اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
أن يوم التاسع من شهر ربيع الأول هو اليوم الأول لتولي الامام المهدي (عجل الله فرجه) الإمامة بعد أبيه، أليس ان يوم الثامن من شهر ربيع الأول هو يوم وفاة الامام العسكري (عليه السلام) وبعد الامام العسكري يكون ابنه الحجة المنتظر (عجل الله فرجه) هو الامام بطبيعة الحال، فيكون أول يوم بعد وفاة العسكري (عليه السلام) وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول، هو أول أيام إمامة إمامنا الفعلي والحي والقائم بالمسؤولية تجاهنا في طول الزمان، إمامة الامام المهدي (سلام الله عليه).
فنحن نفرح بذلك ويكون لنا عيدا باعتباره الامام الحي والقائد الفعلي والمتكفل للمسؤولية لنا أمام الله سبحانه في هذه العصور من حين وفاة أبيه إلى عصر الظهور والى وفاته هو (سلام الله عليه) شهيدا مقتولا كما في بعض الروايات.
ولذا يُسمّى بالقائم يعني انه يقوم بأمر الإمامة فعلا أي القيـّم والمتولي والمباشر للمسؤولية حقيقة وتفصيلا من حيث نعلم أو لا نعلم.
وكذلك يُسمّى بصاحب الزمان يعني أمير الزمان والحاكم عليه والمُتسلط عليه بالسلطة التكوينية والتشريعية على رغم انف من لا يرضى، كما يقال : صاحب دمشق ـ طبعا باللغة القديمة ـ يقال صاحب دمشق وصاحب حلب يعني أمير دمشق وأمير حلب أو قل والي دمشق ووالي حلب فكذلك يقال صاحب الزمان أي والي الزمان وإمام الزمان وأمير الزمان أيّ شيء تستطيع ان تقول. والزمان الذي يقصد هنا بطبيعة الحال هو هذا الذي ذكرناه من أول يوم وفاة أبيه (سلام الله عليه) إلى يوم وفاته مروراً بعصر الغيبة الصغرى وعصر الغيبة الكبرى وعصر الظهور أيضا بطبيعة الحال إلى ان يتوفى ويستشهد (سلام الله عليه) ويكون الأمر لله سبحانه وتعالى عن الذي يخلفه بطبيعة الحال في ذلك الحين.
وهناك من يسأل انه كيف تفرح الزهراء (سلام الله عليها) وهي متوفاة وهي في دار الآخرة وليست في الدار الدنيا ؟
وجوابه : إنّ هذا سؤال مادي ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا بالحياة بعد الموت، وإلا فكثيرون من الأموات حسب فهمي لا ينقطعون عن الدنيا وعن العلم بالأحداث التي تقع فيها وهناك روايات تقول بأنّ المؤمن يأتي إلى أهله كل أسبوع مثلاً على شكل طير ابيض أو نحو ذلك. فإذا وصلنا ـ إذا كان المؤمن هكذا فكيف بمن هو أعلى منه ـ إذا وصلنا إلى مستوى المعصومين (سلام الله عليهم) نجد انّ ذلك أمر هيّن لديهم لأنّ لهم السلطة على الخلق كله ومِن هنا ورد في الزيارة (اشهد انك ـ ماذا تقرأ في الزيارة ـ
اشهد انك تسمع الكلام أو تسمع السلام وترد الجواب) وكذلك مثل قوله (انك تسمع كلامي وترد جوابي) يعني : إلا أنني لا اسمع جوابك، أنت تـُجيب إلا إنني من التدنـّي والضعة وكثرة العيوب والذنوب بحيث أكون محجوباً عن سماع الجواب في الحقيقة. هكذا، وإلا المسألة ليست كما نتصوّر لأننا إنما مُعتادون بحدود مكاننا وزماننا ورتبتنا من الكمال المعنوي ـ لو صح التعبيرـ ، وإلا لو انفتح الحجاب لكُنـّا نتخاطب مع الآخرة خِطاباً مُباشراً كما في المعصومين (سلام الله عليهم). فلذا يقول أمير المؤمنين (سلام الله عليه) لو ارتفع الحجاب ـ ما مضمونه ـ ما ازددت يقيناً، بطبيعة الحال.
