التيسير الكمي هو الخطوات المتخذة من قبل البنك المركزي لدولة معينة بهدف تحفيز الاقتصاد. فإن الدول التي عادةً تتبع التيسير الكمي هي الدول التي يعاني اقتصادها من ركود أو جمود إقتصادي. كما يعرف التيسير الكمي على أنه عملية ضخ الأموال في السوق على شكل أصول مالية والهدف من ذلك هو إغراق السوق بالاموال وزيادة السيولة. كيف يحقق البنك المركزي ذلك؟ أولاً، من خلال اخفاض البنوك المركزية لنسب الفائدة لتحفيز البنوك على الإقراض.
إلا أن بعض البنوكالتجارية في بعض الأحيان تفضل عدم إقراض الشركات، الأفراد والمؤسسات الاقتصادية. أي بمعنى أخر تفضل عدم تحفيز الاقتصاد وذلك تخوفاً من الأوضاع الاقتصادية المتزعزعة لدولة معينة وعدم قابليتها على تنبؤ المستقبل. لذلك تلجأ إلى وسائل أكثر أماناً منها بيع الاصول المالية. تكون الاصول المالية عادةً على شكل إما سندات حكومية أو تجارية، لماذا؟ لأن البنك المركزي عبر شراء الاصول المالية يشجع المصارف على الإقراض من خلال ضخ السيولة في السوق.
لقد نال إستخدام التيسير الكمي رواجاً في 2008 عقب الأزمة المالية التي حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية. فبعدما باءت محاولة البنك الإحتياطي الفدراليالأمريكي لخفض معدل الفائدة بالفشل لتصل إلى معدل صفر وربع نقطة مئوية. كان الحل الوحيد لهذه المشكلة هو التيسير الكمي. فقام البنك الإحتياطي الفدرالي بشراء الاصول وسندات الخزينة بقيمة 2.1 تريليون دولار أمريكي بمحاولة لتحفيز الشركات على الاستثمار وكانت الإستراتجية ناجحة حيث تمكن الفدرالي لاحقاً من تحقيق أرباح ضخمة بعدبيعه للأصول التي اشتراها سابقاً من الشركات قبل حصول الأزمة المالية.
هناك أثار جانبية عديدة لسياسة التيسير الكمي أبرزها إنخفاض قيمة العملة ورفع نسبة التضخم و زيادة في النمو الاقتصادي. والسؤال الأهم ما هي الخطوات اللاحقة التي يجب اتباعها بعد تطبيق التيسير الكمي وضخ الأموال في السوق؟ يجب على البنك المركزي إعادة بيع جميع الاصول التي اشتراها فيكون عبر ذلك سحب جميع الأموال التي قام سابقاً بضخها إلى السوق عن طريق شراء الاصول وسندات الخزينة.
والجدير بالذكر أن أوروبا الأن في 2015 تتبع التيسير الكمي في محاولة لإنعاش الإقتصاد الأوروبي، تحفيز الاستثمار، رفع معدل النمو واخيراً إحباط معدل البطالة المرتفع المتفشي وذلك من خلال شراء البنك المركزي الأوروبي لسندات الخزينة. إذا نجح برنامج التيسير الكمي هذا سيكون له تأثير إيجابي على منطقة اليورو لأنه سيعني إنخفاض قيمة العملة وفي حالتنا هذه هو اليورو. إن إنخفاض العملة سيؤدي بدوره إلى زيادة الصادرات الأوروبية، خلق فرص عمل جديدة وأخيراً زيادة النمو الاقتصادي.
تجدر الاشارة إلى أن السبب الرئيسي لإشتراك البنوك المركزية في التيسير الكمي عند مواجهة الاقتصاد خطر الإنكماش. لأن الإنكماش له أثار سلبية على الاقتصاد منها إنخفاض الاستهلاك وإنخفاض نسبة الاستثمار. وعند التفكير في التيسير الكمي إن العديد يظنون أن البنك المركزي يقوم بطبع النقود الورقية وضخها في السوق إلا أن هذا التفكير خاطئ.