في أوج التطور الذي اجتاح العالم العربي كان لابد بأن يختلط العرب بغيرهم وأن تتعدد الثقافات بتعدد الأجناس، فامتزج العرب بأهل الهند والسند والغرب على وجه الخصوص ، تفاعلوا معهم تجارياً وسياسياً وثقافياً .
وكانت اللغة العربية في كل هذا هوية تميز المواطن العربي عن غيره ،لكن في الوقت الحالي وقف مفهوم ( لغة العصر) عائقاً أمام تلك اللغة ، فهاهي لغة القرآن اليوم تمر بأصعب مراحلها، مرحلة ما قبل النسيان فالكل ينشد تعلم الانجليزية.. وليت الأمر اقتصر على ذلك بل تجاوزه حتى أصبحت بعض المؤسسات والمحلات العربية المشهورة لا تتعامل إلا بها كلغة رسمية، ومن بقي على لغته- ليواكب العصر أيضا- اتجه للحديث باللهجة العامية الأكثر تداولا في منطقته .
وأمام الملايين من العرب هناك فئة قليلة تهوى هذه اللغة وتعشق تعلمها وتعليمها فعندما تسأل معلم اللغة العربية عن اختياره هذا المجال تجد جوابه لا يختلف كثيراً عن دارس اللغة فسيقول هو يهوى هذه اللغة ويستمتع بتدريسها فهي كالبحر لا عمق لها وكالسماء لا حدود لها .
فأين وصل الحال بلغتنا العربية ..؟؟؟؟ وهل حقاً صارت هواية يتمنى البعض ممارستها والتفنن فيها والبعض الأخر لا يجد أي ميول في نفسه تجاهها ...؟؟ أم أنها لازلت هوية للإنسان العربي ؟؟
وحين يكثر الحديث عن مستقبل هذه اللغة وعن الخوف من ضياعها تتردد نفس الجملة في أذهان الجميع : كيف للغة القرآن المحفوظ من عند رب العالمين أن تنتهي أو تضيع؟؟!! .متناسيين ومتغافلين أن القرآن الكريم قد ذكرنا أن نأخذ بالأسباب ، فهذه العربية لن تضيع تماماً وستظل محفوظة في المصاحف ولكن في نفس الوقت لن تتنزل ملائكة من السماء لتلقن الأجيال القادمة لغة لم يعد الكثيرون يستخدمونها.
على الأقل جميعنا ندرك أنها لن تضيع .،،مهما تعددت اللهجات وتطورت العصور .، ستبقى خالدة في المصاحف. وكما هو حال الإسلام بدأ غريباً وسينتهي غريباً، سيكون حال اللغة العربية فطوبى للغرباء الذين سيظلون متمسكين بها .. كهوية وكمبدأ وكانتماء.
عبير الربيعي