما اسْتَلَّ حبْراً نوَّرا
عُدْ إلينا سَقِمَتْ أنفسنا من فشَلٍ
دونك الدنيا هباءٌ وحديثٌ مُفترى
قد عرفنا بعد طول الهَجْرِ من ينقذُنا
من بهِ العُرْبُ استطالوا هل نسينا خيبرا
من عليه الجذْعُ أبدى شوقَهُ مفتجِعاً
حينما أنْوى فراقاً فهوى محتضرا
سيدي أنتَ الذي تسعفنا من حيْرةٍ
ضاقتِ الأكوانُ من سوء المعاني والهُراء
يا رسول العلم يا من حرَّكَ الفكرَ بنا
نحو آفاق السما ما كُنْتَ فكراً أقْفَرا
إنّهُ الفكرُ الذي يبني القُرى من عدَمٍ
فسَلِ التاريخ كيف ازْدَهرت أمُّ القرى
و سلِ التاريخَ كيف الأَوْسُ وَدَّتْ خزْرجاً
و هُمُ من قبلُ في الفتنةِ عاشوا شرَرَا
أشْعلَ الإسلامُ فيهم قيمةَ الإنسان حقّاً
فهُمُ من نسمةِ الهادي سلامٌ أُمَراء
يا نبيَّ الله يا دمعةَ قلبٍ راحمٍ
نلْتَ ما نلتَ بخُلْقٍ لم تكن أسكندرا
قد أسَرْتَ النّاس لا بالسيف بل في رأفةٍ
فأتى الناسُ إلى الدين بحُبٍّ زُمَرا
هكذا دينُك يحتلُّ القوى في رقّةٍ
لا بسوطٍ لا بتكفيرٍ هزَمتَ المنكرا
حسين إبراهيم الشافعي
سيهات