الجفاء أو “الذبول” Staleness هي العملية الكيميائية والمادية التي يمر بها الخبز وغيره من أصناف الطعام وتؤثر على درجة استساغتنا لها. والكلمة نفسها ليست غريبة عنا على الإطلاق، ونستخدم كلمة “بايت” العامية للدلالة على الطعام غير الطازج أو القديم. لكن سؤالنا الخفيف هنا: لماذا يصبح الخبز “البايت” صلبًا، بينما تلين رقائق الشيبسي؟
قد يبدو السؤال أبسط من اللازم أو عديم الجدوى للوهلة الأولى، لكن مع العلم، لا شيء بسيط، عديم الجدوى، أو يمر بلا حساب أو تفسير!
في علم الجفاء أو “البيتان”، إن كان لنا أن نصيغ كلمة بهذا الشكل، هناك “بيتان القشرة الصلبة” و”بيتان اللُب”. وكما هو واضح، فـ “بيتان القشرة الصلبة” هي العملية التي يتحول فيها السطح الخارجي لرغيف خبز مثلًا من الحالة المقرمشة إلى اللينة. وعلى النقيض” “بيتان اللُب” هو تحول قلب الرغيف الطري إلى الحالة القاسية الصلبة.
من السهل تفسير الحالة الأولى “بيتان القشرة”: تمتص القشرة الخارجية الرطوبة الموجودة بداخل رغيف الخبز، لذا يصبح صلبًا من الداخل. أما رقائق البطاطس المقرمشة، فتمتص القشرة الرطوبة من الهواء الخارجي، ولأنها رقيقة وتمثل القشرة فيها معظم تكوينها، فإنها تلين تمامًا وتفقد قرمشتها بعد تعرضها للهواء. لهذا السبب تمتلأ أكياس الشيبسي التجارية بالنيتروجين بدلًا الهواء العادي، وذلك حتى لا تفقد الرقائق قرمشتها المحببة.
بيتان “اللُب” أكثر تعقيدًا بمراحل. فعلى مدار سنين عديدة مضت، نشر علماء الطعام مئات الأوراق البحثية التي تتناول هذا الموضوع. استنبط الكثيرون أن لهذه العملية علاقة ما بالنشويات الموجودة ضمن بنية الجلوتين.
يقول بيل آتويل Bill Atwell، أستاذ علوم الحبيبات في جامعة مينيسوتا “تُطلق حبيبات النشا الأمليوز أثناء عملية الخبز”. الأمليوز هو أحد جزيئات النشا المعروفة، وفي حالتنا هذه تلتصق تفرعات الأمليوز بشبكة الجلوتين. وبينما تزداد لرطوبة في لًب الطعام، تصبح هذه الشبكات أكثر قساوة وصلابة. لهذا، تلجأ بعض المخابز إلى إضافة إنزيمات تدمر تفريعات الأمليوز لإطالة فترة صلاحية الخبز، ويلجأ البعض الآخر للإضافات التي تمنع النشا من التفاعل مع الجلوتين من الأساس.
وبعيدًا عن التفسير العلمي، يمكن أيضًا أن يكون الجفاء أو “البيتان” مجرد اعتقاد. ففي دراسة أجريت عام 2004، طلب باحثون من جامعة أوكسفورد من عدد من الأفراد تناول رقائق بطاطس برينجلز أثناء جلوسهم في كبائن معزولة الصوت بينما يضعون سماعات تُضخّم صوت المضغ. وعندما زاد الباحثون من ضوضاء المضغ والقرمشة، وصف الأفراد الرقائق بأنها “طازجة” أكثر؛ مع أنها كانت من نفس العلبة التي سبق لهم فتحها وتناولها!
مصادر 1 2 3