أسباب قد تجعلك لا تريد أن يكون طفلك عبقريا
يتمتع غريغوري، إبن ألينا أدامز البالغ من العمر 12 ربيعاً، بموهبة كبيرة، فهو مولع ببرمجة الكومبيوتر ويجيدها بشكل استثنائي، وهي الموهبة التي تجعل البعض يعتقد أنه أكبر سنا مما هو عليه في واقع الأمر.
عندما بلغ غريغوري 10 سنوات، تم قبوله في دورة مرموقة لبرمجة الكومبيوتر في الجامعة، لكنه أُبلغ فيما بعد بأنه أصغر من أن يُقبل لحضور الدورة.
تقول ألينا، البالغة من العمر 46 عاماً والتي تعيش في مدينة نيويورك: "لذا جنّ جنونه وقام ببناء موقعه الخاص على شبكة الانترنت، إذ يمكن لأي شخص أن يتعلم كيفية تشفير برامج الكومبيوتر، مهما كان عمره".
ومع تقدمه بالعمر، أصبحت تكاليف تمويل ولعه أكبر فأكبر. تقول ألينا: "بعض الأشياء التي يريد تطويرها الآن تتطلب اقتناء معدات وأجهزة، وذلك بحاجة إلى المال."
كثير من الآباء يعتقدون أن أطفالهم استثنائيون، لكن عددا قليلا من الأطفال هم الموهوبون
أضف إلى ذلك تكاليف السفر وحضور المناسبات، فقبل عامين، حضر غريغوري مؤتمراً عُقد في المملكة المتحدة للشباب من "صانعي الأجهزة الرقمية" أطلق عليه اسم ’دولة الشباب المتواصلين الكترونياً‘. قدم غريغوري طلباً لنيل منحة لحضور المؤتمر وتغطية نفقات السفر له ولوالده وتمت الموافقة على طلبه، لكن من دون تغطية تكاليف رحلة العودة. تقول ألينا: "وضّحت له الموقف، ’بدون منحة، لن تسافر إلى أوروبا‘".
أشار غريغوري إلى أن المؤتمر المنعقد في المملكة المتحدة سيقيم نشاطات وفعاليات عبر الأقمار الصناعية في العديد من البلدان ـ وسأل إن كان شيءٌ من هذا القبيل سيعقد في نيويورك. لذا، نظّمت ألينا، في الصيف الماضي، نشاطاً محلياً يخص هذا المؤتمر لكي يتمكن نجلها وغيره من الشباب الصغار المحليين المشاركة في نشاطات المؤتمر. وكتبت ألينا على مدوّنتها على الانترنت تقول: "استمتع نجلي بأحلى لحظات عمره، وكنت على وشك أن أصاب بانهيار عصبي."
تقول: "لو كان لدي ما يكفي من الأموال لسمحت له بالمشاركة في كل الدروس والدورات التي يريدها". ومع ذلك، فلديها طفلان آخران يجب عليها تلبية احتياجاتهما. وتضيف: "هناك مبلغ معقول خُصص لتحقيق اهتماماته، لكننا لن نسرف في ذلك."
وفي حين لا يوجد معيار حقيقي لعدد الأطفال الموهوبين، تقول ’الرابطة الوطنية الأمريكية للأطفال الموهوبين‘ إن نسبة الطلبة الموهوبين أكاديمياً تتراوح بين 6 في المئة و10 في المئة من المجموع الكلي للطلبة الأمريكيين. ولا تشمل هذه النسبة أولئك الصغار الذين يبرعون في عالم الموسيقى والرياضة أو في مجالات معينة مثل برمجة الكومبيوتر.
من الصعب تحقيق التوازن بين الميزانية المحدودة والدروس الخصوصية
من الطبيعي أن يظن كثيرون من أولياء الأمور أن أطفالهم متميزون. ويأمل 25 في المئة من آباء وأمهات الرياضيين من طلبة المدارس الثانوية أن يواصل أبناؤهم موهبتهم ليصبحوا رياضيين محترفين. (حقيقة الأمر: 1 في المئة فقط منهم يفعل ذلك.)
