ألف مبروك لجامعة بغداد
الجمعة 22 يونيو / حزيران 2012 - 22:48
أ. د. محمد الربيعي
تسعى جامعات العالم الى الحصول على الصدارة والتميز والى تطوير برامجها الدراسية والتفوق في البحث العلمي ونشر المعرفة، وهي لذلك تتبع افضل الوسائل التربوية الحديثة وطرق البحث العلمي، وتوفر الامكانيات المالية والبيئة الملائمة للوصول الى اهدافها في تحقيق الصدارة. وتتجسد هذه الصدارة عادة عبر عدد من التصنيفات العالمية تعتمد على قياس الناتج البحثي ونوعيته، ومستويات الخريجين، ومعدل حصولهم على عمل، والمساهمات التي تقدمها الجامعة للمجتمع وللمعرفة العالمية. واصبح لهذه التصنيفات اهمية كبرى، حيث جرى اعتمادها من قبل المؤسسات العلمية العالمية، ومن اهم هذه التصنيفات هو تصنيف كيو أس البريطاني، وهو تصنيف تصدره المؤسسة البريطانية
Times Higher Education - Quacquarelli Symonds
ويهدف هذا التصنيف "إلى تحديد الجامعات ذات المستويات التي ترقى من خلال أدائها الوطني ورسالتها المحلية في مجتمعاتها إلى بلوغ مستوى عالمي، ومقارنتها وتحديد مرتبتها ضمن أرقى الجامعات العالمية، وقد حقق تصنيف التايمز كيو إس العالمي للجامعات شهرة دولية بين مؤسسات التعليم والبحث العلمي، وذلك من خلال اعتماده على معايير تقييميه تتناول الهيكلية البنيوية لكلٍ من هذه الجامعات، ويعتمد هذا التصنيف على المعاييير التالية في تصنيف الجامعات: جودة البحث - توظيف الخريجين - النظرة العالمية للجامعة - جودة التعليم" (عن الصفحة الالكترونية لجامعة ديالى، قسم البعثات والعلاقات الثقافية).
وكنتيجة لتزايد الطلبات لايجاد سبل جديدة لمقارنة فعالية المؤسسات التعليمية في التخصصات الضيقة، بالاضافة الى وجود التصنيف الذي يعتمد على اداء الجامعة ككل، كوسيلة لتوفير معلومات عن مستويات التخصصات العلمية الضيقة للطلبة الراغبين في دراستها في هذه او تلك الجامعة، ولعدم توفر بيانات عالمية ومؤشرات نوعية خارج الاطار الوطني لكثير من جامعات الدول غير الغربية لكي تقارن بمعايير الجامعات الغربية في الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا تصبح عملية التقييم اكثر تعقيدا، فالطريقة التقليدية مجحفة للجامعات العالمية خارج اطار الدول الغربية المذكورة اعلاه، ولهذه الاسباب وجدت منظمة كيو أس ضرورة ادخال تصنيف جديد لمعدلات الاداء في 52 موضوع اختصاص اعتمد على قاعدة بيانات تم الحصول عليها من استطلاع اراء الاكاديمين واصحاب العمل ومن بيانات سكوبس التي توفرعدد الاستشهادات العلمية لكل باحث، وكما هو الحال بالنسبة لمعظم التصنيفات وضع التحليل اهمية كبيرة على السمعة الدولية. تم جمع بيانات من استطلاع اراء اكثر من 15000 اكاديمي حول السمعة الاكاديمية للجامعات وذلك بتسمية الجامعة التي يعتقد الاكاديمي انها ممتازة في احدى المواضيع التالية: الهندسة والتكنولوجيا، العلوم الطبيعية، العلوم البيولوجية والبيوطبية، الفنون والانسانيات، العلوم الاجتماعية والادارة. وعلى هذا الاساس تم اعتماد تصنيف جديد من قبل المنظمة للتخصصات المذكورة وفيه احرزت جامعة بغداد المرتبة 601 في العلوم الاجتماعية والادارة، والعلوم الطبيعية، والهندسة والتكنولوجيا.
