السلام عليكم
قبل سنوات أقامت الكلية رحلة الى مدينة مشهد المقدسة لـ3 او 4 أيام، في أحد هذه الأيام ذهبت الى الحرم مع بعض الأصدقاء كنا نمضي من صحن الى صحن على حين غرة سمعنا صوت بكاء و صراخ نظرت فرأيت ولدا ضخما يحمل طفلا صغيرا ويحاول أن يضمه الى صدره والطفل يمطره بوابل من الركلات.. أحد اصدقائي قال لنذهب للتاكد من الأمر، فذهبنا، رأيت أن الولد الضخم المسكين يقف عند باب احد مكاتب المفقودين والطفل يبكي ويركل بكل قوة، فقال له صديقي ما الذي حصل؟ لماذا تزعجه؟ فقال لا أفهم ما يقول، ولا نعلم أين أهله إنه عربي! فقال صديقي تفضل هذا تخصصك أنت، سنراك في الحرم لاحقا! فقلت له إياكم! فقال لا نحن نمزح سنبقى معك.
سلمت على الطفل وما أن سمع كلاما بالعربية حتى صاح: بابا بابا بابا...
فدخلنا الى المكتب وقلت للموظفة: هذا الطفل عراقي..
فنظرت الي مبتسمة وقالت: أعلم (يعني وحدك عرفتها؟)
فقلت لها نادوا على أهله، فقالت لا يمكننا ان ننادي على أحد هنا ولكن ما اسمه وما أسم والده لنخبر المكاتب الأخرى بأنه هنا، ثم أعطتني قطعة حلوى قالت قد تساعدك. ورأيت على مكتبها عددا من قطع الحلوى والشكولاته علمت أنها حاولت تقديمها للطفل فرفضها.
عدنا الى الطفل وهو ما يزال يركل بكل قوة كأنه ينتقم من هذا المسكين! فقلت له ما اسمك: قال: محمد، قلت ما اسم والدك؟ قال بابا! قلت له ما اسم بابا؟! فاجهش بالبكاء وقال بابا! بابا!! بابا!!! (افهم اسمه بابا!!!)
فقلت له هل جئت أنت وبابا فقط؟ قال نعم.. ولكني رأيت أنه صغير ولن يصحبه رجل بمفرده
اعطتيه الحلوى فرماها على الولد الضخم (هههه)
فقلت هل جاء أحد معكما؟ نعم!
قلت من جاء معكم؟ بابا!!
قلت من جاء معك أنت وبابا! صديق بابا!
قلت ما اسم صديق بابا؟ لا أعرف!!
قلت ماذا عن أمك؟ انها معنا!!
قلت ما اسمها؟ قال ماما!! (هنا كدت أن أضرب على رأسي)
قلت كيف شكل بابا؟ بابا!!! لا أعرف بابا!!
فقلت له هل في جيبك رقم هاتف أو ورقة او اي شيء؟ لا!! بابا!!
هنا سأختصر
-هل والدك طويل؟
-نعم؟
-ما لون شعره؟
-لا أعلم
-هل لديه شعر؟
-نعم
-هل هو أصلع؟
-نعم (يا خيبتي!)
-ماذا يرتدي؟
-لا أعلم
وسرنا على هذا المنوال حتى صاح على حين غرة ماما!!! ماما!! ماما!!! فتعجبت من ذلك الى ان سمعت الصرخة باللهجة العراقية العذبة :" يُممممممه محمد"
عثرت علينا أمه ونظرت لي معاتبة وقالت أنت جلبته الى هنا؟ فقلت كان ضائعا وجلبوه هنا! قالت لا!! حسنا! شكرا!
قلت لها أين والده؟ قالت لا أعلم انه يبحث عنه! قلت هل لديه هاتف فأتصل به ليتوقف عن البحث؟ قالت نعم. قلت لها الرقم؟! فقالت لا أعرفه..
فذهبت أم محمد مع محمد بحثا عن بابا وصديق بابا، وكان معها 4 سيدات اخريات نسي محمد أن يقول انهن معهم..
العبرة: علموا ابنائكم اسمائكم وضعوا في جيوبهم ما يدل على هويتهم وهويتكم خاصة عند السفر وفي الاماكن المزدحمة