Friday the 29th June 2012
من قصص الازواج الاجانب في السويد

نزار عسكر من السويد
في رحلة بحثها عن حقيقة ما يقف وراء تفكك وأنهيار العشرات من العوائل الشرقية المهاجرة الى السويد، والتزايد المريع لحالات الطلاق، وأنتشارها بشكل واسع، أكتشف " قصصا مروعّة تُرتكب كل يوم، داخل أسوار عوائلنا!.
ضحايا هذه القصص، نساء بريئات يصارعن من أجل فك قيود أغلالهن! أبطالها رجال من ورق، حُقنوا بموروثات التخلف، وحب السيطرة والتملك وأستعباد النساء..!! والذريعة دائما موجودة: " شرف العائلة"، " طاعة الرجل"، و" نقص في عقل المرأة"!
قد لايستغرب أحدا عندما نتحدث عن هذه القصص في بلاد الشرق، وما اكثرها! لكن المثير، هو انها تحدث في قلعة الدفاع عن المرأة وحقها في المساواة مع الرجل، في السويد..!!
فالعادة المشينة القديمة، وهي ضرب المرأة، وأستعبادها، والأنتقاص من حقها في المساواة مع الرجل، لم تختلف هنا ايضا، بالنسبة الى الكثير من الرجال الشرقيين المهاجرين! لكن الذي اختلف انها تُمارس بسرية تامة في شقق مقفلة النوافذ والأبواب، لئلا يسمع جار سويدي بما يجري ويتصل فورا بالشرطة!!
فالشرطة هنا ليست كشرطة بلادنا! فهي تحشر أنفها وتدسه عميقا في أمور العائلة عندما يتعلق الأمر بتعرض شخص ما، مهما يكن، رجلا او أمراة او طفل، الى الضرب! فمن يضرب حيوانا يُعتقل ويُحاكم، فكيف بالأنسان؟
الرجل يتزمجر ويتوعد ويهدد بان هذا تدخل سافر في شؤون عائلته، ويُطلق المسبات ويهاجم الدولة ونظامها الأجتماعي ويقذفها بأبشع الكلمات، لكن كل هذا لايجدي نفعا! فببرود يجاوبه الشرطي: " أنت من أخترت العيش هنا، وعليك الألتزام بالقانون وقيم المجتمع". إذا القانون هنا هو السيد ولا يُعلى عليه..! وهو الذي يرفض العنف ضد الأنسان مهما كان، وبغض النظر عما ارتكبه من فعل..!!
ما دفعنا لكتابة هذا التحقيق، ليس ألأنتقاص من قيمة الرجل، او التهجم على قيمه، وإنما البحث عن حقيقة مايجري، والعوامل والاسباب التي تقف خلف بروز هذه المشاكل التي اصبحت ظاهرة محسوسة من قبل الراي العام السويدي.

