يحفل التراث العربي بالحكايات المثيرة عن عالم السحر والجان والأساطير، وقصص ما وراء الطبيعة، سواءً في الحكايات الشعبية الموروثة أو في كتابي "ألف ليلة وليلة"، و"الحكايات العجيبة والأخبار المثيرة" اللذان يعدان من أفضل ما قدمت المكتبة العربية.
لكن رغم ذلك، فإن ولادة أدب الرعب في الوطن العربي بدأت متأخرة.
البداية في مصر
يرجع تأخر أدب الرعب إلى استحواذ الروايات الاجتماعية والبوليسية، خلال فترة كبيرة من القرن الـ 20 على اهتمام القرّاء ودور النشر والنقاد. لكن في تسعينات القرن الماضي، قدم الكاتب المصري أحمد خالد توفيق سلسلة “ما وراء الطبيعة” كأول عمل أدبي للرعب في الوطن العربي، حيث اعتمد أسلوبه على الإثارة والدهشة والغموض، واستمرت هذه السلسلة حتى العام 2014.
أضاف توفيق إلى المكتبة العربية روايات أخرى مثل، "الآن نفتح الصندوق" بأجزائها الثلاثة، و"الآن أفهم"، التى كانت ضمن الكتب الأكثر مبيعاً في العام 2011.
كما كتب رواية "مثل ايكاروس"، التي تدور أحداثها في العام 2020 عن الشاب محمود السمنودي الذي فشل مراراً في الانتحار. الرواية جاءت أقرب للأسطورة اليونانية القديمة عن ايكاروس الذي صنع جناحين من الشمع والريش، ولكن عندما طار في السماء، انصهر جناحاه من الشمس، واعتبرت هذه الرواية أيضاً من ضمن الكتب الأكثر مبيعاً في العام 2015.
يُعد توفيق الأب الروحي لأدب الرعب ليس في مصر وحدها، بل في العالم العربي أيضاً.
مائدة الرعب
في السنوات الأخيرة، شهدت مصر إقبالاً من الكُتاب على أدب الرعب، مثل:
- حسن الجندي: اقترن اسمه بعالم الجن والعفاريت والمخطوطات، فهو صاحب “مخطوطة ابن اسحاق” التى بدأ نشرها على الإنترنت وتخطت حاجز الـ 100 ألف قارئ، ثم طبعها في ثلاثة أجزاء هي: "مدينة الموتى، المرتد، العائد". وفي العام 2014، قدم رواية "الجزار" التي استطاعت أن تظل لفترة طويلة من الكتب الأكثر مبيعاً.
الجندي صرح في إحدى اللقاءات الصحافية إنه تلقى الكثير من الاتصالات والرسائل تطلب منه أرقام هواتف شخصيات معينة في روايته، وعندما كان يخبرهم بأنها شخصيات ليست حقيقية، كان البعض يصر على أنه يخفي حقيقتها لدواع أمنية.
- تامر إبراهيم: تعد بدايته الحقيقية، والتي عرفت الجمهور به، رواية "صانع الظلام" الصادرة في العام 2013. يحكي فيها قصة يوسف الذي يعمل في مجال الصحافة، فيصادف جريمة قتل تدفعه الظروف للبحث عن حلها، لتدور الرواية في عالم غامض مثير للدهشة.
تبعها في نفس العام بجزئها الثاني "الليلة الثالثة والعشرون"، حيث سرد مزيداً من الأسرار والمواجهات التي تواجه يوسف بشكل يجعلك تندهش من قدرة الكاتب على التنقل بين الرعب والتشويق، لتصبح الرواية بجزأيها الأكثر مبيعاً في عام صدورها.
- شيرين هنائي: صدمت القارئ من أول رواية لها في العام 2011 وكانت بعنوان "نيكروفيليا". تحكي فيها عن مرض نفسي نادر وبشع من نوعه، حيث تشتهي فيه البطلة جثث الموتى، لذلك ظلت في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً لفترة كبيرة، بعدما استطاعت أن تمزج ما بين الرعب والفلسفة.
للكاتبة أعمال أخرى مثل "صندوق الدمى" و"ذئاب يلوستون"، لكنهما لم يثيرا اهتمام القارئ مثل روايتها الأولى.
- أحمد مراد: صاحب رواية “الفيل الأزرق” الصادرة في العام 2012، وهي عبارة عن رحلة مثيرة في عالم الجريمة والرعب والسحر والسباحة داخل النفس البشرية. يحاول بطل الرواية فك طلاسم السحر من خلال تناوله حبات "الفيل الأزرق"، فرضت الرواية نفسها على القارئ، ولاقت نجاحاً باهراً، حيث تصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعاً من هذا العام، بالإضافة إلى ترجمتها إلى اللغة الإيطالية.
وبعد الجدل المثار حول الرواية منذ صدورها، فازت بجائزة القائمة القصيرة لجائزة “البوكر” العربية للعام 2014، كما تم إنتاج فيلم سينمائي يحمل نفس اسم الرواية من إخراج مروان حامد وبطولة كريم عبد العزيز وخالد الصاوي، وكتب السيناريو صاحب الرواية نفسه.
”فرانكشتاين”.. التجديد في أدب العرب
في 325 صفحة، كتب الروائي العراقي أحمد سعداوي رواية "فرانكشتاين في بغداد"، التي تدور حول شخص يجمع بقايا جثث ضحايا التفجيرات الإرهابية خلال شتاء 2005، ليقوم بلصق هذه الأجزاء فينتج كائناً بشرياً غريباً، سرعان ما ينهض ليقوم بعملية ثأر وانتقام واسعة من المجرمين الذين قتلوا أجزاءه المتكون منها.
نالت الرواية في 2014 المركز الأول في الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، التي اتسمت بالتجديد والإدهاش. وترجمت الرواية إلى أكثر من لغة عالمية.
أدب الرعب ودور النشر
رغم ندرة وصول قصص الرعب إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً، وقلة الروايات الحاصلة على جوائز معترف بها، فإن هناك قراءً يبحثون عنها وكُتابا يرغبون في الكتابة في هذا المجال حتى يصل إلى المكانة التى يستحقها.
يرصد الكاتب بلال فضل أدب الرعب في مصر، وكيف يراه النقاد وأصحاب دور النشر، في هذا التقرير: