من فئة الألغام المتشظية المضادة للمشاة، سيظهر قريباً في
وحدات الجيش الروسي. وكان المبتكرون من الشركة المساهمة للمعهد الهندسي
للبحوث العلمية، قد استعرضوا في الأسبوع الماضي، منتجهم الجديد أمام
الصحفيين. وحسب كلامهم فإن "ميداليون" الذي يمتلك قوة تدميرية كبيرة، لا
يشكل أي خطر على السكان المسالمين.
مبدأ عمل "ميداليون"
يستند اللغم الأحدث، والذي اجتاز مؤخراً الاختبارات النهائية،
في عمله على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ففي حديثه للصحفيين، يقول
إيغور سميرنوف، المدير العام للمعهد الهندسي للبحوث العلمية : "يُصَنِّع
معهدنا نظائر "لكريستالات الماتريكس الأساسية" (ULA) (مصفوفات منطقية
بدارات غير موصولة - uncommitted logic array) والتي تحتوي على شرائح
إلكترونية (IC) يصل عددها إلى خمس أو ست شرائح. وهي تشكل أحد عناصر الذكاء
الاصطناعي، ولم نستخدم فيها أية مكونات مستوردة".
هذه الأجهزة المميتة (بغض النظر عن مكان تموضعها، أكان طريقاً
مكشوفاً أو درباً في غابة كثيفة) تكو ن "نائمة"، ولكنها في هذه الأثناء
ترصد بدون انقطاع الوسط المحيط . وهي لا تحتاج لمد شراك من الأسلاك لتنفجر،
مما يجعل ملاحظتها أمراً في غاية الصعوبة. بفضل مستشعرات خاصة، "يكتشف"
اللغم وجود الإنسان قبل فترة طويلة من اقترابه منه. وبمجرد أن يقوم اللغم
بتحديد نوعية الهدف، ويتأكد من أن الشخص المسلح بات في نطاق تأثيره،
"يستيقظ" اللغم وينتقل من حالة السبات إلى الحالة القتالية، فإما أن ينفجر
ويصيب العدو، أو يدمر نفسه عند أية محاولة لإبطال مفعوله.
وفقاً لتأكيدات المبتكرين، فإن اللغم لا ينفجر إذا كان
الإنسان أعزلاً من السلاح. وهذه الانتقائية في الأداء، هي تحديداً ما تعطيه
الأفضلية مقارنةً بغيره من الألغام. فبالنسبة للسكان المدنيين، الذين
يشكلون النسبة الأكبر من ضحايا الألغام في الصراعات المسلحة، يعتبر
"ميداليون" بذكائه الاصطناعي لغماً آمناً بالمطلق.
وحسب ما أفاد به ممثلو المعهد الهندسي للأبحاث العلمية، فإنه
في الوقت الراهن، لا يوجد بحوزة أي جيش من جيوش العالم مثل هذه الألغام
المتشظية المضادة للأفراد بمستشعرات عن بعد لتحديد نوع الهدف. ولم نعثر -
في المصادر المعلنة على الأقل- على أية معطيات تشير إلى أن أحداً ما يمتلك
مستشعرات عن بعد لتحديد نوع الهدف.
الجزء الحربي المتفجر
الجزء الحربي للغم المضاد للأفراد من الجيل الجديد هو العنصر
القاتل للغم ويكون على شكل قرص، يتفتت على أثر الانفجار، إلى عدد كبير من
الشظايا التي تتطاير ملتفة حول نفسها بسرعة هائلة. وبسبب ذلك يكون نطاق
الأذى كبيراً. يقول ممثل للمعهد الهندسي للبحوث العلمية ميخائيل جوكوف:
"تسمح آلية التوجيه المركبة داخل اللغم عند زرعه على الأرض، بتوجيه موجة
الشظايا باتجاه العدو المحتمل حصراً. ولا تطير أية شظية باتجاه الأرض أو
الأعلى، فكلها تطير أفقياً"
سبق للقوات السوفييتية أن استخدمت الأجهزة المستشعرة للبشر في
أفغانستان. ويعتبر لغم "ميداليون" وريثاً لمنظومة "أوخوتنيك" (الصياد)،
التي أنهكت المجاهدين الأفغان في محاولاتهم المتكررة لخداعها، حيث كانوا
يطلقون الماشية أمامهم قبل تقدمهم في الميدان، ولكن ألغام "أوخوتنيك" لم
تكن تستجيب إلا لخطوات البشر. وكما ذكر أندريه بوبوف، رئيس قسم في الشركة
المساهمة للمعهد الهندسي للبحوث العلمية فإن "ميداليون" أصبح أكثر تقدماً
من الناحية التقنية مقارنة بسلفه.
استخدام التكنولوجيا العالية، جعل من "متفجرات الكونسروة"،
كما يحلو لكثيرين تسمية الألغام، "سلاحاً أكثر إنسانية" نسبياً، إذا جاز
التعبير. وجديرٌ بالذكر أن كل الألغام الروسية تفي بمتطلبات اتفاقية حظر
استخدام الألغام المضادة للأفراد، على الرغم من أن روسيا لم توقع عليها.
إلا أنها تلتزم فعلياً بجميع الأحكام الرئيسية للاتفاقية، بما في ذلك، أن
تكون الذخائر الهندسية مزودة بمنظومات تحكم عن بعد لتفجيرها ذاتياً أو
إبطال مفعولها بعد عدة ساعات من زرعها.
منقول