تزوجها كي تخدم والدته ووالده المريض

سيدة تبلغ من العمر ( 35 ) عاما، تدعى ( س. م. ع ) تعيش في مدينة يوتوبوري، لم يمر على وصولها السويد أكثر من سنة ونصف السنة حتى طلبت الحماية من الدولة بعد ان اشبعها زوجها ضربا وأهانة ومذلة مع طفليها، لانها رفضت ان تكون خادمة لوالدته..!! واليكم القصة كما ترويها لـ " إيلاف ": " كانت اخته صديقتي، وكنا جيران في بلدنا، اخبرتني ان شقيقها المقيم في السويد يريد الزواج مني ولم شملي في السويد، فوافقت وتمت مراسيم الزواج وفعلا أنجز معاملاتي ووصلت السويد.. لم اكتشف فيه في البداية اي شي سلبي، لكن سرعان ما ادركت ان والدته تسيره في كل شي وتأمر وتنهي في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، والأكثر من ذلك واجهتني بانها قررت ان يتزوجني ابنها كي اخدمها هي وزوجها وابنها، وان الزمن الذي كنت فيه عند أهلي مكرمة ومعززة وميسورة الحال أنتهى".
تضيف: " أدركت انني في مأزق كبير، وان والدته تضمر لي حقدا ونقصا في نفسها يعود الى ايام زمان حياتنا في منطقة واحدة في بلدنا الأم. ورغم كل محاولاتي ارضائها هي وابنها، إلا انني لم أقابل منه غير الضرب والأهانة".
تؤكد ( س ) ان زوجها اقفل عليها الباب ولم يدعها تعتمد على نفسها في اي شي " لا أعرف كيف أراجع اي دائرة، او أسحب المال من البنك، او أتعلم اللغة.. " ! كان بطريقة او بأخرى لايريدها أن تذهب الى المدرسة، وان تبقى حبيسة الدار تخدمه وتوفر له، ولعائلته المقيمة في السويد، اسباب الراحة!
تقول: " كان يمنعني حتى من السلام على أي جار، او الجلوس في البلكونة، او اللقاء بأحد دون علمه، الشي الوحيد الذي كان مسموحا لي عمله هو، خدمة والدته ووالده، وتحمل أهاناتها وتهديداتها بأنهما سيرجعاني الى بلدي لو تمردت عليهما، مستفيدين من القانون السويدي الذي ينص على اعادة الزوجة الى بلدها في حالة الطلاق قبل ان تنقضي سنتان.. أجبرتني رغما عني وعن ولدها ان اعمل في مرقص ليلي كعاملة تنظيف حتى اوفر المال لهم، بعدها كانت تُشهر بشرفي لانني أضطررت العمل هناك"!
عندما طلبت ( س ) الحماية من الشرطة، طلبوا منها الدليل على قيام زوجها بضربها! تقول: "هل هناك طرف ثالث بين الزوجين حتى يشهد؟ أليس كافيا الأطفال؟؟" لكن في أحد المرات عندما كان زوجها يضربها، شعر بذلك الجيران فأتصلوا بالشرطة وحضرت وأستجوبته، بعدها طلبت الحماية والطلاق، فقررت المؤسسات السويدية الأجتماعية توفير الحماية لها ولطفليها، وستقرر المحكمة قريبا قرارها النهائي بشأن الطلاق".
وبالطبع لم يبق زوجها وأمه طريقة واسلوب للتشهير بها إلا وأستخدموه للنيل منها، والأنتقام لأرادتهم التي أنهزمت على يد الدولة والمجتمع! فهل تتصورون حجم المظالم المرتكبة في بلادنا ضد النساء، حيث يد الرجل طليقة في فعل ما يشاء..؟؟
هذا نموذج يعكس حجم ما تتعرض له الكثير من النساء الشرقيات في السويد، على يد رجال يمتازون بالتوافق في جمع تناقضات كبيرة في العيش بمجتمع جديد يستفيدون من خيراته وينبذون قيمه، ويسخرون كل شي من اجل أنانيتهم وقيمهم الرجعية!

أنتقم منها لانها رفضت مرة الزواج منه سابقا

أثناء سعينا الأطلاع على بعض حالات الطلاق التي تمت بين المهاجرين الشرقيين في السويد، خاصة العرب، واجهتنا حالة فريدة تقترب من الفضاعة في مغزاها، تعكس حجم ما يحمله البعض من أمراض نفسية وعقد وتخلف موروث!
أستاذ جامعي يدعى (... ) حاصل على شهادة ماجستير من إحدى الجامعات العربية، تعرف في الكلية، قبل ان يسافر بلده العربي ويستقر في السويد، على موظفة شابة تعمل في الكلية نفسها، فزاد اعجابه بها، خاصة انها كانت من عائلة ميسورة ماديا. فتقدم بطلب الزواج منها، لكنها رفضت لانها لم تكن ترغب في الزواج، وعبرت له عن ذلك بمنتهى الأدب. وشاءت الصدف ان فكر الأستاذ الجامعي في السويد الزواج، فطلب من اهله ان يخطبوا له الفتاة المذكورة. وبعد مفاتحتها، تصورت ان هذا الشخص لازال يحمل في قلبه لها ومضة حب حتى الان، فقررت الموافقة، تحت بريق حلم الحياة في اوروبا أيضا، دون ان تعلم ما يضمه هذا الأستاذ من بقايا حقد وضغينة نشأت وتراكمت عندما رفضته في اول مرة. وفي يوم وصولها الى السويد استقبلها مع صديقته السويدية، لأذلالها وهي في ثوب عرسها. وطلب من صديق له نقلها الى شقته التي وفر فيها المأكل والملبس وكل شي، إلا هو شخصيا الذي غاب عنها وتركها لوحدها في الشقة، حائرة خائفة لا تعرف ماذا تعمل وكيف تتصرف، وهي التي لم يمضي على وصولها هذا البلد الغريب، غير ايام قليلة! مرت الأيام وبعد حوالي عشرة أيام جاء زوجها الجامعي، ليقضي على ما تبقى منها كأنسانة، عندما اعترف لها انه تزوجها من أجل اذلالها والأنتقام من رفضه لها! فتركها وخرج ولم يعد! وبعد ان توصل اهلها الى حقيقة ما جرى طلبوا من اصدقاء لهم الأهتمام بها، وكانت تنتظر أعادتها الى بلدها من قبل السلطات بحسب القانون السويدي، لكن صدفة تعرفت على شخص من بلدها وتفهم وضعها وأحبها فتزوجها!
هذه قصة حقيقة حدثت في مدينة ستوكهولم السويدية، وليست من الخيال، وحتما هناك الكثير منها لا احد يعلم بها، ينفذها رجال مرضى يتحايلون على الأعراف والقيم وعلى القانون السويدي.

ما سبب تزايد حالات الطلاق بين المهاجرين?

تزايد حالات الطلاق بين المهاجرين يرتبط ارتباطا وثيقا بجملة من الأسباب والعوامل التي لها علاقة بقيم المجتمعين القديم والجديد. إضافة الى عوامل أجتماعية ودينية واقتصادية أخرى.

تبدا القصة للبعض، منذ أن يختار المهاجر العيش في مجتمع جديد. فهذا المجتمع يكون مفتوحا وحرا وديمقراطيا، لا فرق فيه بين الرجل والمرأة، تماما وعلى ارض الواقع وليس لفظيا! هنا بعض الرجال، يشعرون ان دورهم أختلف. وان المرأة أصبحت في نفس مستواهم، من ناحية الحقوق والواجبات والأعتماد على النفس والعمل واستحصال الوارد المالي. وبما أن المجتمعات الشرقية هي عموما مجتمعات "بطريركية" "أبوية" الرجل فيها هو الآمر والناهي! سرعان ما يحدث خلل في هذا المفهوم في المجتمع الجديد، فيتعرض الرجل الى ضعف نفسي، يؤدي الى توتر العلاقة الزوجية، وبالتالي حدوث مشاكل لا آخر لها، خصوصا اذا رفض الرجل القبول بالواقع الجديد، وأصّر على ان المرأة، منقوصة الحقوق، مكانها البيت!
هناك الكثير جدا من الرجال يستشيطون غضبا وحنقا عندما يجدون ان قابليات زوجاتهم المهنية والحياتية عموما، تتطور بعد ان كانت مغلوقة ومقيدة بسلسلة من القيم والذرائع البالية في مجتمعاتنا، فهم يرون بأم أعينهم كيف ان المجتمع يمنحهم الفرصة لتطوير قابلياتهم، سواء من خلال تعلم اللغة، اوتطوير المهارات المهنية وايجاد فرصة عمل لهم.
في المقابل، نشهد حالات لافتة لتراجع الكثير من الرجال في مواكبة التطور الجديد، والفشل في تعلم اللغة، وعدم الحصول على عمل، الأمر الذي يهمش من دوره الذي يريده في العائلة، خاصة مقابل النجاحات التي تحققها له زوجته، فيحدث خلل في دوره. ونتيجة لذلك، يحدث عنده اعراض نفسية، تؤدي الى مشاكل لاحصر لها بسبب رغبته في العودة الى دوره السابق، مثلما كان في بلده من خلال اللجوء الى استعمال القوة والعنف من اجل أخضاع زوجته لرغباته والسيطرة عليها وعلى البيت.
ونتيجة استخدامه القوة بسبب الخلل في دوره، واستعمال القوة من اجل السيطرة، يفقد زوجته، ويحدث الطلاق. وهذه ظاهرة عامة بين المهاجرين الى السويد، وهي مدروسة، تشمل أكثر حالات المطلقين.

