مع تزايد الحملات العسكرية ضد الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية والقرن الإفريقي باتت ليبيا ملاذا للإرهابيين الفارين من وقع الغارات الجوية من سوريا والعراق عبر تركيا إلى منطقة الساحل والجنوب الليبي، حيث أصبحت المنطقة العربية برمتها مرتعا خصبا لنمو الجماعات المتطرفة التي تبنت أيدولوجية الإرهاب خاصة بعد أحداث الربيع العربي التي عصفت بعدة دول من تونس إلى ليبيا فسوريا والعراق واليمن.
ولم تقتصر تلك التنظيمات على كونها جماعات مسلحة مؤدلجة فقط ومرتكزة على مواطئ أقدام وقواعد جغرافية باتت تسيطر عليها لها كداعش في سوريا والعراق وأنصار الشريعة في ليبيا، غير أنها أصبحت تنشط خارجيا من خلال حملات التجنيد وعبر انتقال وعودة عناصرها إلى مناطقها الأصلية في حملة لاستقطاب المتعاطفين مع تلك التنظيمات من الخلايا النائمة أو الذئاب المنفردة التي يلهمها الفكر العنيف والمسلح لتلك التنظيمات.
وفي بعض الأحيان، تقوم تلك التنظيمات من منطلقها الجغرافي مقام "دول" تمارس علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول أخرى لتعزيز مواردها المالية كما يحدث في الوقت الحالي مع تنظيمات مثل تنظيم داعش في العراق وسوريا وأنصار الشريعة وفجر ليبيا في طرابلس.
أما بالنسبة لقائمة الجماعات الإرهابية المسلحة الأكثر عنفا فهي تنظيم داعش، الذي يسيطر على سوريا والعراق، وتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي ينشط في اليمن، وأنصار بيت المقدس في سيناء، والشباب في الصومال، وأنصار الشريعة في تونس وليبيا، وبوكوحرام في نيجيريا، إضافة إلى حركة طالبان في باكستان وأفغانستان.
ورغم اختلاف التسميات لتلك الجماعات الإرهابية، إلا أن هناك روابط تجمع بين تلك الجماعات التكفيرية سواء تلك التي تنشط في المنطقة الآسيوية أو تلك التي ترتع في القارة الإفريقية كما في الصومال ونيجيريا ومالي ومنطقة الساحل جنوبي الصحراء الكبرى وعلى الأخص في الجنوب الليبي.
فقد أعلنت عدة جماعات أصولية مسلحة مبايعتها أو دعمها لتنظيم داعش، مثل داعش ليبيا والذي يتخذ من مدينة درنة شرقي ليبيا معقلا له، وسيطر على عدة مدن ليبية مثل سرت وصبراتة ومدينة صرمان ويحاول بسط هيمنته على حقول النفط الليبية ضمن ما يسمى بمنطقة الهلال النفطي.
وكانت درنة أول "إمارة" للإرهابيين، فهي المدينة التي ذهب عدد من شبانها إبان حكم معمر القذافي إلى أفغانستان والعراق للقتال تحت لواء المتشددين، قبل أن تسقط، بعد "الثورة" التي أطاحت نظام القذافي عام 2011.
أما بنغازي التي كانت مهد الثورة، فقد شهدت في السنوات الأولى التي أعقبت إطاحة القذافي فوضى أمنية تمثلت بسقوط المدينة بقيضة الميليشيات، وسط انتشار عمليات الاغتيال والتصفية، كما زاد من انحدارها نحو الهاوية انتقال مقر المجلس الانتقالي إلى العاصمة طرابلس.
ومما لا شك فيه أن تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق ربما يهدد بتحويل ليبيا إلى ملاذ للإرهابيين القادمين من سوريا والعراق عبر تركيا إلى ليبيا. فليس مستغربا أن تظل الخطوط الجوية التركية، الوحيدة التي تعمل من وإلى ليبيا حتى بعد وقف كافة الشركات الأخرى رحلاتها إليها.
ولم يكن الحادث الأخير في الصومال، وما سبقه من عمليات متصاعدة لداعش في تونس والجزائر، سوى أدلة على هجرة الإرهابيين نحو الجنوب مجددا.
وتشير تقارير أمنية إلى أن عدة آلاف من العناصر الإرهابية ممن يتحدرون من المنطقة المغاربية يرغبون للعودة إلى بلادهم مما يجعل ليبيا المنطقة الأمثل لعودتهم خاصة في الجنوب الليبي عبر الأراضي السودانية في ظل الطبيعة الصحراوية لليبيا.
وحتى أن تلك العناصر يمكنها الاستقرار في المناطق الساحلية التي تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية في ليبيا كمصراتة وطربلس وزوارة وبنغازي في ظل الفوضى الناجمة عن انشغال الحكومة الليبية والقوات الحكومية بالتصدي للميليشيات غير الشرعية ليوسع خريطة تمدده في ليبيا، الأمر الذي بات يهدد بسقوط البلاد في قبضة الإرهاب.
المصدرhttp://www.skynewsarabia.com/web/art...B9%D8%AF%D8%A9