نموذج نسوي اخر يدل على شجاعة وبسالة المرأة العراقية، هي المساعدة الطبية «خنساءعلي» التي تداوي جراح المقاتلين في ساحات الوغى ضد عصابات «داعش» الارهابية.هذه المرأة كان لها دور كبير أيضا في مساعدة الايزيديين الذين نزحوا من مناطقهم بعد هجمة «داعش» على بلدتهم صيف العام الماضي.عملها البطولي هذا، يشابه كثيرا ما قامت به اخواتها من النساء العراقيات اللائي كان لهن دور مشرف في قتال التكفيريين. مثل الشيخة الشهيدة امية الجبارة، والحاجة «أم مؤيد» التي قاتلت الى جانب المتطوعين ورجال الامن في الانبار، وصاحبة الشهامة الحاجة «أم قصي» التي آوت في منزلها جنوداً شباباً من منتسبي قاعدة «سبايكر» الجوية وحمتهم من غدر الارهابيين، وغيرهن من نساء «آمرلي» و»حديثة» و»الضلوعية» اللائي وقفن على السواتر كتفا بكتف مع رجالهن وابنائهن دفاعا عن الوطن والمقدسات.وعلى مرمى حجر من مدينة الموصل المحتلة، وفوق جبال الموت تستقر خنساء في غرفة صغيرة والى جانبها بندقيتها الكلاشينكوف، حيث تعالج ضحايا الحرب ضد «داعش» إلى جانب الآلاف من المدنيين النازحين بسبب النزاع.وخنزا هي الأنثى الوحيدة التي تعمل في جبل «سنجار» او كما يعرف بـ»جبل الموت»، ويعدها الجنود العراقيون الأكراد الذين أنهكتهم الحرب وعادوا مؤخرا من ساحة المعركة «نسمة من الهواء المنعش». اما عن تحركاتها في وسط الجنود الرجال فتتم بشكل مريح حيث تتوافر الثقة المتزايدة بين الجميع، وصرحت خنساء لصحيفة «التلغراف» قائلة: «انا المرأة الوحيدة هنا ولكن الجميع يكن لي الاحترام».المسعفة الشابة، وعلى الرغم من كونها كانت تسكن في سوريا، انتقلت الى العراق في اذار عام 2014، قبل ثلاثة أشهر من دخول «داعش» الى الموصل ثاني حواضر «بلاد الرافدين».وبعد سقوط المنطقة في يد «قاطعي الرؤوس» الذين قاموا بذبح وتشريد مئات الآلاف من الايزيديين، اتخذت خنزا خطوة جريئة في الانتقال الى قمة جبل سنجار المعزولة، وبمحاصرة داعش للجبل تحملت الحصار إلى أن أخذتها طائرة هليكوبتر إلى قاعدة عسكرية حيث قامت على الفور بالعمل تحت إشراف دكتور هوار، كما انها تعمل بشجاعة في الخطوط الأمامية.أما عن حياتها الاجتماعية، فصرحت «لا أود سوى تكريس حياتي لمهنتي وذلك باختياري الحر حيث لا تناسبني حياة الزوجة التي تتلقى أوامر من زوجها ورعاية الأطفال هي كل حياتها»، مؤكدة ان عائلتها تحترم رغبتها.وعلى الرغم من أنها لا تود أن تنجب أطفالا، قامت خنزا بمتابعة حمل أكثر من 100 سيدة حيث قام البعض منهم بتسمية بناتهن على اسمها.ومن أهم مخاطر العيش في منطقة الحرب، تقول انها رأت بعينها الجنود الذين تزوجوا منذ شهور قليلة يأتون إلى هنا ويموتون فليس من السهل العيش في مكان محفوف بالمخاطر مثل هذا، ولذلك هي ترفض فكرة الزواج.كما أوضحت انها كانت في بداية الأمر وقبل انتقالها إلى الجبل ليس لديها أي خبرة في معالجة جرحى الحرب، وقبل لقائها الصحافي (معنا) حيث لم يكن اليوم قد انقضى بعد عالجت 6 جنود لديهم جروح ناجمة عن شظايا وأحدهم فقد اصبعه.وفي العديد من الأوقات تنزل خنساء، لخط النار حيث تعلم الجنود بعض الاسعافات الأولية حتى يستطيعوا ان ينقذوا انفسهم لا سيما أنهم لم يتلقوا التدريبات اللازمة للاسعافات الأولية، وذلك ربما ينقذ حياتهم.واشارت أيضا الى ان أكثر ما اثار دهشتها وصدمها هو المعاناة بسبب نقص الطعام والملابس بشكل ملحوظ للغاية.أما عن الاجازات فهي لم تأخذ سوى اجازتين خلال هذا العام حتى أنها عالجت أكثر من 75 جريحاً في يوم واحد، وعندما ترتدي ملابسها المدنيَة وتجد أنها يجب أن تلبي نداء الواجب تغير ملابسها وتشرع في العمل على الفور.وأضافت انها دائما ما ترتدي ملابسها وتضع «المكياج» حتى تثبت للعدو أن هناك حياة في هذه المنطقة وأن هناك أشخاصاً يهتمون بتفاصيل الحياة البسيطة.
وعندما سئلت خنساء عن رغبتها في الهجرة لأوروبا أكدت انها لا تود ذلك ولكنها فقط تود ان تستمر في خدمة بلادها.
المصدر جريدة الصباح