مشاكل عائلية قديمة تنفجر هنا

من الأسباب الأخرى التي توصلنا الى انها تقف وراء حالات الطلاق، هي ان قسم من المتزوجين يكون لديهم مشاكل قديمة في بلدانهم ليست محسومة، لان دور المرأة يكون هناك اقل، فتكون مجبورة على التحمل، وتقبل الضرب والأهانة من الزوج، فلايوجد حاضنة أجتماعية قوية تنصفها، او دولة تدافع عنها، فكما هو معروف فان كل موبقات الرجل، مبررة في مجتماعتنا، حتى تلك التي يقترفها بحق أخته او زوجته او أبنته. وليس خافيا انه لاتوجد في بلداننا حماية اقتصادية واجتماعية للمراة، لذلك تكون مجبرة على تحمل كل هذه المظالم والجرائم بحقها. ولا ننسى ان تهمة العار والناموس والشرف جاهزة، ويمكن بسهولة للرجل ان يلصقها بزوجته المطلقة، او من تعصى أوامره!
وعندما تاتي العائلة الى هنا تتفاقم هذه التناقضات وتصبح فرصة للمرأة كي تحسمها، وتجد لها الحلول التي تنصف حقها. ولا تتحمل الرجل كما في السابق، لان مستلزمات المجتمع الجديد اختلفت، وهي لا تتحمل استمرار نفس الخلافات والمظالم ضدها. وفي الكثير من الحالات، يلجأ الرجل الى أيجاد الذرائع القديمة ذاتها لتبرير فعلته، فهو لايستطيع الأعتراف بأن الخلل فيه، فيلجا الى أختلاق أتهامات باطلة ضد زوجته، من قبيل اتهام المراة بالدعارة والخروج عن القيم وأخلاق مجتمعه! وهي اتهامات سرعان ما تجد لها صدى وقبول في ذهنية كثيرين من المهاجرين، وعوائلهم في البلدان الأم، وقبل ذلك في مجتمعه الضيق!

لكن هل الذنب كله ذنب الرجل؟

بالطبع، المرأة تتحمل هي الأخرى جانبا من المسؤولية في تفكك الأسرة وحدوث الطلاق. وعندما نقول بأن هناك خلل في المرأة، فأن الكثير يفهمون هذا الخلل بأنه خلل متعلق بالجنس! وهو بالطبع ليس كذلك. فهناك عدد من النساء المهاجرات لايستوعبن شروط المجتمع الجديد، بشكلها الصحيح، فيلجأن بسرعة الى فرض شروط قاسية وتعجيزية على الرجل، سواء في بلدهم او في السويد، مثل زيادة الوارد المالي وفرض شراء بيت او فيلة وسيارة جديدة.. الخ من الطلبات التي يعجز الزوج تأمينها. وعادة تكون رغبة الحصول على هذه الأشياء من قبل الزوجة مرتبطة بمرض الحسد الأجتماعي. فهي تريد ان يكون لها ما لجيرانها او اقاربها!
إضافة الى ذلك، فان عدد من الزوجات يفهمن حرية المرأة واستقلاليتها بشكل خاطيء تماما! فبعضهن يقبلن تدخل أهاليهن بحياتهن الخاصة، خصوصا المالية، فيحدث خلاف بين الزوج والزوجة. لذلك فان الخلل احيانا يكون من كلا الطرفين، واحيانا من طرف واحد. وقد يكون من الصعب احصاء وتقدير كل حالة لكن هذه الحالات موجودة ولاتتوفر احصاءات حول كل حالة، خصوصا من مصادر ومؤسسات سويدية رسمية لان القانون السويدي يمنع منعا باتا تقسم الناس على اساس اثني او ديني، لذلك ان توفرت احصاءات فهي عامة تشمل كل السويد، وليس المهاجرين لوحدهم!