لكن بالنسبة لآباء وأمهات الأطفال الموهوبين بالفعل، غالباً ما يكون الأمر عبارة عن صراع مالي للوصول إلى حالة من التوازن بين ميزانية محدودة من جهة ودروس خصوصية ومدربين ومصاريف سفر إلى أنشطة وأحداث وطنية وعالمية من جهة أخرى. إليكم أدناه كيفية الوصول إلى حالة التوازن هذه.
ما هي المتطلبات؟ تحتاج إلى إيجاد توازن بين أولوياتك المالية مقابل رغبتك بمنح طفلك ما يحتاجه لكي يتفوق ـ بشرط مقاومة الضغط الآتي من أقرانه. يقول هانك مالفيهيل، الذي يعمل كمخطط مالي في شركة ’مالفيهيل لإدارة الأصول‘ بولاية تكساس الأمريكية: "غالباً ما تكون المنافسة بين أولياء الأمور على أشدها مثلما هي بين أطفالهم. ينتهي بكم الأمر، كعائلة، أن تتخذوا قرارات تجعل من حياة العائلة كلها تدور حول دعم ذلك المجهود."
كم تحتاج من الوقت لتتهيأ لذلك؟ قبل أن تنفق الأموال لدعم تلك المساعي، إجتمع مع مختص بالتخطيط المالي وتأكد من تغطية جميع النواحي والنقاط. يقول ماليفهيل: "أستغرب من الإلتزامات المالية التي يأخذها الناس على عاتقهم. عندما يلغي شخص ما خطة مالية لكي يدفع لمدرب خاص أو سفريات لا نهاية لها، فمن الصعب جداً تعويض تلك المدّخرات المصروفة."
إذا كان لديك طفل متفوق فاستعد لإنفاق الأموال
ما عليك أن تقوم به الآن هو تحديد ميزانية. يود أكثر أولياء الأمور القيام بكل ما من شأنه أن يساعد أطفالهم على التفوق. لكن، عليكم أن تتحلوا بالرشد فيما يخص الأموال المنفقة، حسب ماليفهيل، الذي يضيف: "احسبوا إمكانية تحملكم لتلك النفقات. فإن لم تستطيعوا القيام بذلك، تجنبوها."
فكروا فيما تريدون القيام به. تقول إيلين وينر، أستاذة علم النفس بجامعة بوسطن الأمريكية ومؤلفة كتاب ’الأطفال الموهوبون: خرافات وحقائق‘: "حالما تتخذون قرارا بإشراك أطفالكم في مسابقات ليفوزوا بها، ستوجد دوافع أكثر للاستعانة بالعديد من المدربين والمدرسين الخصوصيين."
إعمل على نطاق ضيق. تقول إيلين: "من المكلف أن يكون طفلك متفوقا، إذ سترغب في توفير معلم أو مدرب جيد، وذلك يكلف الكثير من المال". أما إذا كانت ميزانيتك محدودة، فهناك وسائل مختلفة لرعاية أصحاب المَلَكات الناشئة. إذا كان طفلك موهوباً بأحد الفنون، على سبيل المثال، فعليك بشراء لوازم فنية عالية الجودة. عليك أن تأخذ طفلك إلى المتاحف والمعارض الفنية. إحتفظ بملف للأعمال الفنية لطفلك لكي يطلع بنفسه على مسار تطوره.
تقول إيلين: "عليك القيام بكل ما في وسعك لرعاية وتحفيز تلك المَلَكة، مهما كان مجالها، لكن هناك فرق بين تنشيط الموهبة ودفع الطفل ليصبح شخصية معروفة في المجتمع."
