في عصرنا الحالي، تُعد الآلات من الأشياء المهمة والضرورية للكثير من البشر الآن، وهي العمود الفقري للكثير من الصناعات ويتسابق المطورين، المبتكرين والمهندسين في تطوير أفضل وأرخص الأدوات والتقنيات المفيدة للإنسان.
ومن المثير للإهتمام أن تجد العلماء غارقين في أبحاثهم وتطويرهم بينما يقوم هذا المبتكر، Uddhab Bharali من منطقة لاكيمبور بولاية آسام في الهند بوضع أكثر من 100 آلة بسيطة للإستخدام اليومي والأساسي، من تلقاء نفسه وبدون أي مساعدة مالية من أحد.
ولد المخترع الهندي Uddhab في عام 1962 لرجل أعمال في ولاية آسام، درس في مدرسة حكومية واعتُرف بقدرته على حل المشاكل الصعبة وسؤاله الأسئلة المعقدة للمدرسين، وتمت ترقيته لفصول دراسية أعلى من سنه مرتين، والتحق بعد ذلك بكلية الهندسة في مدينة جورهات في ظروف مالية صعبة.
بداية ابتكارات Uddhab العملية
في عام 1988، سقطت عائلته في ديون كثيرة، لذلك قرر بدأ عمله التجاري في صناعة البولي إيثيلين، وبدلاً من إنفاق الكثير من المال صمم لنفسه جهازين كانا يكلفان حوالي 97 ألف روبية وكانت هذه هي البداية، من بعدها زادت الإبتكارات.
توفى أخيه في عام 1995 وأثر ذلك في حالتهم المادية حيث كان العضو الذي يجني المال داخل الأسرة، لكنه بدأ كسب المال عن طريق ابتكاراته، والتي كانت مفيدة للغاية في الزراعة والصناعات الصغيرة، وكان من بين هذه الإبتكارات البسيطة آلة استخراج البذور من الفاكهة، عصّارة الفاكهة، آلة تقشير الجوز، معالجات الخيزران وحفارات الخنادق وكان تركيزه الأكثر في الزراعة.
عُرفت موهبته وقدرته الرائعة على ابتكار الأدوات وحل المشاكل بطريقة آلية للمرة الأولى عام 1995 وانتشرت سيرته بين الناس سريعاً، وذلك حينما قام أحد الكتاب المشهورين بالكتابة عنه وعن ابتكاراته مع صور توضيحية لها في أقدم وأعرق الصحف اليومية، بالإضافة إلى مقالة أخرى في أحد الصحف الإنجليزية اليومية، ومن هنا التفتت إليه العيون وبالتحديد قناة ديسكفري العلمية ومنها إلى تصويت عالمي عبر الإنترنت حول ابتكار له يفيد وكالة ناسا في بعض المهام.
كيف يساهم Uddhab في تطوير مجتمعه؟
يهتم المبتكر الهندي كثيراً بأدوات الزراعة البسيطة بجانب الأدوات التي تساعد المعاقين في تلبية احتياجاتهم البسيطة كالأكل والشراب والعيش حياة طبيعية مثل الآخرين، وهاذ ما لمسناه في كثير من الإبتكارات التي قدمها، يمضي Uddhab على الأقل ساعتين يومياً يبحث في وسائل تطوير وتقديم يد العون للمعاقين من خلال اختراعاته، وقد قدّم مساعدات مالية لأكثر من 18 أسرة مع تحمل تكاليف العلاج الطبي، ليس هذا وفقط بل يقوم بإمدادهم الأجهزة والأدوات التي تساعدهم في الإستقرار مالياً وتقديم فرص عمل لهم وكل هذا بدون أي مقابل مادي بل يفعله مجاناً.
علاوة على ذلك، يختار Uddhab عدداً من الأمّيين ويدعوهم لبرنامج تأهيلي لمدة 3 شهور حيث يدرس لهم حصراً كيفية استخدام التقنية في حياتهم اليومية وقد قام بتدريب أكثر من 50 شاباً من الناحية الفنية في المناطق الريفية ولا يقبل أي تبرعات مالية لتنفيذ هذه الخدمات للفقراء والمساكين والمعاقين.
يُخطط Uddhab لإنشاء منزلاً للمسنين وداراً للأيتام وذلك لتنفيذ خطته من تحويل اليتيم إلى خبير تقني، يعتقد هذا الرجل العظيم ان التكنولوجيا هي الحس السليم لدى الإنسان، قد حصل على الكثير من الجوائز المحلية والدولية بجابن جوائز وكالة ناسا لعامي 2012 و2013 على التوالي.
ما هو الدافع للإستمرار في عمله؟ وكيف يقوم بتمويل مشاريعه الخاصة؟
يهدف Uddhab إلى وصول ابتكاراته إلى أولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر وطنياً ودولياً ولا يأمل بذلك وصول أرباح له من خلال هذه الإبتكارات، مما اعتقد البعض أنه مجنون، لكنه لا يحتاج من المال إلا للعيش فقط فمبدأه في الحياة أن يقوم بمساعدة الناس من خلال معرفته وقدراته الخاصة بدلاً من العيش حياة لا قيمة لها، وقد عُرضت عليه الأموال الكثيرة للعمل معهم لكنه رفض هذه العروض وهو يجني من المال ما يكفي لعيشه حياة هنيئة.
توجّه Uddhab إلى الإبتكارات الخاصة بالفقراء ليعيشون حياة أفضل، لكنه وجد أن هذا لا يكفي لدر المال الكافي لإتمام أبحاثه واختراعاته، لذا قام بعرض تصميماته تجارياً لشرائها والبدء في تمويل مشاريعه الخاصة وتقديم أدوات رخيصة أو تكاد تكون مجانية للناس، يٌقسّم 25% من الأرباح الشهرية بنسبة 10% في منزل قديم، 10% على اليتامى، 5% لنفسه.
من خلال نظرة سريعة على سيرة هذا المخترع الإنساني نأمل أن نجد أمثاله في وطننا العربي فليبدأ كل واحد منّا الآن في التغيير ولو بشيء قليل في المنطقة التي يعيش بها أملاً في الحصول على مجتمع أفضل.