كيف يتعامل القانون السويدي مع حالات الزواج والطلاق؟

على عكس الكثير من الدول الأوروبية الأخرى، تمتاز السويد بأنها تسمح لكل رجل او أمراة، سواء من مواطني البلد الأصليين او المهاجرين المقيمين رسميا، بلم الشمل العائلة في السويد. فالرجل اذا تزوج من أمراة من بلد اخر، او بالعكس، تكون الدولة ملزمة بمنح الأقامة للشريك واطفاله ايضا. لكن سلطات الهجرة، تحقق في ذلك، وتجري سلسلة من المقابلات وحتى اختبارات في حالات معينة، للتوصل الى قناعة بان الزواج حقيقي وليس مصلحي وهمي من اجل الحصول فقط على اقامة في السويد! وبعد فترة انتظار قد تصل احيانا الى اشهر طويلة، تمنح دائرة الهجرة اقامة وقتية للزوج او الزوجة، تستمر لمدة عامين، يتخللها متابعة مستمرة من قبل مسؤول اجتماعي رسمي، ومراقبة هل الزوجان يعيشان معا ام لا. وخلال هاتين السنتين اذا حدث وان اختلف الزوجان، وحدث الطلاق ينص القانون على اعادة الزوج او الزوجة الى البلد الأم، لانتفاء مبرر لم الشمل، لكن اذا مرت السنتنان، فان لهما الحق في البقاء بالسويد. ويوجد حالات خاصة أستثنائية لايتم فيها اعادتهما الى بلدهما، من قبيل ان يكون للزوجة المطلقة اطفال او اسباب قوية جدا تشكل خطورة لها في حال اجبارها على العودة الى بلدها.
أيضا القانون السويدي يمنع منعا قاطعا تعدد الزوجات! ولا يسمح بأي شكل من الأشكال أعتداء الزوج على زوجته او اطفاله، او حتى التهديد بأستعمال القوة ضد الأطفال. ورياض الأطفال والمدارس يسارعون في تعليم الأطفال كيف يتصلون بالشرطة في حال ضربهم من قبل والدهم او امهم. وهناك حالات خاصة تقوم فيها مؤسسات الدولة الأجتماعية بفصل الطفل او المراهق عن عائلته، ونقله الى بيوت حماية خاصة اذا تم التأكد ان عائلته عاجزة عن تربيته تربية صحيحة! او في حال تعرضه الى عنف.
وفي حالات المشاكل الزوجية واستعصاء حلها، يتقدم احد الزوجين بطلب الطلاق، فيتم ابلاغ المسؤول المعني بذلكن فيطلب منهم التريث والتفكير واعطاء فرصة لنفسيهما لمدة ستة اشهر، قد يقرران فيها الزوجان العيش بصورة منفصلة، كل منهما في بيت. وبعد مرور هذه المدة تنظر المحكمة بطلبهما، وتقرر وضعهما ووضع الأطفال والملكية والشقة والخ.

إذا.. ما السبيل الى عائلة قوية؟

كيف للمهاجر الذي يعيش في مجتمع جديد مختلف كليا عن مجتمعه الحفاظ على عائلته وقوة ارتباطه بزوجته واطفاله؟ هل اصبح الطلاق قدر لابد منه؟ هل انعدمت طرق التفاهم والحب المتبادل؟ هل حقا السويد او اوروبا هي مقبرة للزواج والحب كما يحلو للبعض الأدعاء به؟؟
أسئلة كثيرة تتبادر الى ذهن من لايعرف طبيعية الحياة في السويد، خصوصا من قبل المهاجرين الجدد، او من قبل عوائلهم في البلدان الأم، او من قبل بعض من يحلم بالعيش في اوروبا!
بداية لابد القول ان الحياة الزوجية في السويد، لاتعني ابدا التفكك والتشرذم! فهذه اوهام يطلقها البعض ممن يعزل نفسه عن المجتمع الجديد، ولايريد الأندماج لمختلف الأسباب - لسنا بصدد تناولها الآن – او ممن يريد ان يشوه الأمور ويفهمها كما يريد، وليس كما هي على أرض الواقع!! صحيح جدا ان كثرة من السويديين يعيشون حياة فردية، لكن هذا لايعني ان العوائل لاتحكمها قوانين ومبادئ يلتزم بها الزوج والزوجة والأطفال!
ببساطة قانون العائلة هو المساواة بين الرجل والمراة، في الحقوق والواجبات، والأتفاق على تأهيل المراهق او الشاب على ان يكون قادرا على الأعتماد على ذاته. بالطبع هناك من يشذ بقوة على هذه القاعدة أيضا، وهو سويدي أبا عن جد! وما أمثلة حالات أغتصاب أباء لبناتهم، إلا مثال على ذلك!
لعل كثيرون يتفقون ان اول ما ينبغي العمل به للحفاظ على العائلة، هو ادراك وقبول الظروف والحياة الجديدة، وقيمها ومبادئها وقوانينها. اي تغير القيم القديمة في العلاقة الزوجية، ونبذ عقلية استخدام العنف وأستعباد المراة، وتغير النظرة لها ولدورها الحيوي، وعدم الفهم الخاطىء لمكانتها، فمساواتها مع الرجل عامل قوة للعائلة وتعزيز لروحية ونفسية الزوجة في دعم عائلتها وزيادة الحب فيها، ورعاية اطفالها بالتعاون مع الزوج، رعاية تؤهل طفلا سليما فكريا ونفسيا، خال من العقد والنواقص.
فاحترام الزوجة وحقها في المساواة هو اساس العلاقة الزوجية الناجحة، وسر الحفاظ على تماسك العائلة.

