هَلَّ الْمُحَرَّمُ فَاسْتَهِلَّ مُكَبِّرَا |
وَانْثُرْ بِهِ دُرَرَ الدُّمُوعِ عَلَى الثَّرَى |
وانظر بغرتهِ الهلال إذا انجلى |
مسترجعاً متفجعاً متفكراً |
واقطفْ ثمارَ الحزنِ من عرجونهِ |
وَاْنْحَرْ بِخَنْجِرِهِ بِمُقْلَتِكَ الْكَرَى |
وانس العقيقَ وأنسَ جيرانِ النقا |
واذكر لنا خبر الصفوفِ وما جرى |
واخلعْ شعارَ الصبرِ منكَ وزرمنْ |
خلعِ السقامِ عليكَ ثوباً أصفرا |
فَثِيَابُ ذِي الأَشْجَانِ أَلْيَقُهَا بِهِ |
ما كان منْ حمرِ الثيابِ مزررا |
شهر بحكمِ الدهرِ فيهِ تحكمتْ |
شراً الكلاب السود في أسدِ الشرى |
لله أيُّ مصيبة ٍ نزلتْ بهِ |
بَكَتِ السَّمَاءِ لَهَا نَجِيعاً أَحْمَرَا |
خَطْبُ وَهى الإسْلاَمُ عِنْد وُقُوعِه |
لبستْ عليهِ حدادها أمُّ القرى |
أو ما ترى الحرمَ الشّريفَ تكادُ منْ |
زَفَرَاتِهِ الْجَمَرَاتُ أَنْ تَتَسَعَّرَا |
وأبا قبيسِ في حشاهُ تصاعدت ْ |
قبساتُ وجدٍ حرها يصلي حرا |
علمَ الحطيمُ به فحطمهُ الاسى |
وَدَرَى الصَّفَا بِمُصَابِهِ فَتَكَدَّرَا |
واستشعرتْ منهُ المشاعرُ بالبلا |
وعفا محسرها جوى وتحسرا |
قتل الحسينُ فيالها من نكبة ٍ |
أضحى لها الإسلامُ منهدمَ الذرا |
قتلٌ يدلكَ إنما سرُّ الفدا |
في ذلكَ الذبحِ العظيمِ تأخرا |
رؤيا خليل الله فيهْ تعبرتْ |
حَقّاً وَتَأْوِيلُ الْكِتَابِ تَفَسَّرَا |
رُزْءٌ تَدَارَكَ مِنْهُ نَفْسٌ مُحَمَّدٍ |
كَدَراً وَأَبْكَى قَبْرَهُ وَالْمِنْبَرَا |
أَهْدَى السُّرُورَ لِقَلْبٍ هِنْدٍ وَابْنِهَا |
وَأَسَاءَ فَاطِمَة ً وَأَشْجَى حَيْدَرَا |
ويلٌ لقاتلهِ أيدري أنهُ |
عَادَى الْنَبِيَّ وَصِنْوَهُ أَمْ مَا دَرَى |
شلتْ يداه لقد تقمصَ خزية ً |
يَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْحِسَابِ مُؤَزَّرَا |
حزني عليه دائمٌ لا ينقضي |
وَتَصَبُّرِي مِنِّي عَلَيَّ تَعَذَّرَا |
وارحمتاهُ لصارخاتٍ حولهُ |
تبكي لهُ الأجلُ المتاحُ تقدرا |
لهفي على ذاكَ الذبحِ من القفا |
ظلماً وظلَّ ثلاثة ً لنْ يقبرا |
ملقى على وجهِ التراب تظنهُ |
داود في المحرابِ حينَ تسورا |
لهفي على العاري السليبِ ثيابهُ |
فَكَأَنَّهُ ذُو الْنُونِ يُنْبَذُ بِالْعَرَا |
لهفي على الهاوي الصريع كأنهُ |
قَمَرٌ هَوَى مِنْ أَوْجِهِ فَتَكَوَّرَا |
لهفي على تلك البنانِ تقطعتْ |
لو أنها اتصلتْ لكانتْ أبحرا |
لهفي على العباسِ وهو مجندلٌ |
عرضتْ منيتهُ لهُ فتعثرا |
لحقِ الغبارُ جبينهُ ولطالما |
في شأوه لحق الكرامَ وغبرا |
سَلَبَتْهُ أَبْنَاءُ اللِّئَامِ قَمِيصَهُ |
وَكَسَتْهُ ثَوْباً بِالنَّجِيعِ مُعَصْفَرَا |
فكأنما أثر الدماءِ بوجههِ |
