يدرس خبراء المركز الألماني لبحوث الطيران والفضاء استخدام تقنية تحاكي عمل زعانف الصدر للحوت الأحدب، لمنع سقوط الطائرات المروحية.
وتعتبر الحيتان الحدباء من أكبر الكائنات الحية على الأرض، ويصل معدل طولها 15 مترا، ويصل وزنها في بعض الأحيان إلى 30 طنا.
ولا شك أن حيوانا بهذا الحجم والوزن الكبير يحتاج إلى طاقة خيالية للحركة بحرية داخل المياه، ويساعده في ذلك أن جسمه ينساب بشكل فريد مع مسار التيارات داخل الماء. كما تحتوي زعانفه على نتوءات عجيبة تساعد الحوت في الحفاظ على مساره داخل الماء ضد التيار، وهذه الخاصية العجيبة دفعت خبراء المركز الألماني لبحوث الطيران والفضاء في كولونيا إلى دراسة عمل نتوءات زعانف الحوت الأحدب.
انهيار المروحيةوتطير الطائرة المروحية (الهليكوبتر) عادة عندما تتساوى سرعة ريشة المقدمة مع سرعة الريشة الراجعة، ففي حالة التحويم مثلا تكون كلتا الريشتين متساويتين في السرعة الجوية، وبالتالي تكونان متساويتين في الرفع.
أما عملية انهيار الطائرة المروحية فتحدث عندما تختلف سرعة ريشة المقدمة عن سرعة الريشة الراجعة، وبالتالي فإن قوة الرفع تكون غير متساوية، وعندما تكون سرعة الريشة الراجعة أسرع من سرعة ريشة المقدمة في الطائرة المروحية فإن الطائرة تهتز وترتفع مقدمتها للأعلى، ولكن إن استمرت الطائرة على سرعتها فإنها ستدور باتجاه الريشة الراجعة وتنهار.
وعلى الرغم من أن الحوت الأحدب يسبح في الماء، والطائرة المروحية تطير في الهواء، فإنهما يشتركان في مشكلة متشابهة هي الانهيار بشكل مفاجئ. ولا يعاني الحوت الأحدب من مشكلة الانهيار هذه بسبب احتواء جسمه على نتوءات خارجية في زعانف الصدر، تعمل على صنع دوامات أو زوابع صغيرة جدا تسحب تيارات الماء إليها على طول امتداد الزعانف، ومن ثم تقلل بذلك من خطر التيارات ومن خطر الانهيار وتوقف الحركة للحوت.
كما أن الحوت الأحدب يستطيع بهذه النتوءات التحكم في زعانفه لتغيير الاتجاه أو للمناورة في الحركة. واستطاع خبراء محاكاة ذلك عبر نموذج للزعانف ضد تيارات الهواء.
ويقول مدير فريق التجارب المختصة بالمرونة الهوائية في المؤسسة الألمانية لبحوث الطيران والفضاء بمدينة غوتينغن الخبير الألماني هولكير ماي إنه قرر تجربة هذه الخاصية على الطائرات المروحية، وذلك عن طريق صنع نتوءات شبيهة بالتي توجد على زعانف الحوت الأحدب.
ويضيف أن فريقه صنع في البداية رقائق مطاطية مغطاة بصفائح معدنية، بحيث تظهر على شكل قطعة ملساء، لكن هذه الرقائق لم تؤد العمل المطلوب، فقام فريق العمل بقيادته بتجربة أسطوانات صغيرة مع هذه الرقائق ودرسوا فعاليتها، إلى أن توصلوا إلى اختراع أسموه 'صانع الزوابع الأول 'Leading Edge Vortex Generators'.
الاختراع الجديد هو عبارة عن نتوءات صناعية صغيرة جدا لا يتجاوز قطرها ستة مليمترات، ومقدار ارتفاعها مليمتران اثنان، وتتكون من رقائق مطاطية مغلفة بصفائح معدنية لاصقة يُمكن أن تلصق على حافة الأجنحة.
وتقوم هذه النتوءات الصناعية بصنع زوابع هوائية صغيرة فوق الأجنحة تمتص التيارات الهوائية.
ولا يزال الاختراع الجديد تحت التجربة، وقد يحتاج لعدة سنين أخرى من التجارب لأجل الوصول إلى النسخة النهائية منه، التي يُمكن استعمالها في الطائرات المروحية. إذ تحتاج الاختراعات في مجال الطيران كثيرا من الوقت من أجل استخدامها، لأن الموافقات الضرورية في هذا المجال تتطلب سنين عديدة من الدراسة والكشف.
ولذلك يدرس العلماء حاليا استعمال هذا الاختراع في مجالات أخرى بعيدة عن مجال الطيران، لا تحتاج إلى تراخيص خاصة، مثل استعمال هذه النتوءات الصناعية في دفة السفن، التي تستعمل لتوليد الطاقة الكهربائية.