هل حقا السويد تشجع الطلاق؟

هناك الكثير من المهاجرين يشيعون بان السويد تشجع الطلاق، وقسم منهم بعد ان تنهار علاقته الزوجية، وتتفكك الأسرة، يسارع الى القاء الوم على المؤسسات السويدية التي ساعدت زوجته المطلقة على الحصول على بيت مجاني، ومساعدات مالية تكفيها للعيش محترمة! بعيدة عن أهانات زوجها وأعتدائه عليها. فهو لايفكر حتى مجرد تفكير بالأعتراف بخطئه، وأستخلاص الدرس والعبرة من نهجه، ويرى من السهل ان يبرر ذلك بذرائع باطلة.
أما حقيقة تشجيع المؤسسات الأجتماعية السويدية للطلاق، فهو أدعاء غير صحيح، بسبب ان دائرة الشؤون الأجتماعية في البلدية ( الكومون )، تضطر الى صرف مخصصات مالية إضافية على الزوجة المطلقة واطفالها، تزيد بكثير عن المبلغ الذي كانت ستصرفه وهي تعيش مع زوجها. لكن ما يحدث هو تشويه للنهج الذي تنتهجه هذه المؤسسات من ناحية دفاعها عن حق المرأة، وتوفير مستلزمات كفاحها واعتمادها على نفسها.