شفقٌ على وجهِ الصباح ِ قد انبرى |
حُرٌّ بِنَصْرِ أَخِيهِ قَامَ مُجَاهِداً |
فهوى المماتَ على الحياة وأثرا |
حَفِظَ الإِخَاءَ وَعَهْدَهُ فَوَفَى لَهُ |
حَتَّى قَضَى تَحْتَ السُّيُوفِ مُعَفَّرَا |
من لي بأن أفدي الحسينَ بمهجتي |
وأرى بأرض الطيفَ ذاكَ المحضرا |
فَلَوِ اسْتَطَعْتُ قَذَفْتُ حَبَّة َ مُقْلَتِي |
وَجَعَلْتُ مَدْفِنَهُ الشَّرِيفَ المَحْجِرَا |
روحي فدى الراسِ المفارقِ جسمه |
ينشى التلاوة ليلة ُ مستغفرا |
ريحانهُ ذهبتْ نضارة ُ عودها |
فكأنها بالتربِ مسكاً أذفرا |
عضبٌ يدُ الحدثانِ فلتْ غربهُ |
وَلَطَالَمَا فَلَقَ الْرُّؤُوسَ وَكَسَّرَا |
ومثقفٍ حطمَ الحمامُ كعوبه ُ |
فَبَكَى عَلَيْهِ كُلُّ لَدْنٍ أَسْمَرَا |
عجباً لهُ يشكو الظماء وإنهُ |
لَوْ لاَمَسَ الصَّخْرَ الأَصَمَّ تَفَجَّرَا |
بَلِحُ الْغَبَارَ بِهِ جَوَادٌ سَابح |
فَيَخُوضُ نَقْعَ الصَّافِنَاتِ الأَكْدَرَا |
طلبَ الوصولَ إلى الورود فعاقهُ |
ضَرْبٌ يَشُبُّ عَلَى النَّوَاصِي مِجْمَرَا |
ويلُ لمنْ قتلوه ظمآناً أما |
علموا بأنَّ أباه يسقي الكوثرا |
لم يقتلوهُ على اليقينِ وإنما |
عرضتْ لهم شبهُ اليهودِ تصورا |
لعنَ الإلهُ بني أمية َ مثلما |
داود قد لعنَ اليهودَ وكفرا |
وَسَقَاهُمُ جُرَعَ الْحَمِيمِ كَمَا سَقَوْا |
جرع الحمامِ ابن النبي الأطهرا |
ياليتَ قومي يولدونَ بعصرهِ |
أو يسمعون دعاءهُ مستنصرا |
وَلَوَ انَّهُمْ سَمِعُوا إِذاً لأَجَابَهُ |
منهم أسود شرى مؤيده القرى |
مِنْ كُلِّ أَنْمُلَة ٍ تجُودُ بِعَارِضٍ |
وَبِكُلِّ جَارِحَة ٍ يُرِيْكَ غَضَنْفَرَا |
قَوْمٌ يَرَوْنَ دَمَ الْقُرُونِ مُدَامَة ً |
وَرِيَاضَ شُرْبِهِمِ الْحَدِيدَ الأَخْضَرَا |
يا سادتي يا آل طه إنَّ لي |
دَمْعاً إِذَا يَجْرِي حَدِيثُكُمُ جَرَى |
بِي مِنْكُمُ كَاسْمِي شِهَابٌ كُلَّمَا |
أطفيتهُ بالدمعِ في قلبي ورى |
شَرَّفْتُمُوْنِي فِي زَكِيِّ نِحَارِكُمْ |
فدعيتُ فيكمْ سيداً بينَ الورى |
أهوى مدائحكمْ فأننظم بعضها |
فأرى أجل المدحِ فيكمْ أصغرا |
ينحطُّ مدحي عنْ حقيقة ِ مدحكمْ |
ولو أنني فيكمْ نظمتُ الجوهرا |
هيهاتَ يستوفي القريضُ ثناءكمْ |
لو كان في عددِ النجومِ وأكثرا |
يَا صَفْوَة َ الرَّحْمنِ أَبْرَأُ مِنْ فَتى ً |
فِي حَقِّكُمْ جَحَدَ النُّصُوصَ وَأَنْكَرَا |
وَأَعُوذُ فِيْكُمْ مِنْ ذُنُوبٍ أَثْقَلَتْ |
ظهري عسى بولائكمْ أنْ تغفرا |
فَبِكُمْ نَجَاتِي فِي الْحَيَاة ِ مِنَ الأَذَى |
وَمِنَ الْحَجِيْمِ إِذَا وَرَدْتُ الْمَحْشَرَا |
فَعَلَيْكُمُ صَلَّى الْمُهَيْمِنُ كُلَّمَا |
كرَّ الصباحُ على الدجى وتكورا |