ومن الواضح انّ الزهراء (سلام الله عليها) واحدة من المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) فهي تتصف بهذه الصفة بطبيعة الحال التي هي من صفاتهم (سلام الله عليهم)، بل هي من خيارهم ومن أحسنهم بالنسبة إلى الأربعة عشر معصوم لأنها أحد أصحاب الكساء الخمسة الذين أذهبَ الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وهؤلاء الخمسة أفضل المعصومين الاثنى عشر أو قل الأربعة عشر على الإطلاق. فتكون الزهراء سلام الله عليها أفضل من التسعة المعصومين من أولاد الحسين بل حتى أفضل من الحسن والحسين أنفسهم مع عُلوِّ شأنهم العالي (سلام الله عليهم) وهم يفتخرون، الأئمة يفتخرون أنها أمّهم وجدتهم بالرغم من عُلوَِّ مقامهم فهي أولى بثبوت الصفات العالية لها منهم (سلام الله عليها وعليهم).
فحين عَلِمَتْ بمقتل الحسين (سلام الله عليه) حزنت وهو قول الشاعر دعبل الخزاعي :
أفاطِمُ لو خِلتِ الحسين مُجدّلاً
إذاً للطمتِ الخدَّ فاطم عندهُ
وقد ماتَ عطشاناً بشط فراتِ
وأجريت دمعَ العين في الوجناتِ
إلى أنْ يقول:
أفاطم قومي يا أبنت الخير واندبي
نجوم سماوات بأرض فلآتِ
وأنت لا يخفاك ـ قد يكون تقول ـ : بانّ دعبل يتخيّل ويتوهّم أنّ الزهراء (سلام الله عليها) تسمع هذا الكلام ؟ حبيبي .. هذا الكلام سَمعهُ الامام الرضا (سلام الله عليه) لأنه تلاه في محضره ولم ينكر عليه بشيء، أقرّه وإقرار الامام حُجّة، فليست الكلمة لدعبل (رضوان الله عليه) فقط بل للإمام الرضا كأنها صادرة منه وهو خطاب للزهراء ونعلم أنها ترد الجواب.
وهناك عدة روايات تدل على حضور المعصومين (سلام الله عليهم) ، المعصومين الأربعة السابقين على الحسين، يعني رسول الله وأمير المؤمنين والزهراء والحسن (سلام الله عليهم) في عرصة كربلاء، تدل على حضورهم في عرصة كربلاء وخاصة بعد ان انتهت الحرب وحصل القتل الجماعي باللغة الحديثة. إذن فهم يعلمون (سلام الله عليهم) بمقتل الحسين (عليه السلام).
وكذلك تعلم (سلام الله عليها) ـ الزهراء ـ بوفاة الإمام العسكري (سلام الله عليه) وتكفل المسؤولية بالنسبة لابنه القائم (سلام الله عليه) فتفرح بإمامته وهي في علياء جنانها بطبيعة الحال.
ومن هنا كان هذا اليوم هو فرحة الزهراء (سلام الله عليها)، لماذا ؟ لأنه الامام الأطول مُدة حتى الأكبر واحد من الأئمة (عليهم السلام) على ما ببالي الامام الصادق (سلام الله عليه) عاش حوالي 65 إلى 70 سنة، في حين انّ الامام المهدي (سلام الله عليه) الله العالم كم يعيش إلى الآن حوالي ألف وأربعمائة سنة لأنه الامام الأطول مُدة في تكفل المسؤولية عن سابقيه جميعاً حتى رسول الله (صلى الله عليه واله).
ولكن الفرح الأعظم ـ لاحظوا أحبائي ـ ولكن الفرح الأعظم والعيد الأكبر حقيقة لها ولنا ولكلّ المؤمنين هو يوم الظهور حين يَمُن الله سبحانه وتعالى على البشرية المظلومة بارتفاع الظلم وبسط العدل كما قال في الدعاء (اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تـُعِز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدُعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك (لا انه بها نأكل تمن وقيمة أو نركب سوبرات. لا وإنما ماذا ؟) تجعلنا فيها من الدُعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.