ما سبب عدم نجاح الزواج من غربية؟

ليس خافيا ان عدد من المهاجرين، بسبب اضطرارهم الى العيش في بلدان المهجر، تزوجوا من نساء غريبات عنهم، سواء سويديات او اوروبيات بشكل عام.
التقت " إيلاف " السيد محمد حيدر( 48 ) عاما، يعيش في مدينة يوتوبوري ( جنوب ) تزوج قبل حوالي عشرين عاما من أمراة روسية عندما كان في الأتحاد السوفيتي سابقا، وأنجب منها طفلا واحدا، لكنه أنفصل عنها، رغم هذه السنوات الطويلة!
يقول محمد لـ " إيلاف " عن الأسباب التي تدفع الى فشل هكذا زواج: " احد الأسباب الرئيسية هي أختلاف العادات والتقاليد بيننا وبينهم..الكثير من الرجال لايتأقلمون مع نسائهم ولايسنجمون مع مفهوم الحرية عند المرأة الغربية التي تريدها، إضافة الى الخلفية الأجتماعية، فالنظرة الى الحرية تختلف عندهن والمراة الغربية تفهم الحرية بانها تاخذ سلطتها الكاملة، بما تمليه الحياة من دون النظر الى تقاليد زوجها، ولا النظر الى مكانة الرجل في العائلة، في مجتمعه او محيطه، فهي تفهم العلاقة انها لا تريد التقيد بعادات وتقاليد الرجل ولا تجبره ان يتقيد بعاداتها وتقاليدها، وهذه بعض الأسباب وليس كلها".
يضيف: " الرجل الشرقي يريد ان تكون الزوجة تابعة له، من دون النظر الى الواقع والخلفية الأجتماعية المختلفة للمراة.الناحية الأقتصادية لها تاثير أيضا، فالزوجة تريد ان يكون لها اقتصاد شبه مستقل، أو أحيانا كثيرة مستقل بشكل تام، وهو ما لايقبل به الرجل، فالرجل الشرقي يفكر دائما، ان المرأة يجب أن تكون خاضعه له حتى بأقتصادها".
محمد: " من خلال تجربتي، لم انسجم مع زوجتى لانه كانت لها نظرة مختلفة الى الحياة، لكن بسبب وجود طفل لنا، أردت الأنتظار حتى يكبر كي لايدفع الثمن، خصوصا ان فرص أنحراف الأطفال في المجتمعات الغربية كبيرة جدا، على الرغم من الأطفال دائما حتى لو كبروا يكونون الضحية ويدفعون ثمن الطلاق.. المرأة الغربية قد لا تقبل ان تسالها اين كنت؟ حتى لو كانت هناك ثقة متبادلة! فهي تعتبرها تدخلا سافرا في شؤونها! إضافة الى عدم انسجامها مع اهلي واقاربي الذين لا أريد التفريط بهم، كذلك فان المال والعمل بالنسبة لها كان اهم مني ومن العائلة".
لكن ما الذي يدفع الرجل الشرقي الزواج من المرأة الغربية وهو الذي يعلم مسبقا هذه الفروق؟
يمكن القول ان جزء من هذه الاشكالات والمشاكل والدوافع، هي افرازات لممارسات الأنظمعة القمعية التي هرب مئات الألأف من الناس من قمعها! فمئات السياسيين الذي تركوا بلدانهم لأسباب سياسية وهم شباب، وجدوا أنفسهم بعد سنوات من استقرارهم في بلدان المهجر، بأن العمر يمر سريعا دون أن يكونوا عائلة! لذلك يضطرون في أحيان كثيرة الى الزواج من غربيات. لكن هناك في المقابل، حالات زواج يقدم عليها شباب مهاجرون، بدافع المنفعة المالية او الحصول على أقامة او لاسباب تتعلق بالجاذبية الجنسية، وهي سرعان ما تنتفي وتزول، أسرع من غيرها.

أرقام وإحصاءات خاصة بـ (إيلاف)
• حسب تقرير اداره الشؤون الأجتماعيه السويدي فإن عدد الفتيات الشابات اللواتي طلبن الحمايه في عامي 2002، 2003 هو 1500 2000 فتاة وأمرأه شابة.

• خصصت الحكومة السويدية مبلغ 180 مليون كرونة للفترة من العام 2003 الى العام 2007 لمحاربة العنف ضد النساء بمختلف الأشكال. كما قررت الحكومه السويدية توفير من 150ـ 200 سكن سري فى مختلف أنحاء السويد في عام 2006.

• خلال العام 2002 تقدمت حوالي 200 أمراة شابة في مدينة يوتوبوري وضواحيها بطلب حماية من العنف المسلط عليهن، وفي العام 2003 تقدمت 70 أمراة وشابة طلب الحماية في 37 بلدية في المنطقة الغربية، ما عدا يوتوبوري وضواحيها.

• حصلت عدد من الجمعيات والأندية والمنظمات الأجنبية على منح مالية من الدولة، لتنفيذ برامج توعية. وبحسب التقرير الصادر عن مجلس المقاطعة الغربية لمدينة يوتوبوري، بالتعاون مع الأتحاد الأوروبي تم تخصيص مبالغ الى مجموعة من الجمعيات، منها: جمعية النساء الكردية، 100 الف كرونة، جمعية الشباب الأكراد، 80 الف كرونة، الجمعية الأسلامية العالمية في يوتوبوري 50 الف كرونة، جمعية شباب السريان 300 الف كرونة، جمعية مستقبل الصوماليين 50 الف كرونة، جمعية الشباب الأريتيريين 50 الف كرونة ،البيت الثقافي العراقي 100 الف كرونة.

• في نفس المنطقة المذكورة، هناك 47 مشروع صرفت الدولة له، خمسة ملايين وسبعمئة واحد وسبعين الف كرون.

• البنات اللواتي تعرضن الى عنف ما يسمى بالشرف كان عددهن في 12 بلدية من المنطقة الغربية وحدها، في السنتين 2002 – 2003 ، 270 حالة، وهناك تقديرات ان تكون نسبة اللواتي لايبلغن السلطات ضعفي هذا الرقم.
ايلاف