Sunday, 1 July 2012
فيما المواطن يفتقد الخدمات الضرورية والسكن اللائق
مجلس النواب العراقي يشيّد لأعضائه قصورًا كاملة الترفيه
ايلاف
استغرب المواطنون العراقيون سلوكيات مجلس النواب العراقي التي وصفها البعض بـ "المعادية" للناس و"الاستفزازية"، فيما رفع البعض أيديهم إلى السماء للدعاء ضد أعضاء البرلمان الذين لا يفكرون إلا بمصالحهم الشخصية ورفاهيتهم، فيما رفض العديد منهم التعليق إلا بكلمة (حسبنا الله ونعم الوكيل) أو (الله على الظالمين).. جاء هذا بعد ساعات من دعوة مجلس النواب الشركات المحلية والأجنبية الراغبة في التنافس إلى بناء مشروع إسكاني ضخم للنواب للدخول في منافسات للحصول على عقد هذا المشروع.
في الوقت الذي يعاني فيه العراق أزمة سكن حادة بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وعدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بمعالجة المشكلة، وجد مجلس النواب العراقي نفسه حريصًا على أعضائه، البالغ عددهم 325 عضوًا، ليحل لهم هذه المشكلة بسرعة، وليميزهم ويبني لهم قصورًا، فيما هو لم ينظر إلى أبناء الشعب الذين يعيشون أزمات مختلفة، أهمها مشكلة السكن، حيث الشكوى عارمة من عدم وجود سكن لائق لمعظم العراقيين وارتفاع بدلات الإيجار ولجوء الكثيرين إلى العشوائيات والخرائب لتكون مأوى لهم.
هذه التطورات البرلمانية جاءت من خلال مجلس النواب، الذي وجّه دعوة إلى شركات عالمية لبناء مساكن للنواب، وصفها المجلس بالقول "إن شاء مشروع سكن أعضاء مجلس النواب يتضمن ثلاث كتل رئيسة منفصلة، اثنتان منها سكنية، والأخرى ترفيهية، ويتضمن بناية سكنية بارتفاع 11 طبقة، مع مرآب بطبقة واحدة لمواقف السيارات، وبمساحة كلية تقارب 110 ألف متر مربع، وبناية سكنية بارتفاع سبع طبقات، مع مرأب بطبقة واحدة لمواقف السيارات، وبمساحة كلية تقارب 18 الف متر مربع.
فيما تشمل المنطقة الوسطية بناية للفعاليات العامة والترفيهية وتقارب مساحتها 140 الف متر مربع، إضافة الى مجموعة من الأبنية الخدمية المنفصلة، والمشروع يشمل كل خدمات البنى التحتية وخدمات الموقع".
حول هذا الامر يقول الاعلامي في قناة السومرية الفضائية المذيع ناطق صلاح الدين: سألت مسؤولاً خلال نشرة الأخبار التي اقدمها: لماذا تبنون مساكن للنواب، وتاركين المواطن بلا مأوى؟، فقال هذه ليست بيوت كبيرة، وإنما مثل مكاتب ومسكن لكل نائب، فقلت له: لماذا المشاريع التي تخصكم تُنفذ بسرعة، وقوانين أخرى تهم المواطن تبقى على الرفوف؟، قال هذا موضوع والقوانين موضوع آخر، ثم إن الخلافات السياسية هي سبب تأخير قوانين المواطن، فقلت له، إذن على المواطن أن ينتظر طويلاً لتحل خلافاتكم.
أما المحامي طارق حرب فقال: هذه ديدنهم، ديدن اعضاء مجلس النواب، يقدمون انفسهم على الناس، وخاصة في الدورة الانتخابية الحالية، وهذا هو ترتيب اخواننا البرلمانيين الكرام لأنفسهم، واعتقد انه عامل استفزاز واضح للناس، ثم انه لا يجوز من الناحية الدستورية اعلان ذلك، لانه محرم على السلطة التشريعية ان تمارس العمل التنفيذي، أي إن هذه الاعمال يجب ان تقوم بها السلطة التنفيذية، وليست السلطة التشريعية، التي يجب ان يكون الإعلان لديها بقرار يصدر من مجلس النواب، وتتولى أية وزارة تنفذ ذلك، نعم .. لهم سلطة الرقابة وسلطة المتابعة، ولكن سلطة التعاقد غير مخوّل بها مجلس النواب، لا في الدستور ولا في النظام الداخلي، فالمسألة شاذة من الناحية التشريعية، وشاذة من وجه آخر في انها تمثل مروقا، وعصيانا، وتمردا على ما هي عليه الحال.
من جانبها قالت الدكتورة خيال الجواهري، ابنة الشاعر الكبير الجواهري: هذه ليست عدالة، انا اعتبر هذا ظلمًا بحق المواطن العراقي، يكفي انهم يعيشون حالة رفاهية وفي منطقة محمية، وليس هناك شيء يعوزهم، وهم هكذا الى ان تنتهي دورة البرلمان، ويأتي غيرهم ليبحث عن مصالحه، انا اعلم انهم اخذوا أراضي بمساحات كبيرة، وعلمت أخيرًا انهم دعوا شركات إلى بناء مساكن راقية من اموال الحكومة وعلى حساب الشعب، فلا بد لهم ان ينظروا الى الناس اولا، والا يقال ان البرلمان هو الحاكم والتشريعي من اجل خدمة الناس.