لهذا الانجاز الرائع لجامعة بغداد واقسامها العلمية الفائزة واساتذتها وعلمائها نتقدم بالتهاني والتمنيات بانجازات اكبر، وبمزيد من التطور والتقدم لكي تصل الى ارفع مكانة عالمية متقدمة. والانجاز هذا يدحض الاراء المتشائمة والكتابات السوداوية التي تدعي تراجع مستويات التعليم والبحث في الجامعة وتلك التي تؤكد على اخفاق سياسات التعليم العالي. هذا الحدث يمثل حقا مرحلة مهمة ونوعية في سلم التطور الذي يحدث في الجامعة وفي مؤسسات التعليم العالي في بلادنا، وهو يعكس ما تشهده الجامعة من تطور نوعي في مجالات البحث العلمي نتيجة الاهتمام الذي توليه الجامعة لتطوير مستوى اساتذتها في التدريس والبحث العلمي، بالرغم من ان الجامعة لا تملك نفس الامكانيات المالية التي تملكها الجامعات في الدول الصناعية المتطورة .
هذه النتيجة المشرفة تؤكد تفائلي الذي نشرته قبل فترة في مقالة بعنوان "انصفوا جامعة بغداد" حول اهلية الجامعة للحصول على اعلى المراتب بين صفوف الجامعات العربية والعالمية، وفيه قلت "انه ليس من الصحيح ان يكون الوصول الى مرتبة عالية في التصنيفات العالمية هدفا بحد ذاته، فالجامعات لا تتقدم بطلب المنافسة للحصول على مرتبة عالية وانما تصل الى هذه المراتب المتقدمة نتيجة عدة عوامل اهمها العمل المثابر ولسنين عديدة في اعداد خريجين أكفاء مؤهلين علميا ومهنيا تأهيلاً عاليا، وفي تطوير طرق التدريس، وزيادة امكانيات التشغيل والادماج المهني للخريجين، وتحسين نوعية مخارج البحث العلمي، وعدم السماح لهيمنة الشعارات والإنشائية، واغراق مشاريع اصلاح التعليم العالي والجامعات في تفاصيل جزئية شكلية" (1).
وتأتي هذه النتيجة المشرفة والتي اخذت بمشروعية كاملة في الوقت الذي بدأت الاتهامات تنال بعض الجامعات السعودية بشرائها لترتيب اعلى من واقعها الاكاديمي الحقيقي. وفقا لتقرير صحفي نشره موقع الجزيرة أونلاين : "إن 60 من العلماء المنشورة أسمائهم قد تم التعاقد معهم العام الماضي، مما سبب أزمة أكاديمية عالمية من خوف الجامعات الأخرى من تلاعب الجامعة السعودية بالتصنيف العالمي مقابل عروضها المادية المغرية التي قدمتها لعلماء في المجالات البحثية، مشيرة إلى أن الجامعة تعرض رواتب عالية جداً تفاوتت ما بين 68 و 72 و 90 ألف دولار مقابل العمل في الجامعة لمدة أربعة أسابيع فقط خلال العام" (2).
واذا كان الامر هكذا فان جامعة بغداد تستطيع الاستفادة من جهود العلماء العراقيين المتميزين في الخارج من دون رشوتهم بمثل ما تفعل الجامعات السعودية فهم مستعدون لوضع علومهم ومعارفهم في خدمة جامعة بغداد والجامعات العراقية الاخرى، وسبق بنا ان تقدمنا بمثل هذه العروض الا انه ومع الاسف لم نجد استجابة واضحة، وكل ما نطلبه من جامعة بغداد والجامعات العراقية ان تتصل بنا لترتيب برامج وزيارات تدريسية وبحثية ولفترات عمل مناسبة، فهل من مجيب؟
واخيرا، اهنأ مرة اخرى الجامعة ومنتسبيها وأؤكد انه بالعمل الجاد والدؤوب ستتحقق تطلعات العلماء والاكاديمين العراقيين في أن تكون جامعة بغداد في مصاف الجامعات العالمية الرائدة في مجال البحث والتطوير وبناء مجتمع المعرفة وأن تسهم مع كافة الجهود في تحقيق تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع والخير لمستقبل العراق وابنائه.
مصادر:
(1) http://www.akhbaar.org/home/2011/02/105258.html
(2) http://www.almokhtsar.com/node/43010
17 تموز 2012