شكل قرار الخارجية السعودية تحذير الرعايا السعوديين من السفر إلى لبنان صدمة كبرى لأرباب صناعة السياحة اللبنانية، التي كانت تعول على حجم السوق السعودي تحديدا، بعد قرار دول خليجية أخرى تحذير رعاياها من القدوم للبنان قبل مدة.
وقال السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري إن قرار وزارة الخارجية بتحذير المواطنين السعوديين من السفر إلى لبنان يأتي نتيجة للأحداث الأخيرة التي يشهدها.
وأضاف العسيري في توضيح إعلامي لخلفيات القرار أن ما يشهده لبنان مؤخرا من أحداث أمنية في مختلف المناطق ومن حرق للإطارات وإقفال للشوارع دفع المملكة لاتخاذ هذا القرار.
وقال 'انطلاقًا من حرص المملكة العربية السعودية على عدم تعريض مواطنيها لأي مخاطر وحرصا على سلامتهم اتخذنا هذا الإجراء الوقائي'.
ضرر القرار
وردا على سؤال الضرر الذي سيلحقه هذا القرار بالموسم السياحي في لبنان، قال 'ليس المقصود من هذا القرار إلحاق أي ضرر بلبنان، إلا أن سلامة المواطنين السعوديين هي من أولويات القيادة السعودية'.
وكانت دول الكويت وقطر والبحرين والإمارات قد حذرت رعاياها من السفر إلى لبنان قبل شهرين تقريبا، في حين اكتفت السعودية آنذاك بإصدار تنبيه للسعوديين بأخذ الحيطة والحذر ليس أكثر.
ويعول لبنان بصورة كبيرة جدا على السياح الخليجيين في تحصيل عائدات تشكل أحد الموارد الرئيسة للخزينة، وسط شح كبير تعانيه الدولة في الموارد وارتفاع مطرد في حجم الدين الخارجي البالغ حتى أوائل يونيو/حزيران الماضي 55 مليار دولار.
وسجل قطاع السياحة اللبناني بفعل الأزمة السورية وتداعياتها على لبنان العام الماضي 2011، نسبة تراجع بلغت 24% عن موسم 2010، الذي بلغت فيه عائدات السياحة رقما قياسيا وصل قرابة ثمانية مليارات دولار، حسب أرقام منظمة السياحة العالمية.
قرار سياسي
من جهته وصف رئيس نقابة مكاتب السياحة والسفر جان عبود القرار السعودي والخليجي عموما بأنه 'سياسي بامتياز، ونحن اللبنانيين من ساعدهم على اتخاذه للأسف بسبب ما يجري من أوضاع على الأرض'.
وقال عبود للجزيرة نت إن القرار السعودي سيؤثر بشكل كبير جدا على حجم السياحة العربية، بالنظر لكون السعوديين يشكلون وحدهم أكثر من 25% من حجم السياحة العربية.
ولفت إلى أن السياحة العربية تشكل منذ أربع سنوات تقريبا ما نسبته 45% من صافي دخل السياحة في لبنان، مشيرا إلى أن الحجوزات الصيفية ألغيت في النصف الثاني من مايو/أيار الماضي بمعدل 30% من إجمالي الحجوزات التي كانت قائمة.
بدوره وصف نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر القرار السعودي بـ'الضربة القاسية للسياحة والاقتصاد اللبناني'، معربا عن مفاجأته الكبرى بالقرار.
وقال إنه من الواضح أن القرار 'فيه شيء من السياسة' بالنظر لموقف لبنان من مقررات الجامعة العربية، وأبدى أمله بألا يستمر القرار الخليجي و'السعودي تحديدا' لوقت طويل.
واعتبر أن الموسم السياحي ضرب في لبنان منذ التحذير الأول لدول الخليج العربي، وناشد الفرقاء السياسيين للعمل بسرعة 'لاستدراك ما تبقى من زمن عبر إحداث نقلة أمنية وسياسية داخلية تطمئن الدول العربية'.
وتقدر أرقام رسمية صادرة عن وزارة السياحة نسبة سياح دول الكويت وقطر والبحرين والإمارات بأنها تمثل أقل من 10% من عدد السياح الذين يمضون عطلة الصيف في لبنان، فيما يشكل السعوديون النسبة الكبرى، وهي التي كان يعول عليها القطاع السياحي بالدرجة الأولى.