وأضافت "انا ارى ان الامر غير صحيح، ومع احترامي لرئيس البرلمان فالمفروض به ان لا يقبل وأن يضع بناء بيوت للمواطنين قبل اي بناء لأعضاء البرلمان، هذه ليست عدالة ابدا، فالشعب فقير، وهو اكثر حاجة من البرلمانين إلى هذه البيوت، وانا اعتقد ان مثل هذا السلوك يمثل استفزازًا لمشاعر الناس، فماذا سيقول الذي ليس لديه بيت او جالس في بيت مستأجر عندما يسمع مثل هذا، انا ادعو الى اعادة النظر في هذا القرار، والانتباه الى الناس اولا.
وقالت الاعلامية كريمة علي الربيعي من اذاعة المساواة: انا اعتقد ان البرلمانيين والسياسيين الذين صعدوا حاليا على جثة الشعب العراقي هم نسوا انهم لم ينتخبوا انفسهم، بل ان الشعب هو الذي اقعدهم على كراسيهم هذه، والمهاترات السياسية لا تصب في مصلحة المجتمع، بل في مصلحتهم، فهذه البيوت الفخمة التي يريدون ان تبنيها لهم شركات عالمية امر مؤسف، يجعل الناس في متاهة، فالكثير من ابناء الشعب بلا مأوى، ولم يجد خبزًا ولا خدمات ولا اي شيء يرضيه.
وتابعت "اعتقد ان الشعب يوميًا يصطدم بسلوكيات ومشاكل السياسيين الذي هو في غنى عنها، هؤلاء البرلمانيون بشكل خاص والسياسيون بشكل عام لم يقدموا للناس شيئا ملموسًا، فالشعب ما زال يعيش آلامه ومأساته وجوعه وعوزه، فيما البرلمانيون يعزفون على عظام الشعب ومشاعره حين يشرعون لأنفسهم بيوتا مرفهة، وهذا استهزاء بالشعب، فحين يبني البرلماني بيتًا لنفسه، وهناك مواطن بلا مأوى، فهذه قمة الاستهزاء".
اما وليد العبيدي الكاتب والاعلامي فقال: لوحظ في الاونة الاخيرة ان البرلمانيين دعوا شركات عالمية إلى بناء مساكن لهم، وهذا يدل على ابتعادهم شيئا فشيئا عن المواطنين الذين انتخبوهم، فحتى الان لم نسمع عن قرارات تهم المواطن، وخاصة في مجال الخدمات وبناء البيوت، وحتى احقاق حقوق للمتقاعدين، الذين رواتبهم دون المستوى المطلوب، ونحن نعيش هذه الازمة الخانقة التي سببتها الخلافات بين الكتل السياسية.
واضاف: ان تشريعهم لأنفسهم دلالة على حبهم لمصالحهم الذاتية فقط والابتعاد عن الشعب، فلم نشاهد خلال المدة الماضية اي منجز يحقق رغبات ومطامح شعبنا العراقي، وهذا تأكيد على خوضهم غمار حب الذاتية والأنا، وتحقيق مصالحهم فقط، فضلاً عن كون تشريع مثل قرار كهذا يمثل استفزازًا للشعب، ولا يخدم المواطن ابدا، بل انه سيغضب الناس عليهم، وان كنت موقنا انهم لا يبالون بهذا.
اما المواطن اسعد الشهابي فقال: لا اله الا الله، لا اعرف كيف اتكلم، فأنا مهموم جدًا وغاضب جدًا لانني كلما اعتقد ان الامور ستكون بخير نزداد سوءًا، هل يمكنني ان ابكي على حالي اولاً، انا الذي اتفاءل دائما، انا الان متشائم جدا، كيف يرتضي النواب المحترمون ان يبنوا لانفسهم بيوتا فارهة، فيما الشعب بلا بيوت ولا سكن، كيف يمكنهم ان يقولوا للرب العظيم حين ينامون هانئين فيما الناس تتعذب، واين احترامهم لمسؤولياتهم؟. انا اعتقد ان هؤلاء من الظالمين، نعم.. انهم يظلمون الناس حين يغتصبون حقوقهم، وهذه البيوت التي سيبنونها وتسكنها عوائلهم مغتصبة، ولا حق لهم فيها.
المواطنة كريمة برهان قالت: انا لا استغرب مثل هذه الأخبار، فالنواب سعداء لأن جيوبهم امتلأت بالسحت الحرام، اصبحت لديهم بيوت فخمة وحدائق وملاعب ونحن المساكين نستجدي العطف منهم، انهم يعتقدون انهم سوف يسعدون ببيوتهم ومكاتبهم هذه التي يأخذونها من لحم المواطن المسكين، كلا ورب الكعبة، فما دام هناك مخلص عراقي واحد، فسوف يلاحقهم اينما كانوا، وان الله سيعاقبهم لانهم خانوا المسؤولية.