بدايات
.........
مضى زمن طويل جدا ... على كل ما آمن به .. شاخت معه أفكاره .. ماعاد يؤمن بالصدف السكرية
ماعاد يؤمن بالبدايات الكبيرة ... ماعاد يؤمن وحسب ...
يمسك منها ... ويطلق للريح ... ويختزن ما يشاء .. من لجلجة تضرب صدره
ربما ... كان تموضع قلبه خاطئاً ... ربما فقد قلبه .. ربما وربما وربما .....
كان الحرج من البقاء واقفاً في ممر الباص ... من دفعه للجلوس على المقعد الشاغر الوحيد فيه
متأبطاً هاجس شيخوخته ... تقدم .. ليجلس ..
كان عليه أن يجتاز الجالس على المقعد المجاور .. أو الجالسة بتعبير أدق ..
ما جعله ... يشعر بحرج آخر ... واذ يبدو أنها لن تتيح له خلاصاً من المرور بهذه التجربة الثقيلة عليه اذ سحبت قدميها فقط من امامه متشبثة بمقعدها
رسم تلك الابتسامة الباهتة على محياه .. معتبراً اياها تحية كافية .. وشكراً لحيز المرور الضيق المتاح له
ماذا لو توقف الباص فجأة .... - خطرت الفكرة بباله -
أي موقف سيكون هو في غمرته وقتها ... وكيف سيعتذر ... كيف سيلملم لغته لحظتها ..
ماكان يضيرك لو انسحبتِ للمقعد الآخر وخلصتني هذا العناء .. يحدث نفسه ناقماً
مطّ شفتيه .. صارخاً مع نفسه - لا يفارقهن الغباء - .. لو كنتُ محلها لفعلت ذلك ... لسن يقوين على تقدير موقف بسيط كهذا
تدارك ملامحه ... واعاد رسم تلك الابتسامة الباهتة من جديد ...
لم تكن خطوة واحدة ... بدت تلك اللحظة وكأنها استغرقت كامل وقت مسير الباص ..
وأخيراً ... جلس ..
ما استوى في جلسته حتى صعقه صوتها :- رحلة موفقة ... كلمتين وابتسامة لم يعرف معناها ..
مرتبكاً .. ردد شكرها مرتين .. ما كنت راغباً بازعاجك ..
ضحكت هذه المرة .. بصوت مسموع .. أبدا أبداً .. لم يزعجني شيء .. حتى حين دست على قدمي ...
لم يعرف ما يقول .... ذي مخاوفه تتحقق .. واذ تضطرب ملامحهُ .. ولا تكاد تقر على حال ..
توقف الباص .. في اولى محطاته ..
وقفت هي لتنزل منه ... لكنها انحنت قليلاً لتزيده ارتباكاً
همست له بصوت خافت ..
سامحتك على ما فعلت بقدمي .. لكن بعض الصدف ما تزال جميلة لا تنس ذلك
هااا تذكرت شيئاً أيها الغريب ... لا ترفض دعوة امرأة للجلوس قربها مرة ثانية ... وداعاً