TODAY - 25 June, 2010
أجواء الحداد تخيم على ايطاليا لاقصاء "الأزوري" من كأس العالم
حارس المرمى الايطالي فيديريكو مارشيتي يخفق في صد كرة المهاجم السلوفاكي روبرت فيتك الذي سجل هدف فريقه الثاني
في احدى اكبر المفاجآت التي تفرزها دورة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في جنوب افريقيا، خرج المنتخب الايطالي حامل اللقب من البطولة بعد خسارته امام منتخب سلوفاكيا يوم الخميس بثلاثة اهداف لهدفين، وبذلك فشل الطليان في تخطي مرحلة المجاميع وسيتعين عليهم العودة الى بلادهم وهم يجرون اذيال الخيبة والخسران.
مراسل الـ BBC في ايطاليا مارك داف يروي مشاهداته لاجواء الحداد التي خيمت على هذا البلد المهووس بكرة القدم.
في مساء صيفي جميل في شهر تموز من عام 2006، تحلق الايطاليون من مدينة نابولي في الجنوب الى ميلانو في الشمال حول شاشات التلفزيون المنصوبة في المقاهي والحانات والساحات العامة لمتابعة المباراة النهائية لبطولة كأس العالم التي كان يتبارى فريقهم فيها مع منتخب فرنسا. ولم يصدقوا ما رأته اعينهم عندما ركض المدافع الشاب فابيو غروسو بجنون في ارض الملعب بعد ان سجل آخر الاهداف في سلسلة ضربات الجزاء التي حسمت البطولة لصالح ايطاليا.
اما اليوم، وبعد اربع سنوات بالضبط، فقد نظر الايطاليون مشدوهين الى ابطالهم وهم يخفقون في مواجهة التحدي ويخرجون من البطولة المقامة في جنوب افريقيا.
في روما، كادت مذيعة التلفزيون تجهش بالبكاء عندما كانت تصف وقائع مباراة المنتخب الايطالي الاخيرة ضد منتخب سلوفاكيا للمشاهدين والمشجعين الذين تحلقوا حول الشاشات الكبيرة المنصوبة في الساحات.
اما في نابولي، فقد حبس المشجعون انفاسهم او خبأوا وجوههم خلف الاعلام الايطالية عندما ادركوا ان منتخبهم لن يخرج منتصرا من المنازلة. ولكنهم عبروا عن غضبهم عقب الخسارة، إذ وصفوا اداء المنتخب بالمخزي والخسارة بالفضيحة.
الايطاليون مولعون بكرة القدم كولعهم بالطعام، ولذا فقد جاء سيل التحاليل والانتقادات سريعا. وكانت معظم الانتقادات موجهة الى مدير الفريق مارشيلو ليببي.
وبينما لم يكن انتصار 2006 متوقعا، تنبأ كثيرون بهذه الخسارة الاخيرة رغم ان هذا الموسم شهد فوز ناد ايطالي - انتر ميلان - بكأس دوري ابطال اوروبا ولكن دون ان يكون في تشكيلته ولا حتى لاعب ايطالي واحد.
جاء انتصار ايطاليا في دورة 2006 على خلفية فضيحة فساد كبيرة عصفت بالكرة الايطالية عصفا وادت الى تجريد بطل الدوري يوفنتوس عن لقبه واقصائه الى دوري الدرجة الثانية.
وكان البطل في تلك اللحظة لاعب خط الوسط الملتحي جينارو جاتوسو الذي بذل جهدا خارقا في الملعب وجسد روح الاندفاع (grinta) التي قادت الايطاليين الى النصر في تلك الليلة ببرلين.
اما اليوم، فقد استبدل ليببي جاتوسو بعد الشوط الاول من المباراة. لقد اعطى جاتوسو كل ما يملك من جهد، كما يفعل عادة، ولكن ذلك لم يكن كافيا هذه المرة. لقد جسد اداء جاتوسو اليوم اخفاقات منتخب 2010 كما جسد نجاحاته عام 2006. وكما قال احد المشجعين بكل صراحة: "لا يمكن الفوز بكأس العالم بفريق من الكهول."
وقال آخر: "دفاعنا لم يكن له وجود."
واذا جمعنا التعليقين مع بعضهما نخرج بتقييم يدين اداء بطل آخر من ابطال 2006، كابتن المنتخب وطود الدفاع الايطالي في الايام الخوالي فابيو كانافارو. فحسب احد المشجعين، بدت سرعة كانافارو كسرعة مسمار دق في الارض.
جاءت هذه الهزيمة في وقت كان يتوق الايطاليون فيه لسماع نبأ مفرح، ولكنهم اجبروا على مشاهدة فريقهم وهو يدحر بينما تتوالى انباء ارتفاع معدلات البطالة واستمرار الفضائح السياسية التي ما لبثت تعصف بهذا البلد.
ولكن الايطاليين - وليس كالانجليز - يعرفون كيف يغلفون خيبة املهم بمسحة من العذوبة اللاتينية. فهم لا يلجأون للعنف كالانجليز عندما يخسرون. فرغم ان الالم موجود وحقيقي، هناك ايمان بالقضاء والقدر خصوصا في المناطق الجنوبية من البلاد. فهذه هي الحياة، كما يقولون. وكما قال راهب شاب كان يتابع المباراة مع مجموعة من الاطفال في معسكر صيفي: "لقد فزنا بكأس العالم عام 2006، والآن جاء دور فريق آخر للفوز بالكأس."
ولكن رغم هذا البرود البائن، فإنه من غير المحتمل ان يغفر المشجعون الايطاليون خطايا فريقهم عندما يعود هذا الاخير الى البلاد قادما من جنوب افريقيا يوم الجمعة.
فعندما خرج المنتخب الايطالي من دورة كأس العالم عام 1966 نتيجة الهزيمة الشنيعة التي مني بها من قبل كوريا الشمالية، رشق المشجعون لاعبي المنتخب بالطماطم الفاسدة لدى عودتهم الى ايطاليا، واصبح اسم كوريا الشمالية مرادفا للذل والهوان في قاموس الكرة الايطالية.
والآن، يبدو ان اسم سلوفاكيا سيستبدل كوريا الشمالية عنوانا للذل الايطالي.