السومرية نيوز / كركوك
لم يكن مؤيد شكور يتوقع أن يعود إليه نجله يوسف من المدرسة في ظهيرة ذلك اليوم بعين واحدة بعد أن تسببت معلمته بفقدانه إحداهما نتيجة ضربة تلقاها بـ"الخطأ" عقابا على مشادة حدثت مع صديقه.
الطفل يوسف صاحب العينين الخضراوين أطفئت إحداهما، من يد كان يفترض بها تعليمه الفن والتعامل اللطيف، لكن المشهد انقلب وحصل على "عاهة مستديمة" بدل التعلم.
"تألمت كثيرا وأحسست بماء يسيل من عيني لكنهم منعوني من العودة إلى المنزل"، يقول يوسف ذو الـ12 عاما وهو تلميذ في المرحلة الابتدائية تعرض للتعنيف على يد معلمة مادة التربية الفنية بمدرسة الفراهيدي في محافظة كركوك.
ظاهرة ضرب التلاميذ في المدارس مازالت منتشرة حتى اليوم في العراق، على الرغم من التطور والإرشاد التربوي في المؤسسات التعليمية، وفي واقع الحال فان ذلك يعود إلى قناعة قديمة لدى بعض المعلمين بأن الضرب وسيلة لفرض الهيبة.
ويؤدي الضرب في المدارس إلى آثار سلبية قد تؤثر على شخصية التلميذ على المدى البعيد، أو تجعله يتخوف من الدراسة وينعزل عن التحصيل العلمي، في وقت تعاني فيه المنطقة العربية من تراجع مستويات التعليم وانتشار الأمية.
خرطوم ماء عقوبة الطلبة المشاكسين
ويروي يوسف لـ السومرية نيوز تفاصيل الحادثة التي تعرض لها قائلا "بعد شجار وقع بيني وبين أحد أصدقائي قامت المعلمة باقتيادنا إلى إدارة المدرسة، وهناك أخرجت خرطوم ماء صغير وطلبت منا فتح أيدينا"، مبينا أن "المعلمة بدأت بعد ذلك بضربنا حتى أصابت إحدى ضرباتها عيني".
ويضيف "لم أتمكن من تحمل الألم وذهبت مسرعا إلى مدير المدرسة وقلت له بانني أريد الذهاب إلى المنزل لكنه رفض ذلك وأشار بيده نحو الباب وأبلغني بأن أذهب وأقف قرب بوابة الإدارة حتى شعرت بماء يسيل من عيني".
عائلة يوسف تشبه إدارة المدرسة بـ"داعش"
خبر إصابة يوسف كان له وقع شديد بين أفراد عائلته الذين هرعوا بدورهم إلى المدرسة لمعرفة تفاصيل الحادثة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الإدارة، وفقا لخاله حازم ناظم وهو محام في نهاية العقد الثاني من عمره.
ويقول ناظم لـ السومرية نيوز، إن "مدير المدرسة ومعاونه وتلك المعلمة يشكلون مصدر خطر على المجتمع"، لافتا إلى أن "القاعدة وداعش يقومان بأعمال إجرامية ضد الفقراء والمساكين بطريقة، وهؤلاء بطريقة أخرى".
ومضى ناظم الذي وقف يتحدث بيأس وعيناه بدا عليهما الاحمرار "أطالب وزير التربية بالتدخل الفوري.. لن نسكت وسوف نتخذ الإجراءات القانونية بحق إدارة المدرسة".
تشكيل لجنة لإماطة اللثام عن ملابسات الحادثة
بدورها سارعت مديرية التربية في محافظة كركوك إلى تشكيل لجنة متخصصة من الإرشاد التربوي للتحقيق في الحادثة وإماطة اللثام عن ملابساتها.
ويؤكد مدير التربية بالوكالة فرحان محمود لـ السومرية نيوز، أن "اللجنة شرعت بإجراء تحقيق مع إدارة المدرسة والمعلمة لغرض إثبات الحالة".
ويبين محمود أن "هناك زخما كبيرا في أعداد الطلاب بمدرسة الفراهيدي كونها تستقبل نسبة عالية من النازحين وطلبة المناطق الكردية المجاورة لعدم وجود مدارس عربية في تلك المناطق".
وعلى الرغم من تأكيدات مديرية التربية وإدارة المدرسة باستمرار الدوام الرسمي، إلا ان ذلك لم يطمأن الأهالي على أولادهم، لاسيما وأن التقارير الطبية أثبتت أن الضربة التي تلقاها يوسف تسببت بحدوث نسبة عجز في عينه اليسرى تصل إلى 65%.
استمرار مسلسل تعنيف الأطفال داخل المدارس في العراق لم يقف عند هذه الحادثة فحسب، إذ سبقتها العديد من الحالات مع فارق التنفيذ، كان آخرها حادثة مدير مدرسة الزهاوي في محافظة ميسان الذي صدرت بحقه مذكرة قبض نتيجة قيامه بضرب عدد من التلاميذ الصغار بشكل مبرح، ما أثار حالة من الاستهجان الشديد في الأوساط المحلية