استخدم مواردك المحلية. اصطحب طفلك إلى المكتبات الموجودة في المنطقة التي تعيش بها، كما يتعين عليك أن تسعى لمعرفة الكليات والجامعات المحلية، فربما ينظم بعضها محاضرات مجانية أو حتى برامج لمن يريد الاطلاع على المناهج. تقول جوليا تشونغ، متخصصة في التخطيط المالي والعقاري في شركة "جَي.واي.سي. فاينانشيال" بمدينة لانغلي بمقاطعة ’كولومبيا البريطانية‘ بكندا: "عليك أن تجد خبراء في المجالات التي يولع بها طفلك. تحدث معهم واطلب منهم المساعدة والدعم. ستندهش عندما تعرف عدد الناس الذين يرغبون بتقديم المساعدة".
حافظ على مدخراتك. من المهم أن تشجع طفلك المبدع لكي يطور مهاراته في عزف الكمان على سبيل المثال، لكن لا تفعل ذلك على حساب نفسك. يقول سكوت هانسون، المختص بالتخطيط المالي مع شركة "إي.إف.إس. أدفايزورز" في مينيسوتا الأمريكية: "ينفق الآباء والأمهات أكثر من اللازم، ولا يدّخرون كما ينبغي لسنوات ما بعد التقاعد. وألاحظ الآن، بعد 20 سنة لاحقة، وبعد زمن طويل من تخلي أطفالهم عن مجالات ولعهم، أن الآباء والأمهات بحاجة للعمل لسنوات أطول ولا يستطيعون التقاعد عند السن المتوقعة".
ما يتعين عليك القيام به لاحقاً. ابحث عن مصدر للعون. يقول رينيه آيلاس، الذي يعمل مديراً تنفيذياً لدى ’الرابطة الوطنية الأمريكية للأطفال الموهوبين‘: "من المؤكد أنه توجد منح دراسية وعدة مؤسسات مهتمة بدعم وتطوير مواهب هؤلاء الطلبة. ابدأ بمدرستك كي تساعدك في تنمية الموهبة. حالما تعلم أنه لا تتم تلبية احتياجات طفلك ضمن محيط المدرسة، فعليك ببرامج المنح الدراسية." عليك البحث عن الموارد الموجودة في بلدك مثل "nsgt.org" في الولايات المتحدة الأمريكية و "potentialplusuk.org" في المملكة المتحدة.
حافظ على رجاحة عقلك. ربما يكون طفلك موهوبا في رياضة الهوكي، غير أن فرصه في الاغتناء كلاعب محترف قليلة للغاية. لذا، لا تحطم نفسك مالياً سعياً وراء العظَمة. يقول مالفيهيل: "في هذا المجال، لا يتخذ الناس قرارات منطقية. رأيت أناساً وهم يصفّون أرصدتهم التقاعدية لتمويل تلك المساعي."
ليس القصد من قول ذلك أنه لا يجب على طفلك أن يُكافأ على موهبته أو أن يشارك بسرور في المنافسات كشخص غير محترف. ربما يكون من المحتمل، عند حدود معينة، ضمان الحصول على تبرعات من شركات محلية أو شركات راعية. وإذا ما كان طفلك بمستوى جيد حقاً ـ مثلاً أن يكون متقدماً في الألعاب الأولمبيةـ فقد تأتي موارد مالية عن طريق كسب الميداليات. (كل ما عليك أن لا تراهن بمرتبك التقاعدي عليه.)
انجز الأمر ببراعة: تذكر أن طفلك الموهوب ما زال طفلا. تقول جوليا تشونغ: "ربما يكون بمقدور الأطفال التعامل مع كمية كبيرة من المعلومات، لكنهم لا يزالون، من ناحية التكوين البدني والنفسي، أطفالاً. إنهم بحاجة للعب، كما يحتاجون إلى أصدقاء، وقد يكون هذا أمر شاق أحياناً لأنهم مختلفون تماماً. إبحث عن وسائل الدعم والمساندة وجماعات التواصل الاجتماعي سواء لك أو لطفلك."
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.