هل يمكن أن تشتعل الولايات المتحدة الأمريكية نار الحرب بمناطق بأسرها بإرادة أمريكية خالصة متكاملة، وذلك دونما أن يعبر جندى أمريكى واحد المحيط، وتحقق نصر بلا حرب؟ فعقب تجربتها المريرة فى مستنقعات فيتنام أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أنه ينبغى لها أن تحقق أنتصاراتها دون حروب، وهو ما تأكد لها بعد التكاليف الباهظة التى تكبلتها عقب حربها على العراق.
وقد سبق وأن قام الرئيس الأمريكى الأسبق Richard Nixon – ريتشارد نيكسون، والذي طرد من البيت الأبيض على اثر فضيحة وترجيت، بتأليف كتابه الشهير « Victory Without War 1999 – 1999 نصر بلا حرب» -وهو الكتاب الذى سنتناوله بعد قليل- بطرح سيناريوهات تحقق للولايات المتحدة الأمريكية نصر بلا حرب؛ حتى تبقى علي مقعد رئاسة الخماسي، الذي سيحكم ويتحكم في العالم بداية من عام 2000م، العام الذي سيتحقق فيه نصر الولايات المتحدة الأمريكية علي الاتحاد السوفيتي السابق بدون أن يكون هناك تبادل لإطلاق النار بين القوتين العظميين في العالم، والنصر يعني ما تحقق في الواقع بتفكيك الاتحاد السوفيتي الذي سيبرز منه روسيا الأتحادية كقوة عظمي.
وكتاب نصر بلا حرب الذي كتبه نيكسون عام 1988م، وترجمه للعربية وقدم له رئيس الاركان المصري المشير محمد عبد الحليم ابو غزالة، فصدرت طبعته الاولى عام 1988م، والطبعة الثانية عام 1989م عن مركز الأهرام للترجمة والنشر في 355 صفحة.
وتأتى أهمية الكتاب كون مؤلفه ريتشارد نيكسون هو صاحب مبدأ نيكسون والقاضى بتخلي الولايات المتحدة عن التدخل المباشر في مختلف المشكلات الدولية وعن لعب دور الشرطي للامبريالية العالمية، فينبغي للولايات المتحدة إلا تتدخل في أي نزاع في العالم الثالث بقواتها المسلحة مستقبلاً ضد رجال حرب العصابات، ما لم تتدخل قوة كبرى اخرى فيه، وتقدم امريكا مساعدات عسكرية وإقتصادية بالكميات الكافية لهزيمة المتمردين.
حيث اعترف نيكسون في الكتاب قائلاً:- «إن هزيمة إسرائيل فى ٧٣ جعلتنى أؤمن بأن المواجهة العسكرية مخاطرة، وأن التفوق فى التسليح لا يعنى ضمان النصر».
ففي كتابه يؤكد نيكسون ان الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها ان تنتصر على اية دولة في هذا العالم، مهما كانت كبيرة وقوية، وفي اي وقت وتحت اي ظرف، دون ان تدخل حربا فعلية مع هذه الدولة،
شريطة ان تعتمد وسيلتين:-
- الوسيلة الاولى، اطلاق حملة اعلامية مكثفة وضارية لتشويه سمعة هذا البلد، وتأليب الرأي العام الامريكي والعالمي ضده، بهدف التأثير النفسي عليه من الداخل.
- الوسيلة الثانية، التي يجب ان تتزامن مع الحملة الاعلامية، هي حشد اكبر قدر ممكن من الجيوش والاساطيل الامريكية، والاستعداد الجدي للحرب، بحيث يدخل في روع البلد المقصود ان الحرب واقعة لا محالة، وان الحلم بالنصر على الولايات المتحدة بامكانياتها العسكرية والإقتصادية والتكنولوجية الهائلة هو امر مستحيل، عندئذ سوف يستسلم هذا البلد، وينصاع لكافة المطالب والاملاءات الامريكية… وبذلك تنتزع الولايات المتحدة النصر بلا حرب.
لكن أبرز نبوءاته، التي صدقت، حديثه عن ما يسمى «الأصولية الإسلامية»، وهو قال إنها ستصبح أداة التغيير في العالم الإسلامي، وستسعى إلى الوصول إلى السلطة بأية وسيلة، وأشار بوضوح غير مسبوق إلى دورها في منطقة الشرق الأوسط، وكأنه يصف ما يجري اليوم، واعتبر الفقر أقوى وقود للفتن الطائفية في منطقتنا، وقال إن «العدو الأكبر في العالم الثالث هو الأصولية الإسلامية»، ولخص سبب التعاطف مع الحركات الإسلامية العنيفة بعبارة سياسية بليغة، يقول «إن الحركات الأصولية الإسلامية تلقى هوى لدى الناس ليس بسبب ما تطرحه ولكن بسبب ما تعترض عليه».
فيقول نيكسون انه:- “في عالم الواقع، يتوافر لأمة بالغة الصغر، لديها ست دبابات أو ستة أرهابيين وضعاء لديهم قنبلة صغيرة، قدر من القوة الحقيقية يزيد عما للجمعية العامة للامم المتحدة مجتمعة بكل أبهيتها الرفيعة في ايست ريفر”..
فقد عبر الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون عن قلقه من الإسلام والمسلمين، من خلال التطرف فى رداءه المُتأسلم، والذي سماه “المارد الأخضر”، وذلك في إشارة إلى “المارد الأحمر” الشيوعي المتمثل بالاتحاد السوفيتي المنهار.