باسم الاب والابن والروح القدس
الاله الواحد
آمين
من الألقاب التي تطلق على السيد المسيح "يسوع الخادم"، فهو القائل: ما جئتُ لأخُدَم بل لأخدُم. ما جاء إلى أرضنا سيداً، مع أنه ربٌّ وسيدٌ، بل خادماً، وطلب منا أن نقتدي به، فنتفانى في خدمة إخوتنا، فالخدمة هي العَظَمَةُ الحقيقيَّةُ التي عَلَّمها يَسوعُ وعاشها مع تلاميذه.
الخادم، لقبٌ يُخجِلُنا أحياناً. فهو بالنسبةِ للبشر، إنسانٌ مُهمَّشٌ، يعمل خادماً لأنَّه لا يعرف أن يكونَ سيِّداً. أمّا يسوعُ فهو خادمٌ لأنَّه سيِّدٌ، كلماتٌ تحيِّرنا! ويسوع الذي انتظرناه ملكاً عملاقاً، نراه يغسلُ أرجُلَ تلاميذهِ، وينحني ليضع يديهِ على الأطفال، هو أيضاً يحيرنا، قَلَبَ يسوعُ مفاهيمَ البشرِ، وأصبحتِ الخدمةُ شرطاً أساسياً ليكون الرئيسُ رئيساً، والمسؤولُ مسؤولاً والعظيمُ عظيماً.
لقد دعا يسوع تلاميذه وقال لهم: "تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونها وأن عظماءهم يتسلطون عليها. فلا يكن هذا فيكم، بل من أراد أن يكون عظيماً فيكم فليكن لكم خادماً، ومن أراد أن يكون الأول فيكم فليكن لجميعكم عبداً، لأن ابن الإنسان جاء لا ليَخدُمَهُ الناس، بل ليَخدُمَهُم ويفدي بحياته كثيراً منهم" (مرقس 10/22-45).
أحب الرسولان، يوحنّا ويعقوب أن يحصلا على نعمةٍ، وهي أن يجلسا عن يمين يسوع وعن شماله في المجد. هذا الأمر أغضب باقي الرسل، فشرح يسوع لهم جميعاً ما هو المجدُ الحقيقيُّ وكيف نحصل عليه.
جاء ابن الإنسان لا ليَخدُمَهُ النَّاسُ عن قرب، بل ليَخدُمَهُم هو عن قُربٍ حتى الفداءِ أي أن يموت ويفدي بحياته كثيراً منهم.
عندما نتذكر حياته وتعليمه وأفعاله، نرى أكثر، خِدْمَتَهُ لنا: تجسَّدَ لنستطيعَ أن نرى وجهَ الآبِ، شفى المرضى، عَزَّى المحزونينَ، عَلَّمَ البسطاءَ، غسلَ أرجلَ تلاميذهِ، رفضَ أن يُقِيمُوهُ مَلِكاً... وكل هذا صنعه معنا مجاناً، لنفهمَ أنَّ الحُبَّ يُعَبَّرُ عنه بالخدمةِ والتضحيةِ.
"ها هُوَ فتايَ الذي اختَرتُهُ، حبيبي الذي به رضيتُ. سأُفيضُ روحي عليهِ، فَيُعلِنُ للشعوبِ إرادتي. لا يخاصمُ ولا يصيحُ، وفي الشوارعِ لا يسمعُ أحدٌ صوتهُ. قصبةً مرضوضةً لا يكسرُ، وشُعلةً ذابلةً لا يُطفئُ، يثابرُ حتى تنتصرَ إرادتي، وعلى اسمِهِ رجاءُ الشُعوبِ". نبوءة أشعيا كما وردت في (متى 12/18-21).