بات من الواضح ان الهدف الاول والاخير للعمليات الارهابية ل”داعش”الوهابية في اوروبا، هو ضرب كل امكانية لتشكيل تجمعات اسلامية اوروبية، يمكن ان تؤثر في المدى البعيد على سياسة البلدان الاوروبية وقراراتها ازاء قضايا العالم الثالث لاسيما القضية الفلسطينية، عبر اظهار المسلمين بانهم غرباء ومجرمون، ومن الصعب او المستحيل دمجهم في المجتمعات الاوروبية.

رغم انه لم يعد خافيا على احد هوية “داعش” الوهابية والجهات التي تقف وراءها والاهداف التي تسعى لتحقيقها، الا ان تفجيرات باريس الاخيرة والمجازر التي ترتكبها “داعش” في ليبيا”، جاءت لافهام الذين مازالوا يعتقدون الى الان ان “داعش” تنظيم “سني” متطرف، ظهر ل”ينتقم” من “الشيعة الروافض المشركين”، ان هذا التنظيم لا علاقة له بالدين ولا بالمذهب ولا بإي صراع طائفي او مذهبي، بل هو تنظيم وهابي ينفذ اجندات صهيونية تتلخص في تفتيت المنطقة وشرذمة شعوبها لتخرج “اسرائيل” الأقوى من كل هذه الفوضى التي تضرب المنطقة.

اول ظهور ل”داعش” الوهابية كان في مناطق مختلطة تضم السنة والشيعة في العراق وسوريا، ليكون بالامكان ايجاد المبررات لتشكيل هذا التنظيم، عبر الترويج لمزاعم لا توجد الا في ادمغة الوهابية والمتطرفين والحاقدين والمشبوهين ك”تهميش السنة” و” ابادة السنة” و“الدفاع عن الصحابة وامهات المؤمنين”، وجذب الشباب المتطرف والمتناغم مع الخطاب الطائفي التكفيري، واشعال حرب تحرق الاخضر واليابس في المجتمعات العربية كما يحصل الان في العراق وسوريا واليمن، ظاهرها “حرب طائفية بين السنة والشيعة” وباطنها حرب استنزاف للمقدرات العربية، بهدف اضعاف البلدان العربية التي كانت ومازالت “اسرائيل” تتخوف من قدراتها العسكرية، الامر الذي يؤكد بما لا يقبل الشك، ان مثل هذا الصراع لا يصب الا في صالح الصهيونية العالمية و“اسرائيل”.

بعد ان تجذرت “داعش” الوهابية في المجتمعات العربية ذات الطوائف المتنوعة، انتقلت الى مناطق “سنية خالصة”، وهناك لم يعد السبب الوجودي لها (القضاء على الشيعة الروافض) مبررا، لذلك لجأت الى السبب الجديد المبرر لتمددها وهو وجود حكومات “مرتدة”، كما في مصر وتونس والجزائر ومالي ونيجيريا وباكستان وافغانستان، ومارست “داعش” الوهابية، ذات الجرائم كالذبح والسبي والتفجير واستهداف القوات المسلحة بالذات في كل الدول التي اشرنا اليها، ولا توجد جهة ما في اي من هذه الدول، مهما كانت توجهاتها، تتمنى اضعاف جيش بلادها، وادخال المجتمع في فوضى الفتن والصراعات، لذلك تشير كل الاصابع الى “اسرائيل” بانها المستفيدة الاولى والاخيرة من انهيار الجيوش العربية والاسلامية.

ظهور “داعش” الوهابية في اوروبا، كما في فرنسا، كان بحاجة الى تغيير مبرر “الارتداد” الى “الكفر” ليكون اكثر اقناعا، بينما بات من الواضح ان الهدف الاول والاخير للعمليات الارهابية ل”داعش”الوهابية في اوروبا، هو ضرب كل امكانية لتشكيل تجمعات اسلامية اوروبية، يمكن ان تؤثر في المدى البعيد على سياسة البلدان الاوروبية وقراراتها ازاء قضايا العالم الثالث لاسيما القضية الفلسطينية، عبر اظهار المسلمين بانهم غرباء ومجرمون، ومن الصعب او المستحيل دمجهم في المجتمعات الاوروبية، وهو هدف من الواضح جدا ان الصهيونية العالمية هي المستفيدة الوحيدة من تحقيقه.

اخيرا لم يعد خافيا، بعد كل هذه الفوضى العارمة التي تضرب المنطقة العربية الاسلامية منذ ظهور “داعش”، ان “اسرائيل” تعيش عصرها الذهبي، بعد ان جرت “داعش” العرب والمسلمين في صراعات عبثية لا افق لها، وبعدما شوهت صورة الاسلام والمسلمين في اوروبا والعالم، الامر الذي يؤكد ان هناك ارادة صهيونية عالمية وراء كل ما يجري، وان من الغباء تبرير ما يجري بانه صراع “سني شيعي ” او “صراع بين مجموعات مسلحة متطرفة دينيا والحكومات الاستبدادية”، او “صراع بين مسلمين غاضبين وبين اوروبا صاحبة التاريخ الاستعماري، فكل الحقائق والوقائع التي شهدتها وتشهدها المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، تشير الى ان “داعش” الوهابية، ليست سوى معول بيد الصهيونية العالمية لهدم الاسلام، والابقاء على “اسرائيل” قوية امنة في بحر من الفوضى والدمار.