Wednesday 27 June 2012
تأمل أن يكون محتجزاً في أحد السجون ويفرج عنه قريباً
شيماء تنتظر عودة زوجها من معركة خاضها عام 2006 جنوب بغداد
أ. ف. ب.
لا تزال سيدة عراقية تأمل في عودة زوجها المفقود بعد مشاركته في مواجهات ضد تنظيم القاعدة جنوب بغداد عام 2006، وتصبر نفسها على أمل أن يكون محتجزاً في احد السجون.تنتظر شيماء في احدى غرف منزل اسرتها في العزيزية جنوب بغداد عودة زوجها بعد ستة اعوام على فقدان اثره عقب مشاركته في مواجهات ضد تنظيم القاعدة جنوب بغداد ابان ذروة العنف الطائفي.وتترقب شيماء (32 عاما) مع ابنتيها عودة محمد في اية لحظة، آملة في ان يكون على ابعد تقدير محتجزا في احد السجون، محاولة تصديق اي خبر جديد فقط للحفاظ على املها وامل ابنتيها.وكان محمد تركي عطية المولود عام 1978 والمنتمي الى جماعة شيعية مسلحة يقاتل عام 2006 تنظيم القاعدة الذي سيطر بشكل كامل على الطريق السريع الذي يربط بين بغداد والمحافظات الجنوبية، قبل ان يفقد اثره.
وسقط مئات القتلى على الطريق المعروف باسم بغداد-كوت، بينهم عدد كبير من القوات الامنية في كمائن للقاعدة الامر الذي دفع عناصر من مليشيا جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر ومتطوعين آخرين للقتال واستعادة السيطرة على هذه المناطق.
وعلى مدى ست سنوات، عاشت شيماء في حيرة حيث انها لم تتمكن مواصلة حياتها بشكل طبيعي وبعد ان تنال صفة ارملة، فيما تواجه صعوبة في العيش مع اسرتها التي تضم ثمانية افراد يقيمون في منزل صغير.
وبحثت اسرة عطية في جميع المستشفيات، واقامت ملفا خاصا بها في وزارة حقوق الانسان لمتابعة مصير الزوج المفقود، لكن من دون جدوى.
وتقول شيماء لوكالة فرانس برس فيما ترتجف يداها ان زوجها "توجه مع ثمانية من اصدقائه الى منطقة يطلق عليها السيافية (40 كلم جنوب بغداد) لقتال عناصر القاعدة الذين قتلوا المئات، ولم يعد بعد".
وتضيف باكية وهي تحاول استعادة آخر لقاء مع زوجها "توسلت اليه الا يذهب معهم، لكنه لم يصغ، قائلا ان +الابرياء يموتون في الشوارع، وهذا واجب ديني وانا ملزم به+".
وتوضح فيما تصغي اليها ابنتاها تقى (12 عاما) وزينب (تسعة اعوام) "في اليوم الثاني وصلني خبر من احد اصدقائه يفيد بان اشتباكات دارت في المكان والقوات الاميركية قصفت الموقع وسقط عدد من الشهداء، فيما اعتقل الاميركيون اخرين".
ومنطقة السيافية التي يقطنها السنة والشيعة، كانت تعتبر في ذلك الوقت من اكثر المناطق عنفا بعد ان سيطر عليها تنظيم القاعدة بصورة كاملة، وقد شهدت عمليات قتل وخطف غير مسبوقة.
وتعرضت شيماء التي كانت حاملا في الشهر السابع لدى سماعها خبر فقدان اثر زوجها الى صدمة نفسية، ما ادى الى اصابة جنينها بتشوه دماغي ووفاته فيما بعد.
وتقول بحسرة وهي تعدل بعباءتها السوداء والنقاب الاسود الذي يغطي تفاصيل وجهها وتظهر من خلاله عيناها الصفراوتان "حتى اليوم لا اعرف مصيره، دل ما اريده هو ان اعرف لكي ارتاح من هذا العذاب".
ولم يترك محمد عطية لعائلته مصدر رزق او منزل تقيم فيه حتى راتبه الذي كان يتقاضاه من الحكومة، تم قطعه عن الاسرة.
وتقول شيماء ان "الحكومة قطعت راتب زوجي ولم تنظر الى حالتي ولم تسأل كيف ساتدبر امري وامر ابنتي".
وكان محمد يعمل معاونا طبيا في مستشفى العزيزية العام في محافظة واسط.
وقد اجرت الاسرة معاملات عدة للحصول على راتب تقاعدي لكن الاجراءات الروتينية تحيل دون اكمالها حتى الان.
وتعاني شيماء من مرض مزمن في كليتها بحيث انها لا تستطيع القيام باي عمل كونها تصاب بالتعب بسرعة وتحتاج الى راحة تامة.
وتقول "راجعت الاطباء لكنهم قالوا انه لا يوجد علاج لحالتي"، مشيرة الى انها لم تغادر منزل اسرتها منذ ست سنوات "سوى للذهاب الى الطبيب بهدف العلاج".
وقتل عشرات الاف من العراقيين من السنة والشيعة على حد سواء ابان العنف الطائفي الذي شهدته البلاد بعد بتفجير القبة الذهبية لضريح الامامين العسكريين في مدينة سامراء مطلع عام 2006.
وفي نيسان/ابريل 2010، اعلنت وزارة حقوق الانسان العراقية عن وجود اكثر من 14 الف شخص مفقود في البلاد جراء اعمال عنف وانفجارات وعمليات عسكرية خلال الاعوام التي اعقبت الغزو الاميركي للبلاد في 2003.
وكانت دائرة الطب العدلي اعلنت في نيسان/ابريل 2009 انها تسلمت 30 الف جثة على الاقل منذ اندلاع العنف الطائفي في 2006، تم التعرف على ثلثها فقط.
وتقول شيماء "لا اريد شيئا، كل ما اطلبه هو عودة زوجي، لقد عاد الجميع، حتى الذين قتلوا اعيدت جثثهم لذويهم، وزوجي لم يعد بعد".
آهٍ على على آلامكِ! وكم شيماء في العراق؟!