قصة من كرامات العباس عليه السلام :
كان طالب علم يدرس العلوم الدينية فـي كربـلاء اسمه الشيخ إبراهيم، وكان هذا الشيخ بحاجة إلى الزواج، وكان عليه دَينٌ أيضاً، وكان أيضاً يريد الحج ولا يتمكّن من ذلك.
فجاء إلى حرم الإمام الحسين طالباً حوائجه ثمّ ذهب إلى حرم العبـّاس ، وكان كلّ يوم يأتي إلـى الحرمين ويطلب حاجته وبإلحاح متواصل ومستمر. واستمر على ذلك ستة أشهر، وفي اليوم الآخر رأى امرأة من أهل البادية تحمل طفلاً مصاباً بمرض «الكزاز» وبلغ تقوّس ظهره أن تدلى رأسه إلى الخلف، وهذا القسم لا يعالج في الطب، وبعد أن يئس أهله من الشفاء جاءوا به إلـى حرم العبّاس ، وضعته المرأة ـ ولعلّها كانت أمّه ـ أمام ضريح العبّاس تطلب منه الشفاء العاجل، وإذا بالطفل يغفو من إغمائه ويقف على رجله كلّ هـذا والشيخ ينظر إليه، ويرى كيف تقبّل الله سَعيَ هذه المرأة وكيف توسط العبّاس في شفائه.
وهنـا هاج الشيخ وسيطر عليه الحـزن والألـم وأخذ يخاطب العبّاس بلهجة لا تناسب مقامه وبلغة عامية:
الحسين إمام وأنت أخـو الإمام، وبيدك كـلّ شيء لكنّكما لا تنفعان إلاّ أقرباءكما العـرب، ثمّ ودّع الحضرة الشريفة وذهب إلى حرم الإمام الحسين ، وقال له: أنت إمام والعبّاس أخو الإمام وبيدكما كلّ شيء ولكنّكما لا تنفعان إلاّ أقرباءكما العرب. ثمّ خرج وقرر أن يذهب إلـى النجف الأشرف ليخاطب الإمام أمير المؤمنين بالمنطق نفسه ثمّ ليعود إلى أهله وقريته في إيران.
عـزم الرجل على الذهاب إلـى النجف الأشرف، ولما وصل إلى الصحن الشريف جلس ليستريح، فإذا به يرى شخصاً يأتيه ويقول له: يا شيخ إبراهيم إنّـي خادم الشيخ مرتضى الأنصاري جئتك لأبلغك رسالة الشيخ، وأنّه ينتظرك في بيته.
تعجب الشيخ إبراهيم من كلام هـذا الرسول لأنه لـم ير الشيخ الأنصاري من قبل، واشتـدّ تعجّبه عـن كيفية علم الشيخ به وأنّه موجود في إيوان الصحن المطهّر.
قام وذهب إلـى دار الشيخ، فاحترمه الشيخ الأنصاري وأعطاه ثلاث صرر قائلاً له:
هذه الصرّة لحجّك وهذه لزواجك وهـذه لأداء دينك، فتعجب من معرفة الشيخ بحوائجه وازداد عجبـه من عتب الشيخ عليه لأنه خاطب العبّاس بذلك الخطاب قائلاً له: هناك فرقٌ بينك وبين ذلك الذي شافاه العبّاس فـي الحال فأنت رجـلٌ عالم عارف وتلك امرأة قرويّة، فإنّ الله إذا لـم يعطها حاجتها كفـرت، وأمّا أنت فلست كذلك.
رجع الشيخ إلى كربلاء المقدّسة وغيّر رأيه في أمر العودة إلى إيران. وفتح الصرر الثلاث فإذا في كلّ صرّة بقدر كفاية الحاجة التي كانت له.
وهكـذا فالعبّـاس هـو باب الحوائج بأمر من الله سبحانه وتعالى.